الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 19th April,2004 العدد : 55

الأثنين 29 ,صفر 1425

في شعرية رشيقة متقشفة:
عبدالرحمن الشهري يصف (سمرة الرغيف) الفاتنة
مطالعات
عبدالحفيظ الشمري
تغرد قصائد ديوان (أسمر كرغيف) للشاعر عبدالرحمن الشهري خارج سرب الشعر المألوف، اذ تأتي كل قصيدة على هيئة إشارة موجزة تحمل ألق الحياة المعاندة.. تلك التي تحاول جاهدة أن تفي بوعدها أمام القارئ وتكون أكثر وفاءً لفتنة الشعر الذي يتلون وفق ما ترومه حالة الشاعر من خلوص وهروب من ألم عصي يأتي على هيئة بوح لاعج.
يختار الشاعر عبدالرحمن الشهري إيقاع القصيدة الحديثة.. تلك التي تأتي على هيئة رؤية وامضة تسجل دفئها وسط هذه الشتاءات الموحشة التي يقتنص الشاعر مشهدها الأكثر تأثيراً لنراه وقد صاغ مفردة الألم الإنساني بشكل حتى اننا نقف على سيرة هذا الألم في قصيدة (تصفحته لاحقاً) (الديوان 23)، فالمفردة التي تورده على لسان الشاعر صاغت حجم وجودها بما تحمله من دلالة توحي بالفتنة الشقية من ألم العشق للإنسان البسيط الذي يتبادر للذهن سعيه وشقاؤه والتصاقه بالرغيف وتلونه بالسمرة الفاتنة:
(هكذا أنت..
أسمر كرغيف أعدته
أمك ذات صباح
على الجمر
حتى تكون مديناً لها
بالحياة)
(الديوان ص 23)
يكثف الشاعر الشهري خطابه الإنساني ليحوله وبمعالجة فنية إلى ومضات فلسفية تحمل روح العمق، وتدرس فضاء حياة البسطاء الذين تحضر وجوههم كلما حضرت سيرة الرغيف، ولاسيما هؤلاء الذين يكن لهم الشاعر عظمة الوفاء وسخاء المودة لنرى القصيدة وقد استوحت فكرتها الأصلية من فتنة الانحياز الى (الحب) بوصفه ظاهرة قوية استمدت منها القصائد هويتها لتتأسس على هذا النهج المفعم بالمودة روح هذه القصيدة وقصائد أخرى في الديوان، لتصبح المحصلة النهائية خطاباً يستمد فتنته وزهوه من ألم البسطاء.
نوازع الشعرية.. إضمار الود
يكثف الشاعر لغته، ويتقشف بعناية فائقة من أجل أن يؤسس جوهر الظاهرة التي تأسره.. تلك التي تتمثل في بحثه عن (الأنا) المضمرة دوماً لألق الود، فتارة نراه وقد داوم البكاء على وجه ذلك البحر الرائع ليستعرض من خلال زرقته حطام تلك الابتسامات التي ظلت تقاوم الجفاء والصمت حتى غلّه الشيب ولم يظفر بذلك البهاء:
(غلّه الشيب..
ولازال كالتمر
يهذي بسكرةٍ واحدة..) (الديوان ص 40)
وتقصر اضمامات الود وتتسارع بشكل قوي حتى نرى أن القصيدة قد ارتسمت بكلمات معدودة جداً قد لا تتعدى سبع كلمات كما في (نص) (يعد طول انتظار..) (تتساقط عيناي..
حين أقلبها في ربيع امرأة..) (الديوان ص 50)
فالشاعر هنا يصور حياة الإنسان كاملة في هذا المشهد الذي يجسد جاذبية الجمال، لكن هذه الجاذبية تتشفى على نحو ما نراه في النص حيث جاء الاستهلال بكلمة.. (تتساقط.. ) منبئاً عن مآل التحول عن متعة النظر إلى فداحة النتيجة التي سيكون عليها الشاعر لحظة النظر الى امرأة تشبه الربيع.
فالود هنا مضمر المعنى لما بعد الملامسة الأولى والمشاهدة العابرة نحو ذلك الألق اللامرئي في حجب الجوهر والمضمون حيث تختبئ جاذبية الإنسان حتى يأتي من يحاول كشفها على نحو ما استنطقه الشاعر الشهري في هذه القصيدة.. حتى ان القصائد التالية لهذه القصيدة تحافظ على هذه النزعة الشعرية التي تضمر الود وتفتش في أسرار الحياة هنا وهناك.
إيماءة
* أسمر كرغيف (شعر)
* عبدالرحمن الشهري
* المؤسسة العربية للدراسات بيروت 2004م
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved