Culture Magazine Monday  02/06/2008 G Issue 250
فضاءات
الأثنين 28 ,جمادى الاولى 1429   العدد  250
 

(أسئلة الأدب التونسي)
هادي دانيال والبحث عن أجوبة شافية
عبد الرحمن مجيد الربيعي

 

 

(1)

ارتأى الشاعر السوري هادي دانيال المقيم في تونس منذ 26 عاماً، أن يعود الى أوراقه القديمة ويضيف إليها أوراقاً جديدة لتشكل مادة كتابه (أسئلة الأدب التونسي) الصادر حديثاً عن دار نقوش عربية.

ونستطيع القول إن من يبدأ بقراءة هذا الكتاب لا يتوقف عن ذلك إلا بعد الانتهاء منها. لا بل ان قارئه سيطالبه بأن يستكمله في أجزاء أخرى ولا أقول جزءاً واحداً فقط ما دامت الإصدارات تتواصل وقائمة الأسماء تكبر وبينها ما هو جدّي ومميز.

عندما دخل هادي دانيال تونس عام 1982 بعد اجتياح بيروت وانتقال القيادة الفلسطينية إلى تونس، تأنّى كثيراً قبل أن يبدأ الكتابة في الصحف والمجلات التونسية، كما أنه اختار محاورة الأسماء المعروفة والمؤثرة وقتذاك ونشر المحاورات في مجلات عربية شرقية مساهمة منه في إلقاء الأضواء على الحركة الأدبية في هذا البلد العربي الذي له منجزه الهام الذي لم ينل حظه من التعريف. ولذا كان إهداء كتابه هذا (إلى تراب تونس التبر وما أنبت وينبت من بشر وشجر وحجر). وهو إهداء مليء بالوفاء لا سيما وأن المؤلف قد اندمج في الحياة الثقافية والاجتماعية وأنجب ثلاثة أبناء من اقترانه بشاعرة تونسية معروفة.

وزّع المؤلف كتابه هذا على قسمين الأول (مبدعون ونقاد) وفيه حاور سبعة أسماء أساسية في الحركة الأدبية التونسية: محمد العروسي المطوي، علي اللواتي، عمر بن سالم، والأب جان فونتان المؤرّخ والدارس والمؤرشف للأدب التونسي، عبد القادر بن الشيخ، محمد لطفي اليوسفي، ومصطفى الكيلاني.

وهذه الحوارات بعضها قديم يعود الى بداية دخوله لتونس وتلمُّسه التعرُّف على الحركة الأدبية والإبداعية فيها، والآخر حديث مثل حواره مع د. مصطفى الكيلاني.

أما القسم الثاني من الكتاب فجاء تحت عنوان (تيارات) وفيه استجوابات عن (حركة الطليعة الأدبية التونسية - جنحة على الأدب أم جناح له؟) لأنّ هذه الحركة مازالت سؤالاً بدليل أنّها كانت عنواناً للقاء مساء يوم الخميس 15-5-2008 في نادي قدماء الخلدونية بحضور اسمين بارزين في هذه الحركة هما الطاهر الهمامي والجيب زناد وعدد من الباحثين والمعنيين، علماً أن الطاهر الهمامي قد أصدر كتاباً كاملاً عن هذه الحركة هو في الأساس بحث جامعي وثق فيه لهذه الحركة ليكون كتابه مرجعاً أكاديمياً لها.

ومن الأسماء التي أجابت عن سؤال المؤلف حول الطليعة الأدبية الطاهر الهمامي، أحمد الحاذق العرف، محمد مصمولي وفتحي اللواتي. ثم يتحول الى سؤال آخر عن (الأدب النسائي في تونس: حقيقة أم وهم؟) وفيه أجوبة ثلاث أديبات هنّ: نجاة العدواني، حياة بن الشيخ، ونافلة ذهب. وأجوبة ثلاثة أدباء هم: جان فونتان، أحمد حاذق العرف ومحمد لطفي اليوسفي.

أما القسم الأخير من الكتاب فهو (الشعر التونسي: جيل الثمانينات) وقد اعتمد أيضا على ردود الشعراء أولاً والنقاد ثانياً، وقد ردّ على سؤاله سبعة شعراء هم: فتحي النصري، الحبيب الهمامي، أولاد أحمد، عبدالرؤوف بوفتح، آدم فتحي، نجاة العدواني، ويوسف رزوقه، كما ردّ عليه خمسة نقاد هم: أحمد حاذق العرف، سليم دولة، محمد بن رجب، نور الدين الفلاح وفتحي اللواتي.

هذه هي محتويات الكتاب الذي اعتمد فيه المؤلف على الاستبيان الذي يرسخ قيمة الشهادة الأدبية لمعرفة الحقيقة وان كانت نسبية، لكنها تعكس التعدُّد المطلوب لإثراء أي مدونة إبداعية.

وقبل أن ندخل في تفاصيل الأجوبة نتوقف عند المقدمة التي وضعها المؤلف لكتابه وجاءت تحت عنوان (ربع قرن من محاولة التكيف مع المشهد الثقافي التونسي) وهي في الأساس مداخلة للمؤلف في ندوة قدمت بنفزة - ولاية باجة أواخر عام 2007 في موضوع (إقامة المثقفين المشرقيين في تونس). وكأنه في هذه المداخلة - المقدمة قد قدّم هو الآخر جوابه عن قدومه لتونس (حدث ذلك صيف عام اثنين وثمانين وتسعمائة وألف ميلادية عندما طلب من إعلامييّ منظمة التحرير الفلسطينية، وأنا نفر منهم، الالتحاق بقيادتها التي اختارت أو اختير لها تونس مقراً جيداً تخرج إليه المنظمة بكامل مؤسساتها بحراً وجواً من بيروت المحتلة - آنذاك). ويقول أيضاً (احتضنتني تونس الرسمية والشعبية إعلامياً فلسطينياً وشاعراً عربياً، وغمرتني بأقصى ما اختزنته من تسامح وتفهّم وبفيض عاطفي شمل كل من دخلها آمناً تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية). ويتحدث عن مشاركاته الأولى في الفاعلية الثقافية التونسية بدءاً من مشاركته في مهرجان شعري بدار الثقافة ابن خلدون بمعية شعراء عرب آخرين كانوا ضمن الجهاز الإعلامي والثقافي لمنظمة التحرير الفلسطينية وهم: عز الدين المناصرة، يوسف غانم (فلسطين) وآدم حاتم (العراق)، ولذلك اللقاء أهمية حياتية بالنسبة له حيث يقول: (فتهيأ لي أن الفرصة سنحت لألج حياة جديدة واشتبكت عاطفياً مع شاعرة تزوجتها لاحقاً).

كما (اشتبك) ثقافياً (مع شعراء وكتّاب مازلت احتفظ بصداقة أعزهم عندي وأقربهم إليّ، فيلسوفي وشاعري وملهمي سليم دولة). أما علاقته مع الأدباء التونسيين فهي التي أثمرت مادة هذا الكتاب التي نشرها في مجلّتيْ (فلسطين الثورة) و(المجلة)، كما نشر نصوصاً للأدباء التونسيين في هاتين المجلتين.

وبكثير من البوح الصافي يتحدث عن حالته وما أصابه بعد حرب الخليج الأولى على العراق عام 1991 التي وصفها بأنها (زلزلت حياتي الثقافية والعائلية) لكنه، وكما يذكر في السياق نفسه: (كرست حبري للقضية العراقية ونذرت شعري لمنابر المربد).

لكن الأمور لا تؤخذ بالنوايا الطيبة فقد لاقى ما لاقاه نتيجة هذا الموقف القومي.

كما يتحدث أيضاً عن ردود الأفعال تجاه ما يكتبه، ويتساءل: (فإذا كان نص تونسي لم يلبّ متطلبات ذائقتي، هل يبرّر ذلك تصنيفي كخصم لتونس؟ ولماذا لا يغفر لي خطيئتي هذه تذوقي قبلاً أو لاحقاً نصاً تونسياً آخر وإشادتي به؟).

ويختم مداخلته - المقدمة بالقول (يسألني البعض: هل تعجبك تونس؟ هل تحبها؟ .. فأسأل مجيباً: وما الذي يضطرني إلى العيش فيها أكثر من ربع قرن إذن). (وللحديث صلة ...)

******

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7902» ثم أرسلها إلى الكود 82244

- تونس


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة