الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 19th June,2006 العدد : 158

الأثنين 23 ,جمادى الاولى 1427

(إن بني عمك فيهم رماح)
قرأت كثيرا للأخ محمد الدبيسي، وهو كاتب حاذق، يتقن فن الكتابة وبسطها في وجوه مختلفة، وجوانب شتى... لكنني وفي بعض مقالاته التي نشرت في مجلتنا الثقافية كالعدد رقم 55، والعدد رقم 155، والعدد رقم 156، وغيرها وجدته إما راضيا كل الرضا، أو ساخطا كل السخط، وحين يحاكم المرء، أو يحكم من تينك الزاويتين لا... ولن يستطيع أن يدرك كنه ما يحاكمه أو يحكم عليه، فتكون أحكامه مجانبة للحق، بعيدة عن الصواب، فهو في رضاه أو سخطه لا يرى إلا ما شُبِّهَ له من محاسن أو مساوئ، لو تروَّى لكان له فيها رأي آخر، وقديما قال الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولكن عين السخط تبدي المساويا
النقد علم وفن، علم لأنه يعتمد على قوانين لا يُعفى الناقد من معرفتها، ولا يستقيم نقده إلا بها، وفن لأنه إبداع وإمتاع، تتجلى فيه قدرة الناقد على التأثير والإقناع، وحين يولد ناقد فابتهاجنا بولادته لا يقل عن ابتهاجنا بولادة أديب شاعرا كان أم ناثرا إدراكا منا أن النقد والأدب بفنيه وجهان لعملة واحدة لا يستغني أحدهما عن الآخر.
والناقد إذ يتناول عملا إبداعيا ما لابد أن يكون وفق أسس نقدية يعرفها أرباب النقد، فتكون هناك عدالة في الطرح، ومصداقية في العرض، يأنس بهما صاحب العمل المنقود ولو سُلخت فروة رأسه، ذلك لأن الحق مطلب الجميع، ولعمري لا يضيق بالنقد إلا متكبر مغرور يرى أنه أعلى من النقد، ولا يرفضه إلا فاقد الثقة في نفسه.
والأخ محمد الدبيسي في بعض مقالاته التي أشرت إلى بعضها لم يوظف حسه النقدي العالي توظيفا صحيحا، فأمسى كخبط عشواء في ليلة حالكة السواد، حيث اطرح فيها عدالة الطرح، وأعرض عن مصداقية العرض، فجاءت مغلفة بالهمز واللمز، مسكونة بالتجريح والاستهزاء والسخرية اللاذعة التي تؤجج القلوب، وتوغر الصدور متخذا من المؤلِّف دون المؤلَّف غرضا، ومن الشخص دون النص مادة... متجاوزا كل قوانين النقد وأسسه ونُظُمه المعروفة، فإن كان ذلك عن جهل... عذرناه على تجاوزه، ودعوناه لتعلم النقد علما وفنا، ليكون على بينة حين ينبري له، وإن كان عن علم... عاتبناه على جنوحه، وعليه أن يتقي ربه، ويعلم (أن بني عمه فيهم رماح).
والأدب الإسلامي الذي اتخذه الأخ الدبيسي شماعة يعلق عليها تقصير بعض المنتسبين إليه إن كان هناك تقصير عند من عرَض لهم، وعرَّض بهم، والكمال لله وحده فهو أدب خالد موجود قبل التسمية وبعدها، بل وقبل إنشاء (الرابطة) وبعده، لا يضيره نقد أجوف، ولا يحط من قدره تجاهل أعمى، لأنه أدب الفطرة السليمة التي تتخذ الإسلام منهجا وتصورا ومنطلقا.
.. لذا... وذاك... وذلك... أدعو أخي الدبيسي دعوة صادقة إلى أن يكون أكثر رشدا، فلا يدفعه الرضا إلى الباطل، ولا يثنيه السخط عن الحق عند تعاطيه النقد، وليضعْ نصب عينيه قوله تعالى {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} وأما عن الأحكام الجاهزة المعلبة فيكفي صاحبها أن ينظر أسفل العلبة ربما رمى بها في سلة المهملات، وكفى الله الناقد شر التسرع والعجلة، وقديما قال الشاعر:
قد يدرك المتأني بعض حاجته
وقد يكون مع المستعجل الزلل
والله من وراء القصد... وصلى الله على سيدنا محمد.


عيسى بن علي جرابا
Abohani1400@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
مداخلات
الملف
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved