الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 19th May,2003 العدد : 12

الأثنين 18 ,ربيع الاول 1424

ثورة في السنة النبوية
تأليف : غازي عبدالرحمن القصيبي / الناشر: دار الساقي، 2003م.

اختار القصيبي سبعة أحاديث نبوية انتقاها من جامع الأصول لأحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام لأبي السعادات ابن الأثير، ضمنها سبع مقالات هي محتوى هذا الكتاب، الأحدث في إصدارات القصيبي. تناولت الأحاديث جملة أمور تهم الشأن العام، والحياة الإنسانية على وجه العموم بكل ما يموج فيها من ممارسات سلبية على الأصعدة الاجتماعية والسياسية و الأخلاقية والسلوكية.
وقد جاءت النصوص والتعليق عليها على النحو التالي:
النص الأول: حديث عن ابن اللتبية الذي استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة، فلما قدم طفق يقول عند أداء ما عليه: هذا لكم وهذا أهدي إلى، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطب الناس وكان مما قال: «إني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله، فيأتي ويقول: هذا لكم وهذا أهدي إلى!! أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا.. الحديث »، علق القصيبي على النص بكشف الواقع المؤلم للمسلمين عبر استعراض بعض مظاهر الفساد المالي في بلاد المسلمين، من رشوة، وسرقة، ونهب، واحتيال، وما يدور في مجال هذه الألفاظ من فساد كبير: «أتمنى لو وضعت كل دولة إسلامية هذا الحديث في الصفحة الأولى من نظام الموظفين، ولو درسته في كليات الإدارة، ولو علق على لوحة في كل مكتب حكومي. .صوّر النبي عليه الصلاة والسلام عذاب من يجيء يوم القيامة يحمل بعيرا تلقاه رشوة، فماذا سوف يكون حالنا نحن موظفي اليوم، إذا جاء الواحد منا يوم القيامة يحمل عمارة من عشرين دورا، أو أسطولا من السيارات الضخمة الفخمة ؟ «الويل كل الويل لمن جاء يوم القيامة يحمل وطناً كاملاً سرقه بدبابة ذات ليلة ليلاء..».
النص الثاني: حديث أم حرام بنت ملحان، التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلها مع الغزاة الذين أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عنهم، وأنهم يركبون البحر، وإخباره عليه الصلاة والسلام أنها معهم بل في الأولين منهم. وقد رأي القصيبي في هذا النص الشريف دلالة على جواز مشاركتها في القتال : » إن النص يبين بوضوح ما بعده وضوح، كيف نظر إمام الأمة عليه الصلاة والسلام، إلى دور المرأة في المجتمع (والعسكرية)، فرأى أنه يشمل الغزو في البحر مع الرجال، وأنا به من المقتدين، ولو رغمت أنوف ! ».
النص الثالث: وقد دار حول أمر النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن عبادة بضرورة اتباع قواعد الإثبات الشرعية فيما لو وجد رجل يزني بأهله، وأنه لا يجوز له قتله، بل يمهله حتى يأتي بأربعة شهداء. وإلا عمت الفوضى وسادت الفتنة. وقد أفاض القصيبي في التعليق على هذا الشأن الأخلاقي الشرعي المهم، مستعرضاً ما يموج به المجتمع الإسلامي من تجاوز خطير يهدد أمان المجتمع وتماسكه.
النص الرابع: هو حديث عن الرجل الذي اطلع على بعض حجرات النبي صلى الله عليه وسلم فقام إليه بمشقص ليطعنه.
النص الخامس : حديث عن المرأة البغي التي سقت كلباً من عطش، فشكر الله لها وغفر لها. وقد علق المؤلف على النصين المؤلف باستعراض عدد من المفارقات التي يراها ، بين الغرب الكافر، وبين أهل الإسلام في مدى التزامهم بمضمون هذين الحديثين ونحوهما : «إن الصحوة الإسلامية لا تتحقق بحفظ النصوص، وتلاوتها، ومراعاة المظاهر الخارجية، ولكنها تتحقق بتحويل النصوص إلى جزء حي نابض من حياة كل مسلم، في كل مجتمع إسلامي، كل يوم»
النص السادس : وموضوعه عن «العزل»، و إقراره صلى الله عليه وسلم أصحابه عليه، يعلق عليه المؤلف بذكر أقسام الناس حيال مسألة النسل، منعا منه أو إطلاقا له بلا مراعاة أي واجب للأبناء تجاه آبائهم، مع دعوة صريحة إلى تنظيم النسل، تكون وسطا بين تحديده المخالف للفطرة والشرع، وبين إطلاقه مع عدم القيام بالواجب تجاه الأبناء تربية وإصلاحا : » مِن مَنع النسل أن يعمد القادرون على إنجاب عدة أولاد إلى الاكتفاء بولد واحد ضنا على أوقاتهم الثمينة من أن تضيع في تربية الأولاد، كما يفعل معظم سكان العالم الصناعي، وكما يفعل تلامذتهم ومريدوهم في العالم النامي. نتيجة هذا المنع بدأت معدلات النمو البشري في المجتمعات الصناعية تتناقص على نحو واضح دفع المفكرين إلى دق ناقوس الخطر، محذرين من أن يؤدي التناقص المستمر إلى الاضمحلال، ونجد في الجانب الآخر من الصورة، أناس لا يستطيعون القيام بعبء ولد واحد، ومع ذلك فهم حريصون على إنجاب الحد الأقصى من الأولاد، لأسباب أنانية تتعلق بمصلحتهم هم لا بمصلحة الأولاد، ويستوي، بعد أن يكون الدافع التباهي بالفحولة أو الرغبة في الحصول على أكبر عدد ممكن من العمال «بالمجان». هؤلاء الآباء ينجبون الأولاد ثم يتركونهم بعد إنجابهم بلا تعليم، بلا رعاية صحية، بلا غذاء، عرضة المرض وفريسة الجوع. يولد الواحد من هؤلاء الأطفال ليواجه مستقبلا مظلما: إن سلم من أمراض الطفولة لم يسلم من أمراض الصبا، وإن سلم من الأخيرة استقبلته أمراض الرجولة، ثم تلقته مشكلة البطالة، في مجتمعات لا تضمن لمواطنيها عيش الكفاف. إن النمو السكاني الهائل في الدول النامية هو بمثابة قنبلة متفجرة، تحمل معها خطر المجاعات التي لا تبقي ولا تذر. إن شريعة الله الخالدة التي تحرص على بقاء الإنسان على الأرض ,تقدر أن هناك حالات تتطلب فيها الضرورة، وأعني الضرورة الحقيقية الملحة لا الموهومة، تنظيما مؤقتا للنسل، وأشدد على الصفة المؤقتة لهذا التنظيم ». النص السابع : وهو حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه «إن الله يعذب الذين يعذبون في الدنيا »، يبدأ تعليقه باستعراض» موسوعة العذاب » لعبود الشالجي، بأجزائها السبعة، مستعرضاً بعض حوادث التعذيب التي مورست من مسلمين ضد مسلمين بأساليب غاية في الوحشية، متسائلاً عما يلقاه المعارضون السياسيون في الدول الإسلامية من أهوال على يد الأجهزة الأمنية، مستعرضاً كذلك بعض الممارسات في الغرب ومايقابلها في البلدان الإسلامية في مسألة التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان : «ألا نخجل ونحن نرى القيامة تقوم في الغرب عند ضبط شرطي واحد متلبساً بضرب مواطن واحد، بينما يُعتبر ضربُ المواطنين في بلاد المسلمين عملاً روتينياً يومياً يمارسه الشرطي كما يمارس بقية روتينه اليومي؟لو كان لي من الأمر شيء لوضعت في كل كلية أمنية في بلاد المسلمين مادة اسمها «إن الله يعذبُ الذين يعذبون الناس في الدنيا» ولو كان لي من الأمر شيء لفرضت دراسة المادة فرضاً على كل من يملك سلطة الأمر بضرب أو حبس أو تغطيس!». حول هذا الكتاب «ثورة في السنة النبوية » يقول الشيخ محمد العوضي في جريدة الرأي الكويتية : كتاب القصيبي شبيه الى حد ما بفكرة كتاب محمد قطب «قبسات من الرسول»، وكان الحديث السادس الذي شرحه، يتفق مع حديث العذاب الذي أورده القصيبي، حيث ذكر قطب تحت عنوان: «وَليُرح ذبيحته»، حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «ان الله كتب الاحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، واذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته», وربما يكون هذا الحديث أنسب وأقرب للاحاديث التي أوردها القصيبي حول الرفق بالحيوان، لكن تذكير الإنسان لانسانيته وهو مقبل على الذبح فيه معنى عظيم تطَّلع عليه عندما تقرأ شرح محمد قطب للحديث... التعالي عن الضرورات الى الإحسان، ولقد أخبرني أستاذنا محمد قطب الذي درسنا مادة مذاهب فكرية معاصرة في جامعة أم القرى عام ((1988) بأن ادارة مراقبة الكتب عند صدور الكتاب في صيغته الأولى حذفت منه، تجربته التي ذكرها في السجن إبان الحكم الناصري.
الفرق بين القصيبي وقطب في قصة العذاب والتعذيب، أن قطب عاش التجارب واقعاً، بينما القصيبي وهو الأديب الذي يعرف ما يسميه نقاد الشعر «بالتجربة الشعورية» أو «المعايشة الوجدانية»، ينقل لنا واقعاً تعيشه الأمة، فالأول تعذب حسياً فأنطقته التجربة كتابةً والثاني تعذب داخلياً للمعرفة بالواقع العربي المر، فسطره حبراً والمشهدان يقولان لنا: فلنقف جميعاً بجميع الاتجاهات الفكرية وألوان الطيف السياسي والانتماء المذهبي ضد هذا الذي ينتهك انسانيتنا «التعذيب».
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مسرح
وراقيات
مداخلات
المحررون
الملف

ارشيف الاعداد


موافق

ابحث في هذا العدد

للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved