الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السياراتالجزيرة
Monday 20th March,2006 العدد : 145

الأثنين 20 ,صفر 1427

يرحم الله الحبيب القرعاوي!؟

* عبد الله الجفري:
عند شاطئ الكلمة سكنت متأملاً مصغياً إلى حياة تحولت إلى أصداء حبيبة، تماماً كما سكنت راضية مرضية نفس مطمئنة، وخفقات هذا الأديب الشاعر عبد الله القرعاوي، بعد ركض مشوار عمره: عملاً وإبداعاً وعطاء لوطنه.
تركت دمعة الروح الأغلى المزنرة بالحزن على فقد صديقي القديم عبد الله القرعاوي: تنساب طليقة في لحظة فجائية خبر انتقاله إلى بارئه رغم مرضه الذي عانى منه، لكن فجيعتنا تتكرس في أبعاد فقدنا لمن نحب... ولقد أحببت (أبا طارق): إنساناً، وأخاً يتفقد أصدقاءه، وأحببته شاعراً وأديباً مطبوعاً... فلم تكن كلماته قطرات حبر تجمدت على الورق ليكون على القارئ بعد ذلك أن يجد لها معنى، بل كان كاتباً يستنطق المعاني مضيئاً بفكره العبارة... فكانت (الكلمة) تشكل تجسيداً لانفعال النفس واقتناع العقل بصحوة فكرة قابلة للحياة وللتجدد.
***
عبد الله القرعاوي: كان يستشعر المتعة الحسية في الكلمة التي يقرأها أولاً، فهو عاشق موله بالكلمة، وكان ينتقي الكلمة التي يكتبها لتشرق نفس قارئه... وكأنني أشاهد شريطاً طويلاً في هذا الوصف الذي رسمته كلمات الشاعر الألماني - ريلكه.
- كان مبدع حرف أشبه بثمرة تتعرض للرياح والشمس والليل.. كان عبارة إنسانية حية تعبر عن طفولة وتجارب واختبارات لا حدود لها، وذاكرة لا تتنكر، ورحيل هادئ!
أفاض علينا بكلماته بقراءاته لعالم مليء بالمعاني وبالقيم وبالرؤية، لحياة كان يريدها حيوية.. وعن رؤى لوجدان عاش به محباً محبوباً.
مثل عضل زهرة يورق.. كان عبد الله القرعاوي يحيا، وينتج، ويتعامل، حتى موعد رحيله... الذي كان - قبله - يترقب الموت كأنه على موعد معه قريراً، مسترجعاً شريط العمر، ووجوه الذين أحبهم وأحبوه، هانئاً (بالإنسان) داخله الذي أعطى الكثير!!
***
تخيلت الحبيب عبد الله القرعاوي، في صورة لكاتب عالمي مشهور هو: فرانسوا مورياك، الذي فلسف الموت لحظة فجيعتنا بخبر الوفاة... كأنه يقول لمن سيفتقدونه:
- الآن....
نعم.. الآن ما هو الثابت؟!
طالما بحثنا عنه - الثابت - في الشروق وفي الغروب، ونبشنا الساعات ليخرج زمن يوحد بين الناس ومحسوساتهم، وبين محسوساتهم ودهشاتهم، وعناصر الإنسانية.
يرحم الله عبد الله القرعاوي الذي ركض في هذا الزمن بكل أحاسيسه وفي دهشته، وبكل عناصر إنسانيته... عيناه رحلتا في الأمان، تاركاً الحياة في عجها لمن تبقى من السائرين على جسر لن يطول.. فكان فارساً في أخلاقه، وكان يتشكل إنساناً حلم في حياته المرصعة بالخير وبالمحبة!!


A_aljifri@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
أقواس
شعر
فضاءات
نصوص
قضايا
تشكيل
كتب
مداخلات
الثالثة
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved