الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 19th September,2005 العدد : 123

الأثنين 15 ,شعبان 1426

من الحقيبة التشكيلية
لافتاً نظر وإعجاب النقاد
الأمير خالد الفيصل ينقل جمال الوطن إلى أعين العالم

إعداد: محمد المنيف
ما قبل وبعد الخبر تابع التشكيليون في المملكة والعالم العربي ما جاء في الصحف المحلية والعربية من أخبار إقامة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل معرضا للوحاته التشكيلية في البرتغال، هذه الأخبار كانت إشارة وضوءا لفت أنظار كل عشاق الفن التشكيلي لمعرفة الجميع بأن في تحرك الأمير الشاعر والفنان خالد الفيصل حاملا معه إبداعاته شعرا وألوانا وانطباعات يعني حمله رسالة ثقافية تمثل كل من في هذا الوطن، وحينما يتواجد سموه في أي موقع في العالم فإن لتواجده اثر لا ينتهي بنهاية زيارته او إقامته معرض أو أمسية فالصدى لا ينقطع والأثر لا يمكن أن تؤثر فيه الأيام بقدر ما يوثق ويرصد ويوضع في موقعه الحقيقي كرمز ثقافي عربي ينقل رسالة السلام والمحبة من خلال أدواته التي لا تحتاج لمترجم.
هذا الإنجاز لسموه لا يمكننا إلا أن نباركه ونهنئ سموه عليه ونشاركه السعادة عبر استعراض لمنجزاته التشكيلية ولو بشكل مختصر نظرا لضيق المساحة مقابل ما نعرفه ويعرفه الجميع عن الأمير خالد من اهتمامات بالأدب والفكر والثقافة وبالفن التشكيلي الذي يعنينا كثيرا.
الأيام الماضية احتفلت الأوساط الثقافية والتشكيلية في البرتغال بتواجد معرض لصاحب السمو الملكي الأمير الشاعر والفنان التشكيلي خالد الفيصل بناء على دعوة تلقاها سموه من وزير الخارجية البرتغالي الدكتور رديوجو فريتاس آمارل، ووزيرة الثقافة الدكتورة إيزابيل بيلمي استغرقت سبعة أيام لإقامة معرض لسموه هناك مع ما يصاحب المعرض من حوار فكري حضاري ثقافي مفتوح في أبرز جامعات البرتغال يشارك فيه نخبة من مثقفي المملكة منهم الدكتور عبدالله العثيمين أمين عام جائزة الملك فيصل العالمية والدكتور سعد محمد مارق والدكتور علي سعد الموسى، افتتح المعرض على شرف الرئيس البرتغالي جورج برانكودي سمبايو حمل المعرض عنوان (رسم ورعاية) واقيم في قاعة قصر سينترا بالعاصمة لشبونة حظي بحضور كبير بلغ ما يقارب 800 شخص من أركان الوزارة البرتغالية من البرتغال أو من المسلمين المقيمين في البرتغال ومن المثقفين والفنانين والإعلاميين من مختلف الصحف والقنوات التي نقلت المناسبة على المستوى العالمي إضافة إلى ما تم من تغطية شاملة للإعلام البرتغالي وكذلك العربي والمحلي.
وجاء ضمن الافتتاح حفل خطابي بدأه الرئيس البرتغالي في كلمة دشن بها المعرض قائلاً ان الدعوة التي وجهتها حكومته للأمير خالد الفيصل تنطلق من الرغبة في مد جسر من التعاون مع بلد مثل المملكة العربية السعودية التي تلعب دوراً محورياً لا على النطاق العربي الإسلامي فحسب، بل على الصعيد العالمي.
كما أبان أنه يؤمن بأن العمل الثقافي يشكل مدخلاً للتواصل بين حضارتين ساهمتا في الماضي وما زالتا في بناء الإنسان عبر أطر التسامح.
وأبدى الرئيس البرتغالي دهشته بعمق الروابط التي تجمعها لوحات المعرض مع المخزون التاريخي الذي تحمله البرتغال كبلد كان ذات يوم بعيد جزءاً من الوجود العربي التاريخي في قلب شبه الجزيرة الأيبرية مؤكداً أن بلدة سنترا الضاحية التي تحتضن هذه التظاهرة الثقافية تعتز بكونها المكان الذي احتضن مذكرات ثلاثة من أبرز الرحالة العرب وما زال هنا شيء من أرشيفهم الضخم في جامعة لشبونة.
بعد ذلك ألقى الأمير كلمة شكر فيها الرئيس البرتغالي والشعب البرتغالي على توجيه الدعوة لسموه لزيارة البرتغال وإقامة المعرض.
من جانب آخر أجاب الأمير خالد على أسئلة الصحفيين الذين التقوا به في مكان اقامة المعرض والتي تركزت حول إبداعاته ونهجه الفني حيث فاجأ سموه الصحفيين والحضور ممن ابدوا إعجابهم بالمستوى التقني للوحات انه لم يتلق أي دراسة متخصصة مشيرا إلى انه قد انقطع عن الرسم للدراسة مدة 15 عاما، وبعد تعيينه أميرا لمنطقة عسير حيث تأثر بالجمال الأخاذ لطبيعة عسير تملكته رغبة في العودة للرسم، واضاف مبديا اعجابه بجمال مدينة سنترا قائلا: ها أنتم في مدينة سينترا تعيشون الجمال كمنطقة عسير ولو عشت في سينترا لكان لدي نفس الرغبة في الرسم، واكد سموه في حديثه محبته للطبيعة ورسمها حيث ان كل شيء فيها يعبر عن قدرة الخالق على الإبداع في الجمال الطبيعي من ظواهر الخلق، كما أنه كلما كانت الأسرار ظاهرة والظواهر غامضة كان التعبير أجمل.
واعتبر الأمير خالد الفيصل المعرض نافذة للبرتغاليين للاطلاع على جانب من جمال طبيعة المملكة من خلال الرسومات المشكلة لرؤى من عسير.
وحول الوقت وكيف يتم اقتطاع جزء منه للرسم في خضم مشاغله اشار سموه إلى أنه حريص على تنظيم وقته مع ان الوقت محدود جدا نظرا لأعماله الكثيرة وقال اعتقد أن الإنسان إذا نظم وقته يستطيع أن يحقق الكثير، والفنان بإمكانه أن يكون إنسانا مبدعا ومنظما.
كما تطرق سموه في كلمته للثقافة الإسلامية وأنها تهدف لخير البشرية وقال إذا اقتنعنا أن الجنس واحد من آدم، وأن الدين واحد من الخالق فليس هناك مشاكل، فالإنسان لديه رسالة عظيمة من الله تعالى هي رسالة المحبة والتعايش، ولقد ائتمننا الخالق لنعمر الأرض ولذلك يجب أن نتكاتف، وهذا أمر ليس مستحيلا إذا توحدت الجهود وأضاف: الرسالة التي أحملها من بلدي هي رسالة المحبة والإخاء، وتعليقا على سؤال عن فرص المعرض وإسهامه بوصفه نشاطا ثقافيا عربيا في البرتغال في تحجيم ما يروج عن العرب من صور اتهام غير صحيحة قال الأمير خالد: بمثل هذه الزيارة الثقافية الفنية الحضارية التي يقوم بها الوفد السعودي للبرتغال نستطيع أن ننعش العلاقات الإنسانية بين العرب وبين البرتغاليين وغيرهم من الدول والشعوب عن طريق الثقافة والفن والعلاقات الإنسانية، لأن العلاقات السياسية والاقتصادية فقط لا تكفي لبناء علاقات إنسانية ثابتة بين الشعوب والأمم، ونرجو أن تكون إقامة هذا المعرض في هذه البلاد العريقة بادرة خير لعلاقات وروابط ثقافية وفكرية وفنية بين الشعبين.
انطلاقة مدروسة وهادئة التحرك
حينما وجد الأمير الشاعر خالد الفيصل الفرصة والمساحة ولو قليلة من بين ساعات عمله اليومية كأمير لعسير واستجابة لمغريات الطبيعة في تلك المنطق وبما حباها الله به من مناظر خلابة تنوعت فيها انماط واشكال الجمال لم يتردد في ان يحمل ادواته الفنية ويستلهم كل ما تقع عينه عليه لينتج اعمالا تحمل روح الواقع وتبرز صدق مشاعره بأسلوب سهل ممتنع تكشف قدرة سموه على اقتناص زوايا الجمال مما جعل للوحاته شكلا وصفة خاصة جمع فيها بين مخيلة الشاعر وبين مختزل بصر الفنان التشكيلي إذ قدم سموه خلال معارضه السابقة التي أقام الأول منها عام 1406هـ بعنوان لوحات تشكيلية تضمن مجموعة كبيرة من أعماله ويعتبر المعرض بطاقة ذهبية عرفه بها الجمهور وكشف من خلالها مستوى إبداعه التشكيلي، وتوالت المعارض بعد ذلك حيث أقام سموه معرضه عن القضايا الإنسانية الإسلامية ومنها لوحات عن القضية الفلسطينية ثم معرض استلهم فيه أعماله من وحي الشعراء العرب منهم عنترة، امرؤ القيس، وغيرهم كما اقام معارض اخرى تزامنت مع امسياته الشعرية ومنها معرض في بيروت اضافة إلى معرض مشترك بعنوان ملامح من عسير عام 2001م بمشاركة الأمير تشارلز إلى جانب اعمال اخرى للفنان العريق روبنز.
واقيم المعرض الذي يمثل تبادلا ثقافيا بين بريطانيا والسعودية في بانكويتنيج هول بوسط لندن وتم نقله بعد ذلك إلى المملكة العربية السعودية، هذه نظرة مختصرة نعود منها لنقول ان هذه المسيرة المتميزة للأمير خالد الفيصل في مجال الفن التشكيلي ساهمت بشكل ريادي في ايصال الابداع السعودي إلى العالم ممثلا في تلك الاعمال التي زاوج فيها سموه بين فكرة القصيدة وبين مرجعيته المباشرة من الواقع مستخلصا منها رمزية وتعبيرية ذات منحنى رومانسي لا يمكن أن يكون إلا للشاعر والفنان خالد الفيصل خصوصا المفردات التي تميزت بها تلك الأعمال كالفرس أو الصحراء أو مناظر من عسير أو حتى أنماط التراث المتعددة وإذا كان سموه قد حدد شخصيته في الفكرة وكيفية توظيف العناصر في العمل فإن في ألوانه أيضا ما يكمل تلك الشخصية فالشفافية والمرونة والنقاء تعكس ما يحمله وجدانه من نظرة متفائلة للواقع والحياة إذا فالأمير خالد الفيصل يرسم القصيدة ألوانا ويكتب اللوحة أبيات شعر.
عشرون عاما على لقاء
(الجزيرة) التقيت سموه في منزله بالرياض عام 1406هـ أي قبل عشرين عاما لإجراء حوار معه نشر يوم السبت العشرين من جمادى الاخرة في اليوم الذي يستعد فيه لافتتاح معرضه الشخصي الاول على شرف صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز (ولي العهد) نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران.
وقتها كنت اشعر قبل لقائي به أن الأمر لن يكون سهلا مع رجل قيادي ومبدع تسكنه ثقافة وطن بأكمله ويمتلك زمام أدواته الفنية شعرا وتشكيلا إلا أن ما يتمتع به سموه من روح عالية تسمو فوق الغرور وتتجاوزه إلى ابعد درجات التواضع في النفس البشرية ابتداء من ابتسامته مرورا بعبارات الترحيب التي تفيض بمشاعر تقدير الاخرين بصدق وعفوية كانت سببا في ابعاد حالة التوتر وصولا إلى ما منحني من فرصة من وقته للحديث عن المعرض ويسعدني ان اقتطع بعضا مما جاء في اللقاء بعد مرور عشرين عاما عليه حيث قال سموه: الرسم ليس صعبا انما قناعتنا بما ننجزه اصعب، ممارسة الشعر أخذت الوقت الأول من الرسم إلا أنني اعتبرهما عملا واحدا كما ان الشعر رسم بالكلمات، الكلمة اكثر تعبيرا من اللوحة لكون فهمها مباشرا اما الرسم فيضيف لنا الخيال، اللوحة في نظري أراها ناقصة فالكمال فيما يخلقه الله عز وجل مع ان لذة وجمال اللوحة يكون أحيانا في عدم اكتمالها، انا اعبر بالطريقة التي تروقني دون التزام بمدرسة فنية معينة، يجب ان يتعدى الفن التشكيلي المحلي حدود المملكة إلى العالمية فالمستوى الموجود قادر على المنافسة، انا لست ممن يحبذ تسييس الفن مع ان الفنان يحمل قضايا مجتمعه ويشعر بها، انسجام الالوان في اللوحة يعبر عن صفاء الروح واشتعال العاطفة.
الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved