الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 19th June,2006 العدد : 158

الأثنين 23 ,جمادى الاولى 1427

قضية العقول.. والتأهيل العالي!!
أ. د. زكريا يحيى لال

لا يزال المجتمع العربي يبحث عن ظاهرة هجرة العقول العربية، والوسائل والطرق الكفيلة بإعادة بعضها من أجل الإسهام في برامجه التنموية!! والحقيقة يذكِّرني هذا النداء الذي أعرفه وتعرفونه من قبل أكثر من ثلاثة عقود بموضوع العمالة التي تعمل في الخليج ومنها بلادنا، إذ إن أكثر من 85 في المائة منها، كما ورد في وكالات الأنباء لا تملك المهارات الفائقة للعمل، ولذلك يأتي الحرص من هذه العمالة على تنمية مداخيلها الشخصية أكثر من أن نستفيد منها في الأعمال المؤهلة للتطوير المطلوب في الحقول المختلفة، حتى إن من هذه العمالة مَن لا يملك إلا صفراً على الشمال في أدائها، ولذلك يقوم المواطن أو غيره بمساعدتها في الوصول إلى شيء من الاهتمام بالأداء بعد تدريبها.
إن قضية العقول المهاجرة، ما هي إلا أجسام مهاجرة في أكثرها تبحث عن سبل أوفر للمعيشة من حياتها في بلادها، هذه فئة، والفئة الثانية وهي قليلة جداً تخرج أو تهرب في نظير بعض الأعمال السياسية المكفّرة لمجتمعها، والثالثة من هذه الفئات هم من خريجي السجون، والمصحات العقلية الاستشفائية، ومنهم بعض مَن ينخرطون مع بعض الجماعات أو الأقليات المدعية حماية نظامها الديني من الحكام وافتراضاتهم، وكما ذكرت في الشطر الأول من هذه العقول التي عاشت فترات للدراسة في الخارج ومنها الولايات المتحدة الأميركية، وهي تشكِّل نسبة قليلة جداً، إذ قبل الحادي عشر من سبتمبر 2001 تدفقت الهجرة من مختلف أنحاء العالم ومنها الدول العربية، مصر، وفلسطين، والعراق، وليبيا، ولبنان، وسوريا وبعض دول المغرب، ومن هذه الهجرة ما هو سيئ للغاية لأنهم يشكِّلون هروباً من أعمال ارتكبوها، وهذه الأعمال تتضمن الاختلاسات، واللصوصية، والاغتصاب، والسرقة، والترويج والعمل بالمخدرات والشعوذة والدجل، وتهريب الأموال والعمالة، والتجارة بأشياء خارج القانون، أو هي أعمال تتنافى مع التشريع الإسلامي، وبعد خروج هذه الفئة من السجون يلجأون إلى الهروب إلى الولايات المتحدة الأمريكية بكثير من الحجج الواهية، ومنها الرحلات والزيارات، وبعدها تصبح التأشيرة غير صالحة للعمل فتبدأ الاتصالات وأعمال الرشوة، وأعمال مخالفة للواقع الأميركي المتحضِّر إلى تغيير التأشيرة إلى دراسة أو عمل في محيط من الأصدقاء العرب والمسلمين الذين تلمسوا نفس الطريق ووصلوا إليه بشتى الطرق من أجل الحياة في أميركا؟! هؤلاء لا يمثِّلون عقولاً ناضجة، ولا عقولاً يُستفاد منها، ولكن العقل الأميركي المشاع، الفذ، الذي يعترف بالثقة من بدايتها دون اللجوء إلى الكذب هو الذي مهَّد لهذه الفئة أن تجد مكانتها بين أبناء الشعب الأميركي!!
ولنضرب مثالاً بالعالم المصري الفذ أحمد زويل الذي غادر مصر للدراسة في أميركا، وعندما وجد الأرضية المناسبة لدراسته ووجد مَن يعتني به، ومَن يدرِّبه، ومن يكفل له مستقبلاً علمياً وصحياً أرقى للاستفادة به في أميركا، مضى في طريقه للهجرة ووجد من يكفل له كل الإمكانيات لمواهبه البارزة، وهذه الفئة تعد على الأصابع، إلا أنها من غير العقول الانتهازية التي وجدت في أميركا أرضاً خصبة حتى للإجرام، والتلاعب بمبادئ قومية عريقة منها الثقة، والعمل من أجل أميركا؟! إلا أن حادث الحادي عشر من سبتمبر كشف الكثير من دجل وانتهازية البعض من العرب والمسلمين الذين يستثمرون حياتهم في السرقة والتلاعب بالمجتمع الأميركي، منها جمع هؤلاء أموالاً غير صحيحة، والبعض تعلَّم بعض الشيء واستفاد، إلا أن هذه الشريحة لا يمكن أن تكون من العقول المفيدة لمجتمعاتها الأصلية، ولا حتى للمجتمعات البديلة لأنها لن تصلح للاستمرارية، ولن يكون مجالها إلا الأعمال المتدنية غير المهارية العالية، ونفس الشيء تقريباً ما يوجد في بلادنا من عمالة رخيصة جداً، ومهارة متدنية جداً، ومن أجل هذا تجد مجتمعنا بعيداً عن التطوير والإنتاج الذي يفترض تحسينه وتعزيز جودته.
إن لجوء وزارة العمل للحد من هذه العمالة هو مشوار طويل مع أهمية القبول لمبدأ السعودة أولاً، وللاستفادة من المهارات والعقليات الخارجية ثانياً، فالجودة المطلوبة في التعليم لم تحقّق الكثير لفائدة طلابنا، وغدت الدراسة في بدايتها مجرد تحصيل للوصول إلى الوظيفة التي سوف توفر الكسب المادي للمواطن، غير أن الوضع الحالي يجب أن يتغيَّر ابتداءً من المناهج وتعزيز دورها للتطوير والإنتاج، إلى التدريب المعالج للمؤهلات الهابطة، ذلك أننا في حاجة إلى مراكز للتدريب والبحث العلمي مؤسسة أو إدارة وهذا هو المبدأ الأساس للاستمرار في استعمال التكنولوجيا والاستفادة من المعلوماتية التطبيقية للجميع أساتذة بالجامعات، وموظفين في الإدارات المختلفة وهي من أهم خطوات تسهيل وجود:
- الوظيفة المنتجة والموظف المنتج.
- الاستخدام الإلكتروني للتعامل في جميع الوظائف.
وأجد من الواقع أن تهتم جهات الاختصاص بتوفير الإمكانيات غير المحدودة تكنولوجياً وإلكترونياً في المدارس والجامعات والمعاهد والإدارات، وحتى الشركات والمؤسسات الخاصة، والاهتمام بالتقييم المستمر للعمل، وأخيراً التقدير للمؤهلين عالياً مادياً ومعنوياً، من ذلك نكفل خبرات وطنية مؤهلة لمستقبلنا القادم.


zak_lal@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
مداخلات
الملف
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved