الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 19th April,2004 العدد : 55

الأثنين 29 ,صفر 1425

جزءٌ من مشروع السياحة
السياحة والفنون التشكيلية المتاحف والمعارض الفنية
الدكتور فواز بن فهد أبونيان*
كنت يوماً أتابع لابني دروسه وعند الوصول إلى كتاب القراءة كان الموضوع عن السياحة بالمملكة والمناطق السياحية والاهتمام بها، ووجدت الموضوع جيداً في طرحه، وطرأ على مخيلتي الفنون التشكيلية ولماذا يتم تهميشها من العمل السياحي في المملكة، وحتى لا أكون متجنيا في قراري فقد رجعت إلى مصادر البحوث التي قدمت في (ندوة الإعلام والسياحة الداخلية الواقع والآفاق المستقبلية) في أبها عام 1422هـ واستعرضت البحوث المقدمة ولم أجد حتى تنويها لها مما استثارني لكتابة هذا الموضوع لطرح وجهة نظر لعلها تجد من يتبنى فكرتها لترى النور ولو بعد حين.
فالسياحة نمط حضاري برز كصناعة ترويحية وتثقيفية ودخل قومي منذ مطلع القرن الماضي وتقوم على صناعته اقتصاديات دول كاملة وذلك استثمارا لمرافق تاريخية وأثرية كالمساكن والقصور والقلاع أو الطبيعة الخلابة من جبال ورمال وأنهار وبحيرات أو المتاحف التاريخية أو المتاحف الحديثة لشتى أنواع الجوانب الحياتية من صناعات مختلفة كالسيارات والطائرات والماكينات والأدوات بالإضافة إلى المتاحف والمعارض التشكيلية العالمية.
وفي المملكة العربية السعودية توجه سياحي يخدم المصالح الوطنية ضمن رؤية استراتيجية تستمد عناصرها من المقومات السياحية الدينية والتاريخية والبيئية والترفيهية والتسوق وغيرها المنتشرة في مناطق متعددة من المملكة والتي لها خصوصية جذب السياحة لها. والتوجه القوي لقيادة المملكة بالاهتمام بقطاع السياحة كمصدر للدخل القومي توج بإنشاء (الهيئة العليا للسياحة) وتعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان أميناً عاماً للهيئة، والذي يسعى لحصر مجالات السياحة والمناطق السياحية في المملكة لوضع خطط تفعيل البرامج السياحية واستراتيجيات جذب المواطن السعودي للسياحة الداخلية.
وتمتد السياحة لتشمل السياحة الثقافية بأوجهها المتعددة مثل الندوات والمحاضرات واللقاءات بين الأدباء والمثقفين والفنانين والمعارض الفنية والمتاحف نظراً لما للفنون التشكيلية من أهمية في المجال السياحي في عدد من دول العالم التي يقصدها المهتمون بالفنون التشكيلية للاطلاع على المعارض التشكيلية المتنوعة وأشهرها لقاء البينالي العالمي والذي يقام في العديد من مدن العالم مثل بينالي فينيسيا بإيطاليا والقاهرة والشارقة وبنغلاديش، ومعارض عالمية أخرى مثل المعرض التوثيقي العالمي (الديكومنتا) بألمانيا ومعارض عالمية متخصصة مثل معرض الخزف والطباعة، وهذه المعارض تحظى بمشاركات عالمية من فنانين مشهورين وتستقطب زواراً من مختلف أنحاء العالم. وقد استثمرت هذه المدن هذه الاحتفالية العالمية بإقامة فعاليات تواكب هذا الحدث الهام من محاضرات وبرامج ترفيهية وتعريفية لمرافق المدينة.
والفنون التشكيلية لغة بصرية لا تحتاج إلى مترجم للمتذوق والرائي بل طبيعة الإنسان وحبه للجمال والتفاعل معه وادراكه للقيم الجمالية والإبداعية تدفعه إلى زيارة المعارض التشكيلية. وتستقطب لندن وباريس وروما وبرلين وواشنطن ونيويورك والقاهرة ملايين الزوار سنويا لزيارة متاحف الفن المتعددة خلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين. ويقصد السائح هذه المتاحف لمشاهدة مجموعة أعمال فنية لمدرسة فنية مثل المدرسة التكعيبية أو السريالية أو أعمال فنان واحد مثل الفنان فان جوخ أو بيكاسو ويحدث أن يُزار المتحف لأنه يعرض عملاً فنياً مميزاً لتاريخه مثل لوحة (الموناليزا) كمثال لذلك. وكذلك الأعمال الفنية المجسمة الكبيرة التي في الميادين كما هو في مدينة جدة والتي تعتبر أكبر معرض مفتوح للمجسمات الجمالية في العالم، فالوكالات السياحية العالمية تضع ضمن برامجها السياحية لكل بلد زيارة لمتحف الفن المعاصر للفنون التشكيلية فيها.
فالسياحة التشكيلية أحد المقومات الثقافية للسياحة المعاصرة في المملكة والتي تربط الحاضر بالماضي في حركة ثقافة متحركة تتم بين الأصول التاريخية للفنون الإسلامية من مخطوطات ورسوم وتصوير ومشغولات نحاسية وخشبية، والفنون المعاصرة بما فيها من تعدد لمجالاتها وأساليبها.
إن دور الهيئة العليا للسياحة مهم في التأكيد على تكامل المناشط السياحية في المملكة ولعل المسؤولين على السياحة يدعمون جانب الفنون التشكيلية في المملكة لتكون مصدراً سياحياً جديداً، ويمكن ان يتحقق ذلك من خلال التنسيق مع المؤسسات الحكومية المعنية في التالي:
إنشاء متاحف الفن السعودي المعاصر والفن الحديث في عدد من مناطق المملكة.
إنشاء متاحف للفن الإسلامي، والفنون القديمة.
إنشاء صالات متخصصة للفنون التشكيلية.
التنسيق مع المتاحف العربية والعالمية لعرض مقتنيات من الفنون الإسلامية واعمال فنية تشكيلية داخل المملكة.
اقتناء أعمال تشكيلية من الفنانين السعوديين وفنانين عرب وفنانين من دول أخرى (اهداء، شراء أو للعرض...)
وهناك أفكار كثيرة لدعم الفنون التشكيلية وادراجها ضمن البرامج السياحية انطلاقا من المحافظة على الهوية الوطنية في ظل الزحف العالمي في الحركة الثقافية المعاصرة والتي نسجت خيوطها تحت مسمى العولمة الثقافية كبقية المجالات من اقتصاد وتعليم وغيرها، وحتى لا نقف مكتوفي الأيدي ومحدقي العيون في انبهار لا نستفيق منه إلا بعد ان تنطمس هويتنا الثقافية والتشكيلية.
إن هذا النمط السياحي مطلب ضروري في العصر الحاضر حتى لا تكون سياحتنا مبتورة لا تواكب التوجه السياحي العالمي، وان وضع اللبنات الأولية لمتحف الفن السعودي المعاصر سيكون نواة لقاعات عرض دائم داخل المدن وبمرور الزمن تتحول هذه القاعات إلى متاحف فنون مشهورة تحتوي على أعمال فنية من مختلف أنحاء العالم، وليس هذا بمستبعد فالرئاسة العامة لرعاية الشباب وجمعية الثقافة والفنون وقطاعات أهلية لديها مخزون هائل من الأعمال الفنية والتي تمثل كنزاً ثقافياً تشكيلياً يمكن البداية به.


الأستاذ المشارك بقسم التربية الفنية
كلية التربية جامعة الملك سعود

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
ذاكرة
مداخلات
الملف
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved