Culture Magazine Monday  19/11/2007 G Issue 223
فضاءات
الأثنين 9 ,ذو القعدة 1428   العدد  223
 
(ليلٌ داج وسماءٌ ذات أبراج)
سارة عبد الله الزنيدي

 

 

لعلنا أصبحنا نكره الهدوء ونميل لا شعورياً للإزعاج والضوضاء ربما هي الفوضى التي تلعب الدور الرئيس في حياتنا، فأنا عن نفسي أرغب أن أمشي مغمضة العينين في الشوارع الضيقة أو أمام أسواق الخضار ومحلات (الكبدة) استمع إلى الناس الأكثر بساطة وعفوية أفهم أحاديثهم جيداً فهي لا تحتاج إلى تحليل كثير وتعديل مطول وتفسيرات مبطنة..!!

حينما نخلق من العدم ونفرض على هذا الوجود الأصم ونعلو نعلو كثيراً حتى نصل إلى اللا شيء نخترق كل المساحات الكونية التي تمكنا من أن نعيش من خلالها بصمت!

هي البساطة إذاً..

تلك الأحداث الرقيقة التي تتخلّل مشاعر الكائن المتنفس البشري والتي تجعله أكثر انبساطاً وتمسكاً بالحياة، يغيب الجلادون عن محاور الأحاديث الجانبية لتطغى الجاذبية الأرضية للتفاح المتساقط من الأفواه فندوس بعنجهية على كلام له قدسية الشجرة ورائحة (الطعام)..

لسنا بحاجة هذه السنة لدهشة جديدة ولسنا بحاجة لابتسامة جديدة يكفينا مجموع الأحداث التي سيطرت على طرقاتنا.. الأرواح المتطايرة أصبحت أسهل بكثير فهي لا تحمل جوازات مرور وتدقيق سياسي على مشاعر (السعوديين)!! حتى أصبحت أسهل من العبور في الرحلات الداخلية!!!

فلسنا أفضل من طير هرم متعلق على حبال السموات ويرفرف بأجنحته المتكسرة حاملاً فوق ظهره العديد من الأعين، يطير في ربوع (نجد) هناك فقط أشخاص لا يفصلهم عن هذا الكون الشاسع سوى أرض صلدة وقلب مرتجف خوفاً من سقوط هذا (الطير) ولكن ذاك الراكب المسكين لا حول له فلا خيار له إلا الصمت أو الصمت!

ترتطم رقبته إلى الوراء فلا يتوقع مفاجآت أكثر فكيف له أن يخاف وهو يغفو في مطاردة الموت في مطارات الطيور الضيقة، إن الله سيحميه.. وحده الله يسمع دعاء المسافرين ويسمع دقات الهلع في قلوبهم ويرحمهم، حيث لا رحمة تسعهم غير رحمته.. ووحده الله يعلم أنهم لن يخلصوا بالدعاء هكذا حينما تحط أقدامهم بالضفة الأخرى!

قرأت مرة :(إن أفلاطون قدّم على لسان أستاذه سقراط، في محاورة الجمهورية، نظرية حول القدرات العقلية، التي تفترض تقسيم البشر إلى ثلاث فئات؛ الحكام - الفلاسفة وهم في أعلى سلم القدرات العقلية، يليهم القادة العسكريون، ويأتي العمال والفلاحون في أدنى السلم، وأن هذا التقسيم محدد وراثياً ويتحدد بشكل نهائي عند الميلاد وغير قابل للتعديل كطبيعة المعادن، فالحكام مصنعون من الذهب، والقادة من الفضة أما العمال والفلاحون فمصنعون من الحديد) أجمل شيء في تلك العبارات هي الإنصاف في طبقة العمال والفلاحين الحديد معدن جيد أليس كذلك؟! على الأقل لو كانوا في وقتنا هذا لركبوا نفس (الطائرة)!

الإنسان البسيط بكل أوجاعه ضيع هويته وفقد الحقيقة وأصبح يحمل (جنسيته) في علبة (ساردين)!

أصبحت هويته شيئاً قابلاً للحوار والمناقشة، أصبحت أكثر الأشياء هشاشة سيقدم هذا المسكين الكثير من المساومات والعديد من التنازلات في مزاد الإنسانية كي تصبح حياته أقل مرارة. هي مدينة أطفالها كثيرون يسمعون بالحقيقة ولا يمسكون بها أصبحت كالبرق تمرّ من نوافذهم دون ملامسة صامتين ربما لأنهم فشلوا بتغيير الواقع.. لكن الواقع لم يستطع أن يغيرهم ..!

تلك هي طبقة الفلاحين والعمال من حديد ما عدا (قلوبهم) فلقد خلقت من طيبة..

- عنيزة


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة