Culture Magazine Monday  19/11/2007 G Issue 223
أقواس
الأثنين 9 ,ذو القعدة 1428   العدد  223
 

شاعر الآلام يصور نفسه المنكسرة في دنيا البائسين
الدخيل: حمد الحجي كان قضية من قضايا الشعر السعودي في عصره

 

 

الثقافية - علي بن سعد القحطاني:

بذل الأستاذ خالد بن عبد العزيز الدخيل جهداً ملموساً في قراءة المنجز الثقافي للشاعر حمد الحجي (1358 - 1409هـ) وذلك من خلال رسالته الأكاديمية التي استعان فيها بالدراسات النفسية لمعرفة الآلام وذكر العوامل المساعدة لتكوين الشاعر. وقد التقت (الثقافية) بالمؤلف للحديث عن تلك الشخصية الثقافية ومواقف النقاد تجاه شعره خصوصاً أن البعض قد سقط في فخ المبالغة والحرمان العاطفي للشاعر, كما تحدث الدخيل عن تشاؤمية الحجي الشبيه بالتساؤلات المزعجة لإيليا أبو ماضي وحيرته المقلقة في قصيدته الشهيرة (من أين جئت..).

شاعر الآلام

* استعنت في دراستك الأكاديمية عن شاعر الآلام بالدراسات النفسية برأيك هل استطاعت القصيدة عند حمد الحجي أن تبوح بما في نفسه أم أن المعنى ما زال في بطن الشاعر ويموت بموت صاحبه؟

- هذا سؤال جميل، الحق أني من خلال قراءتي لشعر حمد الحجي وجدت القصيدة مفصحة تمام الإفصاح عن ما يحس به، وسبب ذلك هو ما يحمله من صدق العاطفة، وعمق الإحساس بالمعاناة، والذي يدعو إلى القول بهذا هو مدى التطابق الذي وجدته بين إحساس المصاب بانفصام في الشخصية وشعر حمد الحجي؛ فقد أبان أغلب شعر حمد الحجي عن إرهاصات الفصام قبل إصابته به، وذلك يؤكد أن الشاعر يعبر عن أحاسيسه لا يبالغ فيها، ولا يصورها تأثراً بشاعر معين، أو اتجاه معين.

والكتاب الذي أمامكم يطرح فصلا عنوانه: (صدى المؤثرات النفسية في شعره) ظهر فيه أن الشاعر أحس بألم عميق في حياته، كان له أثر واضح في نفسه فعكس شعره هذا الأثر، ولعلي أن أمثل بمثال واحد حتى يتضح هذا الأمر؛ إذ كان الشاعر مفضلاً الوحدة على الجلوس مع الأصدقاء ومسامرتهم؛ وذلك أحد أعراض الفصام كما يذكر ذلك علماء النفس ولقد صرح الشاعر في شعره عن هذا العرض في كثير من قصائده مبيناً مساوئ الأصدقاء كما قال:

خبرت الصحب في سر وجهر

فلم أر واحدا فيهم وفيا

النقاد

* اختلف النقاد في تقييم شعره, هناك من بالغ وأطرأ كالدكتور محمد بن سعد حسين الذي عدّه نظيراً لطرفة بن العبد وفضله أيضاً على أبي القاسم الشابي وهناك من لم يبدِ اهتماماً تجاهه وأعرض عنه, كيف تعايشت كباحث مع تلك الآراء وهل كنت موضوعياً - كما تمليه الأعراف الأكاديمية - في كثير من الفصول أم أن الإعجاب بشخصية حمد الحجي جعلتك تغض الطرف عن تجاوزات الشاعر ووهن قصائده؟

- لقد قرأت كل ما بلغني خبره من شعر لحمد الحجي، ثم قرأت كل ما وقع بين يدي عن آراء النقاد فيه، ووجدت أن حمد الحجي كان قضية من قضايا الشعر السعودي في عصره، كما أن النقاد - فعلاً - اختلفوا حول مكانته الشعرية، وذلك الاختلاف يرفع من قيمته، ويعلي من شاعريته شأنه بذلك شأن كبار الشعراء كالمتنبي وغيره، كما أنه من غير الممكن أن يتفق النقاد على رأي حول شاعر أو حول قصيدة.

أما عن دوري في ذلك فقد عرضت شعر حمد الحجي على مقاييس رأيت أنها الأنسب للحكم على شعر حمد الحجي، وهدفي هو أن أصل إلى الإجابة عن سؤال يلح عليَّ كثيراً وهو: هل عبر شعر حمد الحجي عن نفسيته بصدق.

الرومانسية

* الشعراء الرومانسيون يبالغون في تصوير معاناتهم وإشكالياتهم تجاه الحياة والوجود ودائماً ما نراهم يتلذذون بالألم والحزن، برأيك هل كان حمد الحجي واحداً منهم؟

- الحق أن حمد الحجي يعد أحد الشعراء الرومانسيين، ولكني من خلال قراءتي لشعر حمد الحجي ألحظ أن الشاعر يعاني - فعلاً - معاناة نفسية أليمة ولم يكبت تلك المعاناة بل باح بها شعراً صادقاً مؤثراً وقد استدللت على ذلك من خلال قراءة حياته وشعره معاً.

تساؤل

* الشاعر حمد الحجي ينشد:

(من أين جئت؟ وأين أذهب؟ إنني في هذه الدنيا أعاني حيرتي), هل تأثر حمد الحجي بتشاؤمية إيليا أبو ماضي وتساؤلاته في قصيدته الشهيرة (لست أدري).. كما يظهر ذلك في هذا البيت أم أن لكل منهما أيدلوجيات معينة ينطلق منها في تصوراته تجاه الحياة والكون؟

- كان حمد الحجي قارئاً نهماً ولا شك أن الشاعر قد تأثر بإيليا أبو ماضي في قصيدته المشهورة الطلاسم ولكن عندما تقرأ شعره بعناية تلحظ أن الشاعر متأثر بثقافته الإسلامية التي تعلمها في مدارس المملكة، فهذا البيت الذي ذكرته يتلوه بيت آخر يؤكد فيه إيمانه العميق بربه وتسليمه الأمر إليه كما يقول:

لكنني رغم التساؤل مؤمن

بقوى الإله وشاعر بالقدرةِ

الغزل

* (لو كان لي قلبان عشت بواحد وتركت قلباً في هواك يعذب)

وصفه بعض النقاد أن هذا البيت أغزل ما قيل في الأدب السعودي، هل وجد حمد الحجي متنفساً من الآلامه وأحزانه في شعر الغزل أم أن غربة السنين قضت على عاطفته ولم تدع له قلبا يعشق؟

- نعم هذا البيت موجود في ديوان حمد الحجي ولكنه ينسب إلى أكثر من شاعر ومنهم مجنون ليلى، فيبدو أن الشاعر كتبه من حفظه فظن جامع الديوان أن البيت له.

أما عن شعر الغزل فقد كان نقطة مهمة من النقاط التي تعرضت لها في الكتاب بعنوان: الحرمان العاطفي، ظهر فيه حاجة الشاعر الماسة إلى الحب، حيث افتقده الشاعر وأحس بحاجته إليه فعبر عن ذلك شعره تعبيراً دقيقاً صادقاً، وعدم الشعور بالحب من أهم أسباب الغربة النفسية التي عاش فيها سواء الحب بمعناه العام كحاجته إلى الأم وحنانها، أو الحب بمعناه الخاص كحاجته إلى المرأة الحبيبة، وكانت الحاجتان ظاهرتين في شعره كما يقول:

ألا يا ليت من أهوى قريب

يخفف وطء آلامي وحزني

ويغمرني بفيض النور منه

ويبدلني رؤى خوفي بأمن

ويجعل وحشتي أنسا وبرا

ويتركني أنام بملء جفني


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة