الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 19th September,2005 العدد : 123

الأثنين 15 ,شعبان 1426

الحب أساسٌ لا هامش
تعجبت من مقالة زميلي في القسم الثقافي سعيد دحية الذي أمعن التفكير في مسألة الحب وتوصل إلى أنه لا يوجد حب وبأنه شيء ثانوي أو نوع من الترف والكماليات في الحياة الاجتماعية، واعتبر الحب مسألة هامشية وبأنها لا ترتقي إلى مستوى قضية أساس ولا تعتبر متناً في مجتمع يدعو إلى المودة والتراحم والتآلف في جميع معطياته الحياتية.
وهنا أقول للأستاذ سعيد بأنك جانبت الصواب في المقال الذي اعتبر الحبَ جريمة تحمل في ثناياها جميع معاني الخبث والرذيلة ومضاد للطهر وأنا من منبر الثقافية أقولها صريحة لولا الحب لما استمر العيش في مجتمعاتنا بشكل سليم ولم نصل إلى هذه المرحلة العمرية من حياتنا المهنية، ولقد كان في العرب أمثال تُقال في الحب العذري الطاهر وعلي سبيل المثال لا الحصر قيس بن الملوح (مجنون ليلى)، وعنترة بن شداد الذي عشق ابنة عمه عبلة وكيف لمثل هذين الشاعرين أن ينظما أروع الأشعار في حبيبتيهما وكيف وصف عنتره فاه عبلة عندما قال:
وددت تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبارق ثغرك المتبسم
والحب مسألة أكبر من أن تُناقش في عدد من المقالات المتبادلة في صفحات الثقافية أو غيرها، فنحن معشر الرجال لا نزال ننظر إلى النساء المسكن والمهجع وحسن المعشر وهذا كله ينبض من الحب بين الاثنين.
مجتمعنا من المجتمعات الشرقية المحافظة في سلوك أبنائها وبناتها ولكن أين يقع الحب في خارطة هذه المجتمعات التي تدعي المودة والمحبة وتبادل المشاعر اللطيفة بين الرجل والمرأة؟، كيف نتحدث عما لا نستطيع أن نتحمله من الحب وتبعاته؟ وأرجو أن تكون هناك فسحة أمل ينبعث منها الحب الدافئ الذي يملي علينا حياتنا الاجتماعية الرتيبة وغير السوية في التعامل الإنساني الجاف؛ ومن المواضيع التي تلفت الانتباه ما يحدث عندما يتوفى قريب لنا كيف انهمر الدمع والألم الذي يعتصر فؤادنا على رحيله وفقده من أين تنبع مثل هذه المشاعر الجياشة؟ والإجابة عن هذا التساؤل بسيطة تعود إلى الحب الكامن في دواخلنا الذي يُحارب لكي يظهر لنا على مرأى من العين وكيف لا تتحرك هذه المشاعر الفياضة إلا عندما نفقد شخصاً عزيزاً علينا في ظروف محزنة.
يا مَنْ تستمع إلى نبض قلبك لا تحاول أن تخفيه بل اعتنِ به إلى أن يكبر في داخلك ولا تخجل من إظهاره للملأ وأظهر معه وجهك الحقيقي.
هل جال في مخيلتك أن لا تبكي على مَنْ تحب حرقةً لفراقه ولكن الدمع لا يفيد، ومن لم يعشق زوجته وأبناءه ووالديه وإخوانه وأخواته ويخاف عليهم من مصائب الدنيا وإذا سمع خبراً محزناً فإنه يبادر بكل إمكاناته وما أعطاه الله من قوة لكي يخفف عليهم مهما كان السبب والمسبب.
الحب شيء لا يمكن وصفه أو تقمصه بغية التباهي به بل هو شعور ملازم لمن كان قلبه رهيفاً ونقياً.
نذكر في هذا المقام كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعاني من كفار قريش وما كان يلقاه صلى الله عليه وسلم من المحاربة والتكذيب وكان صلى الله عليه وسلم يبكي عليهم إشفاقاً مما سوف يواجهونه في الآخرة من العذاب الأليم.
هل تخيلتم كيف هي الحياة من دون الحب. كيف الأم ترضع طفلها؟ من دونه كيف الأب يرعى أبناءه؟ من دونه كيف نعيش في حياتنا الرتيبة؟ من دونه كيف نستطيع إنجاز التزاماتنا والمحافظة على صلة الرحم؟.
مداخلة:
الحب أعظم نعمة أنعمها الله علينا بعد نعمة الإسلام وهو المحرك لنا في حياتنا الاجتماعية الصاخبة.


فارس القحطاني
faris377@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved