الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 19th September,2005 العدد : 123

الأثنين 15 ,شعبان 1426

عبدالعزيز السبيِّل والثقافة
د. صالح زيَّاد

لا تعاني الثقافة لدينا، في مستوى فعلها العالِم أو النخبوي، من أزمة المواهب والقدرات، ولا تعاني من الطاقات الدؤوبة والباذلة، عملياً، جهدها ووقتها، مستشعرة لذاذة المعاناة وحدبها المشبع بشغف العاشق في أن تفكر وتبحث وتؤلف وتكتب وتبدع. وذلك، تماماً، في اتجاه معاكس للصورة النفطية المترفة التي تشاع جهلاً أو تجاهلاً عنا، وللصورة التقليدية التي تبدو مفهومة عنا بشكل يعمم على فعلنا الإنساني معاني الدروشة أو التعصب، ويختزله في شكل غارق في الماضي وغير مكترث معرفياً ووجدانياً بالعصر والعالم والتاريخ.
لكن هاتين الصورتين، صورة الجاهل الغني، وصورة الدرويش المتعصب، وعلى الرغم من تجنيهما على الحقيقة والواقع، آلتا إلى مؤدَّى لما يشبه الاستهلاك لجهد التبرؤ والتطهُّر، أو لعلها الرغبة في التقوقع والانزواء، في محاولة للبحث عن توازن ربما من نوع ما، كانت نتيجته الأرجح، مزيداً من الانكفاء على الداخل، ومزيداً من هيجان البحث عن وجهنا المفقود!!.
الانكفاء على الداخل، كما أعتقد، هو الإشكالية الأكثر وضوحاً واستعصاءً، في ثقافتنا ذات الوجهة الرسمية المؤسسية. أما وضوحها فماثل في ندرة وصعوبة انفساح مناشط الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة للمشاركين من الخارج ذوي الكفاءة والسمعة في تخصصاتها. وأما استعصاؤها فيعود إلى طبيعة تشكلها البنيوي الذي تنطوي عليه المؤسسة الثقافية في باطنها العميق.
وهذا يقودنا إلى إشكالية مناخ فعلنا الثقافي، إجمالاً؛ إذ هو مناخ لا يساعد، رسمياً وجماهيرياً، على المبادرة والتفرد، وعلى الاختلاف والتنوع. وليس للأسئلة والاكتناه ومغامرة الرؤية والتفكير بطريقة مغايرة لما ألفناه وأدمناه من طرق التفكير والنظر، قيمة أو حتى مساحة مأمونة العاقبة، بذريعة معرفية أو فنية أو خيالية. هنا لا يؤول المثقف، فقط، إلى عضو عاطل ومفرغ من القيمة والوظيفة، بل يؤول إلى عامل تعزيز وتحريض لمزيد من العطالة الثقافية والمعرفية، لمزيد من الصمت والاجترار...!!
المهمة التي تنتظر عبد العزيز السبيل، تجاه واقع ثقافي مشكل ومستعص كهذا، عقب تعيينه وكيلاً لوزارة الثقافة والإعلام لشؤون الثقافة، ليست سهلة. إنها مهمة شاقة، بمقاييس هموم عبدالعزيز نفسه وطموحاته، كما أعرفه.
لقد عرفت أبا حسان، فكراً ونشاطاً ثقافياً قميناً بالإعجاب، قبل أن أعرفه شخصياً، وزاد إعجابي به حين زاملته في الجامعة، فاكتشفت رجلاً يحمل ابتسامته كمصباح، راقياً في أخلاقه وتعامله الإنساني، شديد الدقة والانضباط، وشغوفاً بالعمل. قلت كأنه السيف، وسميته (ميزان الذهب).
هناك، بطبيعة الحال، من رأى أن المؤسسة الثقافية لدينا، في حاجة إلى لوائح تنظيمية جديدة تكفل فاعلية من نوع متجدد ومنفتح ومرن. هناك من يخشى من فتح النوافذ ويسعى إلى مزيد من سد أبواب الريح. آخرون نفضوا أيديهم منذ زمن يأساً أو غضباً أو انهزاماً... وفي كل الأحوال ليس هناك من ينكر كما أعتقد أن الأستاذ إياد مدني والدكتور عبد العزيز السبيل يتموضعان الآن، في ثقافتنا، بوصفهما علامة خاصة، بها يصبح جسد هذه الثقافة دالاً دلالة سيتفاؤل قارؤها حتماً باتجاه معنى شاهق طالما حلم به ضميرنا الوطني. أبا حسان، نبارك للثقافة بك.


Zayyad62@hotmail. Com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved