يا أيُّهذا الصادحُ الهَزِجُ |
يحلو لنا من شَدْوِكَ الهَزَجُ |
ما أنتَ إلاّ بلبلٌ عشقتْ |
تغريده الأسماع والمُهجُ |
ينساب منك الشعر مؤتلقاً |
كنسيم روضٍ ما به رَهَج |
كزهور وردٍٍ حين باكرها |
طَلُّ الصباح تضوَّعَ الأرَج |
كم من قصيد زانه غزَلُ |
يُذكيه من نار الهوى وَهَج |
أسعدتَ ربّاتِ الحِجالِ به |
والناقدون بما احتوى ابتهجوا |
قد كنت غضَّ العود حين بدا |
ذاك الشعاع كأنه سُرُج |
لم تبلغ العشرين سنّك إذْ |
سطّرتَ ما في النفس يعتلج |
ذاك الشعاع(1) لقد بهرتَ به |
جيل الشباب وكم به هزجوا |
وجدوا به ما يعشقون من ال |
فن الرفيع ونَهْجَهُ نهجوا |
دُهشتْ جليلة(2) عندما وجدتْ |
شعراً أصيلاً ما بهِ عِوَج |
كتبتْ مقدمةً تليق به |
والدارسون بحسنه لهجوا |
يا بلبلي والصمتُ طال فَقُمْ |
غَرِّدْ يَزُلْ عن نفسك الحرج |
يشكو شعاعك وحدة فعسى |
بعد الذي عاناه يزدوج |
أطلق سجينك إنّ رفقته |
نحو الهواء الطلق قد خرجوا |
يا شاعري والكلُّ منتظر |
من فيض ما في القلب يختلج |
ممَّا حباك الله هاتِ لنا |
لا تُقبلُ الأعذار والحُجَجُ |
هذا شعاعك ضمن مكتبتي |
من وحيه الآمال تنبلج |
ترتاح نفسي حين أقرؤهُ |
ومشاعري بالفخر تمتزج |
سقياً لأيام الشباب فقد |
كنّا مع الأحداث نندمج |
حيناً ترى الأخبار تُفرحنا |
وتسوؤنا حيناً فننزعج |
فكأننا فرسانُ معركةٍ |
تحت البنود الخُضْر نندرج |
يعلو بنا فرط الحماس إلى |
مسرى النجوم يؤُجُّه الهَوَج |
فإذا أفقنا بعد سكرتنا |
ظهرت لنا آمالنا الخُدُجُ |
وبدا لنا من بعد ذلك ما |
قد حاكه الأعداء والهَمَج |
واليومَ إذْ حلّ المشيبُ بنا |
ألقتْ علينا عِبْئَها الحِجَج |
وإذا مشينا فالعصا سند |
فكأننا عُرْجٌ ولا عَرَج |
هذا يعاني السكريَّ وذا |
ضغطاً وذاك عدوُّهُ الدَرَج |
أمَّا العَمى فلقد أُصبتُ به |
والعُمْيُ ليس عليهمُ حرج |
ما أحسن الدنيا إذا بَسَمَتْ |
وأتاك بعد الشدة الفَرَج |
وقبيحةٌ جداً إذا عبسَتْ |
ودهتك من أرزائها لُحَج |
الله في القرآن أخبرنا |
ما شدّة إلاّ ستنفرج |
والأجر موفورٌ لمصطبرٍ |
شهدتْ له الأسحارُ والدُلَج |
وعزاؤنا أنّ المقام بها |
كالظلِّ والأجيال قد درجوا |