Culture Magazine Monday  09/06/2008 G Issue 251
نصوص
الأثنين 5 ,جمادى الثانية 1429   العدد  251
 

مطالعات
منذر القباني في روايته الجديدة
(عودة الغائب) سرد لمفارقة الحكاية الأزلية بينناعبدالحفيظ الشمري

 

 

إشارة:

- عودة الغائب (رواية)

- د. منذر القباني

- الدار العربية للعلوم (ناشرون - بيروت - 2008م)

-تقع الرواية في نحو (248 صفحة) من القطع المتوسط

- تعد هذه الرواية العمل الثاني للكاتب بعد روايته (حكومة الظل).

يسعى الدكتور منذر القباني من خلال روايته الجديدة (عودة الغائب) إلى تقديم رؤية متكاملة عن حكاية الإنسان التي تتسم عادة بالمفارقات حتى وإن تشابهت الأسباب، وتطابقت الصور.

فالراوئي القباني أخذ على عاتقه مهمة البحث والاستقصاء حول مهاوي الفاجعة التي تحدث لعدة من الشخوص الذين أعد الكاتب أدوارهم بعناية على شاكلة: نعيم الوزان، وجمال جداوي، وجاسم الفراج، وعمر الحسيني، فهؤلاء الشخوص وغيرهم في الرواية يؤدون أدواراً على هيئة شهادات إنسانية منظمة بشكل دقيق، حيث احترف الراوي في نقلها.. فكان القباني ماهراً في رسم الخارطة العامة لشخوص عمله وفضاء سرده للحكاية الأم.

فمعالم القلق والتوتر في المظهر العام للشخصيات ظل هو الركيزة التي تدور عليها فعاليات رواية (عودة الغائب)، فقد شدّ الكاتب قوس حكايته بشكل متزن لتظهر حجم الولع في نبش تفاصيل الحكاية قديمها وحديثها بل حتى التنظير لمستقبلها في مسامرات الشخوص وإرهاصاتهم الحكائية في كل مكان ووفق أي ظروف.

الراوي العليم في أدق تفاصيل حياة الشخوص في خضم هذه الحكاية التي تتحد وشائجها مع حكايات أخرى تجسد الواقع الإنساني الذي يمكن لأي شخص منّا أن يمر ولو ببعض هذه المفارقات.

وحول هذا المفهوم يجدر بنا أن نذكر أن الكاتب الدكتور منذر القباني حشد لهذه الحكاية فضاءً رحباً، فلم يشأ له أن يكون ضيِّقاً وشائكاً تدور فيه أحداث قرن أو عدة عقود، إنما أراد من هذا التمادي الزمني أن يظهر البعد الواقعي للحدث لكي لا يكون مجرد إضاءة عابرة فقط.

فالأحداث وإن تباعدت زمنياً نراها وقد اتحدت في إطار سردي عام، حيث عمد (الراوي) إلى تكثيف التأملات وبناء خطابات حديثة تمزج الطرفة، بالموقف المعبّر لتبرير هذا التوسع في صياغة الحدث العام، المتمثل في رحلة البحث عن الغائب في مستهل الرواية حيث سجل غياب المرأة (دلال رحال) منعطفاً انعكس على فضاء السرد، بل نراه وقد جسد عنوان الرواية كبعد تنويري لمجريات العمل بشكل عام.

يظهر الكاتب شغفه في السرد، لنراه وقد عني في أدق التفاصيل حيث برع في مد الجسور الحكائية بين كل قضية وأخرى، فمن هذه القضايا التشابك المالي، والتداخل في المصالح المادية وعناية (نعيم الوزان) بالتجارة التي جعلها الكاتب رافداً قوياً من روافد بناء هذه القصة المترامية في أبعادها الزمانية والمكانية، مما استدعى الكاتب أن يفرد عشرات الصفحات رغبة في تسجيل الكثير من الأحداث التي يعتقد أنها مناسبة لتقديم رؤية متكاملة عن رحلة الغائب في دهاليز الغيب.

ففي سعي الدكتور القباني إلى تتويج حكايته ببعد إيحائي لما ستؤول إليه الأحداث يقدم في بداية كل فصل من فصول الرواية مدخلاً فلسفياً يقتضب في الإيماء إلى مواطن التميز في المقولات التي تتوارد على ألسنة الشخوص لا سيما حينما يدخلون في سجال حواري طويل، يحاول كل واحد منهم أن يبرر مقاصده على نحو مشاكسات نعيم الوزان، وجاسم الفراج وجمال جداوي حيث يستظهر كل واحد منهم ما لديه من طرائق ومواقف تعزز سلطة الحديث لديه.

(عودة الغائب) خطاب سردي أراد فيه الكاتب أن يبرز سلطة الحكاية التاريخية، ذات الجذور العميقة، حيث يتأسس الفعل ثم يليه البوح، فالمقولات هي التي تأتي دائماً شارحة لمعاني الأفعال والمواقف حيث يوفق الروائي القباني في أن يحيط القارئ علماً بأن حكاية هؤلاء بديعة جداً ولها جذور عميقة، فالقصة يدخل فيها القدر كمعاضد على نحو رحلة (جمال جداوي) الذي تتهاوى قوافل فقده في متاهة الحياة.

الكاتب يبرع في رسم تفاصيل الحياة الدقيقة للشخوص داخل العمل، فكل شخصية من شخصيات الرواية لها إطارها ومنهجها العام حتى وإن كانت شخصية طارئة فهي لدى الكاتب أثيرة في التفاصيل التي تنقل القارئ من مكان إلى آخر ومن زمن إلى زمن وذلك من خلال مقولات هؤلاء الشخوص الذين عكفوا كثيراً على استجماع طاقاتهم لبيان حقيقة حكاية (الغائب) الذي عاد لكن بأخبار ووقائع دامية توجت هذه القصة المستفيضة بخروج السيدة (دلال) الغائبة، وموتها انتحاراً بيدها لتنهي قضية إنسانة شائكة إذ تزعم (دلال) أن نعيم الوزان كان يريد اقتناءها ككائن محنط..

***

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217»ثم أرسلها إلى الكود 82244

hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة