Culture Magazine Monday  03/03/2008 G Issue 236
عدد خاص
الأثنين 25 ,صفر 1429   العدد  236
 

الدبلوماسية العربية وغسان تويني والعمل العربي المشترك
د. عصمت عبدالمجيد*

 

 

إن العلاقات المصرية - العربية التي انعكست آثارها بالطبع على مواقف بعض المندوبين العرب في المنظمة الدولية.

غير أنني أحترم حق أي سفير عربي في التعبير عن رأيه والدفاع عن موقفه.

وربما يكفي للتدليل على مواقف مصر المبدئية وعلى طبيعة العلاقة التي كانت تربطني بزملائي سفراء الدول العربية لدى المنظمة الدولية، والتعاون الذي كان قائماً بيننا بعد زيارة الرئيس السادات للقدس في نوفمبر 1977م حتى بعد توقيع اتفاقيتي كامب ديفيد في سبتمبر 1978م بفترة ما، أورده زميلي غسان تويني مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة في ذلك الوقت في المراسلات الدبلوماسية التي جمعها في كتابه (القرار 425 - المقومات - الخلفيات - الوقائع - الأبعاد) الخاص بالغزو الإسرائيلي للبنان مارس 1978م يقول السفير تويني على سبيل المثال في برقية صادرة منه برقم 93 في 30 مارس 1978م ما نصه حول المقترحات المصرية - الكويتية التي تبنتها المجموعة العربية في نيويورك في اليوم نفسه التي كانت قد اجتمعت بناء على طلب منظمة التحرير الفلسطينية لمتابعة تنفيذ قرار مجلس الأمن 425.

وكنت قد أجريت العديد من الاتصالات مع الأمين العام للأمم المتحدة غداة الغزو الإسرائيلي للبنان ملحاً عليه التدخل شخصياً وباستمرار مع إسرائيل والقيادة الفلسطينية للتوصل إلى وقف إطلاق النار.

وفي جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي انعقدت بعد ظهر يوم 21 أبريل 1978م أثرت مجدداً موضوع العدوان الإسرائيلي على لبنان مشيداً بمجلس الأمن الذي اتخذ قراراً دينامياً وواضحاً مؤكداً أهمية احترام الاستقلال السياسي والوحدة الإقليمية للبنان ضمن حدوده المعترف بها دولياً.

وحذرت من محاولات إسرائيل تفسير القرار 425 أسوة بتفسيرها القرار 242 محاولة بذلك التملص من تنفيذ التزامها الانسحاب الفوري والشامل من لبنان.

ومرة أخرى يسجل تويني في برقية صادرة منه تحمل رقم 146 ومؤرخاً في 24 أبريل 1978م تناولت مناقشات مجلس الأمن والجمعية العامة وطلب حكومته توجيه الشكر إلى عدد من الحكومات التي ساندت الموقف اللبناني ومن بينها مصر (السفير المصري عصمت عبدالمجيد الذي كان بسبب ما يتمتع به من مكانة في الأمم المتحدة، ونظراً إلى سياسات بلده، عنصراً أساسياً في التنسيق مع أمريكا والدول الغربية دون أي تصرف مما جعله يصطدم أحياناً بالمتطرفين في كتلة عدم الانحياز) وكان لي كلمتان بالمعنى ذاته في مجلس الأمن عندما قامت إسرائيل بغزو لبنان في مارس 1978م، وعندما أعلنت عن ضم مرتفعات الجولان في ديسمبر 1981م.

فالأمة التي تنكسر إرادتها لا تقوى على الصمود والمواجهة مع العدو، والمقاومة اللبنانية المدعومة من الحكومة اللبنانية والشعب اللبناني مثلت قوة إرادة قوية لم تستطع إسرائيل أن تقهرها أو أن تكسر إرادتها، إن هذا المثل يوضح أن الأمة التي تملك إرادتها لا تستطيع أي قوة مهما تضخمت أن تكسر هذه الإرادة أو تطويعها.

لقد قدر لي أن أعيش الأزمة اللبنانية منذ بدايتها وأن أتابع تطوراتها عن كثب، بحكم موقعي السابق كمندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة عام (1972 - 1983م)، حيث شاركت في المناقشات التي دارت حول صدور القرار رقم 425 وآليته في القرار 426.

ولقد ذكرت في كتابي (زمن الانكسار والانتصار) ما أورده الصديق والزميل العزيز السفير غسان تويني، مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة في ذلك الوقت في المراسلات الدبلوماسية التي جمعها في كتابه (القرار 425 - المقومات - الخلفيات - الوقائع - الأبعاد)، الخاص بالغزو الإسرائيلي للبنان في مارس عام 1978م.

والمناقشات التي دارت حول الأزمة اللبنانية في الأمم المتحدة، فكتب السفير تويني في برقية صادرة منه برقم 19 بتاريخ 9-2- 1978م ولعل القارئ العزيز يلاحظ أن تاريخ البرقية جاء بعد زيارة السادات إلى إسرائيل في 19-11-1977م وما أحدثته هذه الزيارة من صدمة كبيرة في العالم العربي كتب يقول: (زارني اليوم الدكتور عصمت عبدالمجيد مندوب مصر، وأوضح في طلب الموعد أنه إضافة إلى رد الزيارة، يريد أن يضعنا في الصورة بالنسبة إلى مباحثات السادات، وتحاشى دكتور عبدالمجيد الدخول في تفاصيل مباحثاتهم في واشنطن، ولكنه ركز كثيراً على الاجتماعات مع الكونجرس ومع الزعماء اليهود..

والجدير بالذكر أن كارتر كان يعقد هو الأخر اجتماعات خاصة مع الزعماء اليهود...

وأنه عرض على السناتور جافيتس المعروف بتأييده الكبير للدولة العبرية في أن يضع في تصرفه طائرته الخاصة لتنقله إلى تل أبيب ليجتمع ببيجين لمحاولة إقناعه، من جهة أخرى لاحظت اهتمام دكتور عبدالمجيد بما يحدث في لبنان الآن، (بحثت المجموعة العربية في اجتماع طارئ الوضع الخطير الناجم عن العدوان الإسرائيلي على لبنان والشعب الفلسطيني وأبدت تأييدها الكامل لشكوى لبنان المقدمة إلى رئيس مجلس الأمن، وقررت الشروع فوراً في المشاورات اللازمة مع الدول المعنية والصديقة لاتخاذ الإجراءات المترتبة على هذه الشكوى، والهادفة إلى وضع حد سريع للعدوان الإسرائيلي وتأمين انسحاب إسرائيل الفوري والكامل من الأراضي اللبنانية.

ولقد أرادت إسرائيل أن تأخذ ثمن انسحابها من جنوب لبنان أو أن تضع شروطاً أمنية مقابل هذا الانسحاب ولكن المقاومة اللبنانية الباسلة اضطرتها إلى الانسحاب في إطار القرار 425 وآلية تنفيذه الموجودة في القرار 426 التي تضع التنفيذ في يد قوات السلام التابعة للأمم المتحدة، فانسحبت من أراضي احتلتها لأكثر من عقدين ومن دون أن تنجح في تقاضي أي ثمن أو إملاء أي شروط، وطوال وجودها سجلت إسرائيل رقما قياسياً في احتقار الشرعية الدولية والاستهانة بقراراتها وبرفض تطبيقها لكنها لم تجد لستر هزيمتها في جنوب لبنان أفضل من رفع شعار تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 425.

*الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة