الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الرياضية الجزيرة
Monday 19th December,2005 العدد : 134

الأثنين 17 ,ذو القعدة 1426

سنضرب صفحاً عن الأدب الإسلامي يا دكتور«2»
أحمد بن سليمان اللهيب
القسم الثاني
مراجعات نقدية لآراء المؤلف
تأتي هذه المراجعة استكمالاً لما تمّ عرضه في القسم الأول، وهي مراجعة تسعى إلى إعادة النظر فيما طرح المؤلف، وتقديم وجهات نظر أخرى تباين بعض ما ذهب إليه من آراء:
1- يأتي عنوان الكتاب مُخصصاً بعبارة (نصوص في الاتجاه الإسلامي والخلقي) لتحديد العنوان الرئيس له وهو (النقد العربي القديم)، والقارئ للكتاب سيجد أن العنوان الرئيس حاضر في كل النصوص المختارة، باعتبار أنها جمعت من مصادر تراثية عربية قديمة متنوعة ومختلفة، في حين يأتي العنوان الثاني المخصص للعنوان الأول حاضراً في نصوص دون أخرى، بمعنى أنَّ المؤلف لم يتبن الأسس التي ينبثق منها الاتجاه الإسلامي والخلقي، فأصبح بذلك كحاطب ليل يجمع أخلاطاً متنوعة ويدرجها في ما هو من تصوره دون موضوعية واضحة، ونستطيع أن نخرج من النصوص التي جمعها ما يكون مؤيداً لاتجاه آخر معارض لما ذهب إليه، ونستطيع كذلك إخراج كثير من النصوص لتكون بمنأى عن الاتجاه الإسلامي والخلقي، ومن ثم يمكن اختصار الكتاب بصفحات أقل مما هو عليه.
2- عبّر المؤلف عن آراء أصحاب الاتجاه الفني بأنها (الأحكام الخطيرة المغلوطة)، وأنها خرجت من عباءة استقراء ناقص لنصوص النقد العربي القديم، ص 12 وما بعدها. وأي أحكام خطيرة مغلوطة يعني المؤلف؟ لئن قالوا: إنّ النقد العربي القديم هو نقد جمالي، كانوا بهذه الدرجة من القسوة والإقصاء؟ أتراهم إذا قرؤوا كتابك ألا يحق لهم أن يقولوا: إنك صدّرت (حكماً خطيراً مغلوطاً) وضلّلت ناشئة الأدب بما ظننته حقاً؟ وأي موضوعية سعيت إليها وأنت تخلط وتجمع ما ليس مؤيداً لرأيك ولا معاضداً لفكرك؟. ولئن قرأ أي ناشئ في الأدب كتابك ووضعه نصب عينيه قدوة وهدى لمارس الإقصاء وعطّل التفكير بهذا النعت لتلك الأحكام، إذ أخذ يردد ما تذهب إليه دون وعي.
3- خلص المؤلف بعد عرضه للمظاهر التي تجلى فيها (الاتجاه الفني) في النقد العربي القديم إلى (أنّ هذه الطوائف من النقاد الذين عبّروا عن منحى جمالي في النقد العربي كانوا كثيراً ما يقعون في التناقض والتضارب بين الرأي النظري والرأي التطبيقي) ص16. وأقول للدكتور: ما رأيت تضارباً ولا تناقضاً مثل ما فعلت في اختيار هذه النصوص!. وإذا كنت تزعم أنّ هذه النصوص هي عيّنة من الاتجاه الإسلامي والخلقي في النقد الأدبي عند العرب (ص 21) فلتأذن لي يا دكتور بأن أقول: إذا كانت البقية الباقية من النصوص التي لم ترصد هي على شاكلة ما أتيت من نصوص مختلفة ومتنوعة لا تعبر عن هذا الاتجاه فاتركها فلعلها مأمورة أن تغيب عن ناظريك حياءً وخجلاً!!؛ فلأنه يكفي اعترافك بأنّ بعض ما جمعت من نصوص يحتمل توجيهات أخرى غير تلك التي ذهب إليها أصحابها (ص21) وغير ما ذهبت إليه أنت أيضاً!.
4- ذهب الدكتور وليد إلى أنّ هذا الاتجاه النقدي هو الأقوى والأوضح، وهو الأغلب والأظهر (ص20) وأنا هنا لا أنكر وجود هذا الاتجاه غير أن وضع الغلبة والقوة والظهور من خلال النصوص التي جمعها الدكتور يعيد النظر في هذا الحكم، فالنصوص بين دفتي الكتاب تأتي مختلفة الاتجاهات متنوعة المشارب، لا تحسب لاتجاه معين بذاته.
5- يقول الدكتور: سقنا هذه النصوص النقدية بلغة أصحابها من غير تصرف أو تدخل (ص21) وهو في غير موضع من الكتاب يشير ولا ينقل، وليراجع القارئ الصفحات التالية: (78، 172، 178). وهل هذا إلا التصرف والتدخل عينه؟.
6- يحترز الدكتور من السراق قائلاً: هذه النصوص موثقة من مصادرها بشكل دقيق، ونحن على دراية أنها - من أجل ذلك - معرضة - إلا عند من رحم الله، والتزم الأمانة والصدق - للانتهاك والسرقة، إذا قد تؤخذ هذه النصوص من كتابنا ولا يشار إلى ذلك، بل يشار إلى مصادرها الأصلية، ولكنّ غرضنا من وضع هذه المادة بين أيدي الدارسين هو خدمة هذا التيار النقدي الأصيل، وتذليل سبله، وتسهيل البحث فيه، متوخين في ذلك المثوبة عند الله وحده (ص22) ويا عجباً - يا دكتور - أوسعك سوء الظن بمَن هم من توجهك واهتمامك ولم يسعك حسن الظن؟، لأنهم - هم - في الغالب من سيستفيد من هذا الكتاب باعتباره نصوصا في الاتجاه الإسلامي والخلقي، وهو المنهج الذي يجب أن تكون عليه باعتبارك من منظري الأدب الإسلامي ونقاده. أم هي شعاراتٌ تطلق وكلام يقال فقط؟!. أم حقيق بك قول المتنبي:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه
وصدّق ما يعتاده من توهم
7- كان القسم الثاني من الفصل الثاني من كتابك مهتماً بما ورد عن الرسول -عليه الصلاة والسلام- وبوبته (الأحاديث النبوية)، وأعجب جداً كيف لم تسعَ إلى التأكد من ضعف بعض الأحاديث التي نقلت، وإذ ذاك، أوليس في هذا تضليل للناشئة ممن يقرؤون كتابك؟ أم كان مصدرك في ذلك كتب الأدب والتراث غير المختصة في تخريج الأحاديث؟. وللقارئ أن يرجع إلى ص49 حيث نقل المؤلف قولاً نسب إلى الرسول - عليه السلام - يقول: روى أحمد والبزار عن شداد بن أوسٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرض بيت شعر بعد العشاء الآخرة لم تقبل منه صلاة تلك الليلة ((مسن الشاميين 328، مجمع الزوائد 7 -122)، وقد أشار محقق مسند الإمام أحمد (مؤسسة الرسالة ح 28 ص 357) شعيب الأرنؤوط إلى أن إسناده (ضعيف جداً). ومثله في ذلك ثلاثة أحاديث أوردها عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أنّ امرأ القيس حامل لواء الشعراء في جنهم يوم القيامة (ص52) حيث أشار شعيب الأرنؤوط - أيضاً- إلى حديث (امرؤ القيس صاحب لواء الشعراء إلى النار) بأنه (ضعيف جداً) انظر (مسند الإمام أحمد ج 12 ص 27). فأين هذا المنهج الإسلامي الذي تزعم مسلكه وأنت تأتي بأحاديث ضعاف، ولم ترجع لكتب الصحاح لكي تتأكد من صحة هذا القول أو غيره؟. وما ذاك إلا خشية أن يتلقفها الجهال بعدك فيرددونها في المنابر دون علم، وأينك - أيضاً - من المنهج الأكاديمي الذي يجب أن تتحلى به؟.
8- على الرغم من حرص المؤلف على تقسيم كتابه إلى فصول وتقسيم كل فصل إلى أقسام كي يرسم منهجاً واضحاً للقارئ في تبويب النصوص إلا أن القارئ سيلحظ أنّ المؤلف أغفل ترتيب النصوص داخل كل قسم، فلا يدري القارئ أكان هذا الترتيب مبنياً على أقدمها زمناً أم بُنيَ على أدقها في وصف القسم الذي أدرجت تحته، ومن هنا يغيب المنهج التنظيمي لترتيب النصوص داخل كل قسم.
9- التكرار ظاهرة بارزة وقع فيها المؤلف مراراً، فتكرار النصوص وحضورها في أقسام متفاوتة في المغزى الذي رصدت من أجله يشكل مأخذاً في المنهج، ولو تلمسنا عذراً لتكرار النصوص بين الأقسام اعتذاراً منا بأن النص قد يحمل أكثر من دلالة، فكيف العذر لتكرار النصوص في القسم الواحد من الفصل نفسه. وليرجع القارئ إلى الصفحات التالية: (182، 228)، (110، 116، 224)، (37، 210،219)، (161، 178)، (139، 167)، (148،254) ليلمس تكرار بعض النصوص مع اختلاف مصادرها أو قد يكون المصدر نفسه، وإن كان بعضنا يجد في ذلك عذراً لغير الأكاديمي، فكيف العذر لك وأنت الأستاذ الأكاديمي؟. وأكثر وقعاً من ذلك النوع الثاني من التكرار حيث يأتي النص في الفصل نفسه والقسم نفسه انظر الصفحات: (132، 133) حيث تكرر الخبر والمصدر و(169،172) و(207، 209) حيث تكرر الخبر والمصدر والصفحة، ولا غرو أن يكون هذا التكرار دليلاً على عدم وضوح المنهج واختلاط الأمور لدى المؤلف.
10- اعتمد المؤلف في مواضع كثيرة على النقل من رسالة الغفران لأبي العلاء المعري، وهي عمل إبداعي لا نقدي، انطلق مؤلفه من عالم تخييلي، وإلا كيف لنا أن نأخذ بأقواله في الأعشى وغيره من الشعراء الذين وضعهم في الجنة، وهم ممن سبق العلم في أحوالهم بأنهم من أهل النار؟. ولعل في نقله لأقوال أبي العلاء من هذه الرسالة ما يجانب الموضوعية التي قصد، لأن الأحكام فيها مبنية على التخييل، ويجد القارئ أنّ أبا العلاء يدخل الجنة أو النار بيت شعر أو موقف واحد، والمؤلف الدكتور وليد قصاب عاب على نقاد الاتجاه الجمالي مثل هذا (ص14) من مقدمة كتابه؟ فكيف هذا يا هذا؟
11- أورد المؤلف نصوصاً مشكلة وأخرى خالية من التشكيل، وأحسبه معتمداً في ذلك على البرامج الحاسوبية انظر ص159، غير أنه لم يشر في مجمل مصادره إلى ذلك، وليس هذا من التشكيك في الأمانة التي خفت أن تنتهك في حق كتابك حين قدمت سوء الظن على حسنه، وأبدأت القوم بالتهمة قبل أن تحيل!. بيد أن التساؤل مطروح أمامك كيف يجد القارئ إجابةً ما السبب فيوجود نصوص مشكلة وأخرى خالية من ذلك؟. وختاماً سأنبه إلى قضايا أحسبها لدى القارئ الفطن أمراً معلوماً، ذلك أن الكتاب لم يخلُ من هنات مطبعية، متداركاً القول -أيضاً-: أن القارئ سيجد اختلافاً في طريقة الإحالة إلى المصادر فحين يذكر المصدر والصفحة والناشر كما في ص83، كما أنّ القارئ سيجد في النصوص المدرجة في كل قسم أو كل فصل ما لا يتناسب مع عنوانه، ومن هنا فلا يقلق فحسب المؤلف أن بذل جهده وما على القارئ إلا الصبر!


النقد العربي القديم: نصوص في الاتجاه الإسلامي والخلقي/ د. وليد قصاب
allhaeb@yahoo.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
حوار
تشكيل
مداخلات
الثالثة
مراجعات
سرد
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved