الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 19th June,2006 العدد : 158

الأثنين 23 ,جمادى الاولى 1427

فَصْلُ حَيَاة
نورة الدامغ
تَتَسَاقَطُ الأوْرَاقُ
عِنْدَمَا تُوَاجِهُ فَصْلَ الخَرِيْفْ
أَوْ تَكُوْنُ جُزْءَاً مِنْ تَقَالِيْدِهِ المُعْتَادَة.
كَإِنْسَانٍ يَتَسَلَّمُ المَلَلُ زِمَامَ أُمُوْرِهْ
وتُصْبِحُ أيَّامُهُ شَبِيْهَةً بِبَعْضِهَا
يَبْدَأُ بِاكْتِشَافِ الجَدِيْدْ
رُبّمَا لِيُضْفِي لمَسَاتٍ جَدِيْدَة
أَوْ ليَعِيْشَ حَيَاةً جَدِيْدَة،
يَبْحَثُ عَنْ ذَلِكَ الجَدِيْد في تَفَاصِيْلِ حَيَاتِهْ
في اتِّجَاهَاتِهَا وَتَوَجُّهَاتِهَا،
يُمْسِكُ بِقَبْضَةِ يَدِهِ كُلَّ مَا يَمُرُّ بجَانِبِهِ مِنْ رِمَالٍ للحَقِيْقَة
أَوْ حَتّى ريَاحٍ لا يَتَمَكّنُ مِنْ الإمْسَاكِ بِهَا،
فتِلْكَ الرِّيَاحُ هِيَ كَالخَيَالْ
بَعِِيْدْ
يَعِيْشُ في ذِهْنِ الإنْسَانْ،
يُحَاوِل أنْ يَقْتَرِبَ فَيُبْعِدُهُ الوَاقِعْ
ويَزُجّ بِهِ في آخِرِ أَبْوَابِ الزَّمَنِ وأَقَلهَا أهَمِّيَّة،
تَسْتَمِرُّ رِحْلَةُ الوَاقِعْ
وتَسْتَمِرُّ مَعَهَا كُلُّ تِلْكَ الأَحْدَاث الرَّتِيْبَةُ المُمِلَّة
يجْلِسُ بجَانِبِهَا بِكُلّ هُدُوْءْ
ليَرَاهَا ويُحَدّقَ بِهَا
ليَكْتَشِفَ أَنَّهَا ليْسَتْ وَاقِعَاً
بَلْ قُوَّةَ وَاقِعْ
تُؤَثِّرُ عَلَيْكَ لتُحْبِطَكْ
تَسِيْرُ مَعَكْ
حَتّى تَصِلَ إلى طَرِيْقٍ يُحِيْطُكَ بِهَالَةٍ مِنْ السَّوَاد
والرُّكَامْ
مُنْتَثِرَاً عَلَى أَرْضِهْ
فَتُفَكِّرْ: رُبّمَا وَاقِعِي يَحْتَاجُ إلى خَيَالْ
فَتَسْتَدْعِيْهِ كَالسَّابِقْ، وَتَعِيْشَ مَعَهْ
مَعَ غُمُوْضِهِ وَوضُوْحِهْ وأَصْغَرِ أَطْرَافِهْ
وَيَبْدَأُ السَّباقُ بَيْنَ الخَيَالِ والوَاقِعْ
لِينْتَهِي بتَتْويجِ كِليْهِمَا أَبْطالْ أَبْطالٌ
صَنَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا الآخَرْ
فَلنُعْطِ كُلاً مِنْهُمَا دَوْرَاً في حَيَاتِنَا
لنُحْيِيْهَا بِالخَيَالِ ونُعْتِقَهَا بالوَاقِعْ
فَالاسْتِقْرَارُ مَطْلَبْ
ولَكِنّ الاسْتِمْرَارَ قَدْ يَكُوْنُ مقْلَبْ،
تَسْتَمِرُّ مَعَ نَفْسِكْ
لتُفَاجَأَ بِالوُصُوْلِ إلى تِلْكَ المَرْحَلَة
مَرْحَلَة الهُدُوْءْ
التي تَكوْنُ بِمَثَابَةِ إِلهَامٍ لِكُلِّ أحْرُفِ التَصَرّفَاتِ وعَلامَاتِ تَعَجُّبِهَا
فَقَدْ تَجِدَ أَجْوِبَةً كَانَتْ مُنْذُ زَمَنٍ في زَوَايَا عَقْلِكْوقَدْ أَحْكَمْتَ إقْفَالَهَا بنَفْسِكْ
تَتَوَسَّعُ، تُرْبَطْ، فَتَتَعَقَّدُ الأُمُوْرُ أَكْثَرْ
تَتَلاَشَى أَسْئِلَةٌ وَيَظْهَرُ تَلْوِيْحُ أخْرَى
أَعْمَقْ، أَنْضَجْ
هَذَا هُو فَصْلٌ مِنْ فُصُوْلِ الحَيَاة
لتَتَوَالى الفُصُوْلُ
ولَكِنْ بِعَشْوَائِيَّةٍ مُحَبَّذَة
بَلْ وَمُمْتِعَة تَدْفَعُكَ مُتْعَتُهَا للوُصُوْلْ
وَلَو بِأَقَلِّ الخطْوَاتْ
نَحْوَ تِلْكَ السَّلالِمِ الطَوِيْلَة
لفَهْمِِهَا، التَّوَجُّهَ نَحْوَ حَقِيْقَتِهَا
خِلالَ رِحْلَةِ البَحْثْ
وارْتِقَاء تِلْكَ السَّلالمْ تُذْهَلُ بمَا حَوْلِكْ
أَقْنِعَةٌ، أطْفَالٌ، ابْتِِسَامَاتٌ
وَأَحْيَانَاً نحِيْبٌ يَكَادُ لا يَنْقَطِعْ
رُبّمَا في يَوْمٍ وَاحِدٍ فَقَطْ
وتَسْتَغْرِق أيَّامْ
حَتّى تَرَى جُزْءَاً لم يَظْهَرْ لَكَ بَعْدْ،
فَشِيْفرَاتُ الحَيَاةِ لا يُدْرِكُهَا إلا مَنْ حَاوَلَ فَكَّهَا
ورَسَمَ لَهَا خُطُوْطَاً عَرِيْضَةً في خَارِطَةِ حَيَاتِهْ
وَاقِعَاً كَانْ أوْ جُزْءَاً مِنْ خَيَالْ
أَوْ كِليْهِمَا مَعَاً.


aldamigh_nora@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
فضاءات
نصوص
تشكيل
مسرح
مداخلات
الملف
الثالثة
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved