Culture Magazine Monday  19/11/2007 G Issue 223
نصوص
الأثنين 9 ,ذو القعدة 1428   العدد  223
 
قصة قصيرة
صهيله.. يأسرني!!
هيفاء محمد الفريح

 

 

لحديثه حلاوة السكر.. ولكلماته عذوبة النهر.. ولصوته هدوء النسيم..!

لكن أمي تردد - دوماً -: (الرجال ذئاب متوحشة.. احذري منهم.. هم لا يفكرون إلا بكمية اللحم الذي سيفترسون)!!

وتجاهد لبث الرعب في نفسي حد الأرق في مناماتي؛ إذ لا أحلام وردية.. بل كوابيس قانية بالدماء التي تقطر من مخالب حادة وأسنان مدببة!!

***

ومع كل صباح أدرك فيه أني سأراه عند ناصية شارعنا الضيق.. أظل أتأرجح بين ترغيب قلبي المتعلق بحلاوة حديثه، وترهيب عقل أمي الذي ينثر العلقم فوق ذياك الحديث؛ فأقرر أن أتخيله ذئباً...عواؤه يفزعني؛ لأهرب.. فإذا ما رفعت طرفي المنكسر نحوه، بدا لي جواداً عربياً جامحاً.. صهيله يأسرني!!

وأعود إلى البيت بمسرة تملؤني دفئاً وحناناً.. وتصيرني فراشة، متوهجة، حالمة، تتهادى في أرجاء البيت، وتستجيب لمطالب كل من فيه، حتى لو كان شقيقي الأصغر!!

***

لم تعد صباحاتي ندية، ولا مورقة بالفرح، ولا حتى بيضاء؛ فهذا خامس يوم لا أراه فيه!!

***

بعد طول تردد.. قدمت فيه خطوة وأخرت أخرى.. سحبت سؤالي من قاع حلقي:

- عم عبدالله.. أين سالم؟

أجابني، وهو يمد لي قطعة بسكويتة صفراااء:

- خلاص يا بنتي.. راح المدينة.. يدرس هناك.

في عتمة المساء.. يبدأ المسلسل المكسيكي، الذي ألفته وأخرجته ومثلت أدوار ذئابه ونعاجه: أمي! تؤديه بحركات تمثيلية.. مفعمة بالحماسة والتشويق!! تتابعها أختي بشغف، وأسافر أنا إلى حيث رحل.. وليتني أراه ذئباً بعد هجره إياي دون توديعي؛ إذ لا أتصوره إلا جواداً أصيلاً تنصت لصهيله أخرى، غيري؛ فتؤلمني غصة.. وتشرق في عيني دمعة.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة