Culture Magazine Monday  14/04/2008 G Issue 243
عدد خاص
الأثنين 8 ,ربيع الثاني 1429   العدد  243
 

لماذا يخاف المقالح من ركوب الطائرة؟!
محمد بن عبدالرزاق القشعمي

 

 

أتذكر أول اجتماع عقدته اللجنة العليا لجائزة الدولة التقديرية للأدب عام 1403هـ، كان سمو الأمير الراحل فيصل بن فهد بن عبدالعزيز الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس اللجنة يناقش مع الدكتور غازي القصيبي عضو اللجنة أسماء المقترح دعوتهم لحضور أول حفل للجائزة الذي أقيم في بداية عام 1404هـ وفاز بها كل من الأستاذة حمد الجاسر وأحمد السباعي وعبدالله بن خميس.

لقد اتفق على دعوة مجموعة من خيرة الأدباء والعلماء والمفكرين العرب وأذكر أن من دعي ولم يحضر من اليمن الشاعران الكبيران عبدالله البردوني وعبدالعزيز المقالح مدير جامعة صنعاء وقتها.. وقد سمعت فيما بعد أن المقالح لا يركب الطائرة وأنه مثل غيره ممن يخاف ركوبها، ولهذا فهو قليل السفر في الفترة الأخيرة.. وقد بقي هذا السؤال في ذهني لأكثر من ربع قرن حتى قابلته على هامش معرض الكتاب في صنعاء عام 2005م وفي منزل الشاعر محمد عبدالسلام منصور حيث سألته هذا السؤال؟ فأجاب: بأنه قبل ثلاثين عاماً وعند توليه إدارة جامعة صنعاء كانت تأتيه دعوات من بعض الجامعات والمؤسسات المماثلة في الدول العربية وغيرها وكان يحضر بعضها.. فسمع أن البعض بدأ يلمزه بأنه يخص نفسه بالمهام والسفرات ولا يعطي غيره مثل هذه الدعوات.. فاتخذ موقفاً حاسماً بأن لا يسافر أو يلبي أي دعوة. فكان غيره من مسؤولي الجامعة يمثلونها في مثل هذه المناسبات.

ويقول رغم أنني عضو في كثير من المؤسسات العلمية واللجان في بعض العواصم العربية مثل (عضويته لمجمعي اللغة بالقاهرة ودمشق) إلا أنني لا أحضر اجتماعاتهم بل أرسل مشاركاتي مكتوبة، فعندما تكرر للآخرين عدم سفري أشاعوا بأنني أخاف ركوب الطائرة.

وأذكر وقت حديثي معه أن الأستاذ عبدالناصر مجلي والقادم من أمريكا للمشاركة في هذه المناسبة الثقافية كان يلتقط لنا صوراً للذكرى وقد وعدني بإيصالها لي قبل السفر إو إرسالها لي بالمملكة، ومع ذلك لم تصل حتى الآن. علماً بأن الشاعر عبدالوهاب الفارس مع الأستاذ جبير المليحان كان هو الآخر يلتقط بعض الصور في كثير من المناسبات وهو الآخر وعد إرسال شيء منها لي ومع ذلك لم يتحقق شيء من هذا.

أعود للدكتور المقالح هذا الإنسان البسيط المتواضع الذي سعدت وزملائي - جبير المليحان وعبدالوهاب الفارس وعبدالرحمن موكلي وعبدالله ثابت ومحمد مسير مباركي - بالجلوس والتحدث معه لأكثر من خمس مرات سواء في (بيت الثقافة) أو (مركز الدراسات والبحوث اليمني) الذي يشرف عليه أو في منزله أو منزل أحد أصدقائه عصراً في المقيل، فبعد عودتي من اليمن بعثت للدكتور المقالح ما لم أجده في مركز الدراسات والبحوث من بقية كتب ومؤلفات الأستاذ عبدالكريم الجهيمان وبالذات الأمثال والأساطير الشعبية وكذا مطبوعات مكتبة الملك فهد الوطنية وغيرها. إذا وجدت المركز يقوم بدور كبير في تقديم المراجع وتفويرها للباحثين والدارسين والمهتمين.

والمقالح من مواليد عام 1937م أي أنه قد أكمل السبعين من عمره وما زال يبدع ويكتب في كثير من الصحف والدوريات العربية في مختلف أنحاء العالم، فهو يتمتع بصحة جيدة وله برنامج يومي يلتزم به، دقيق في مواعيده، ينام مبكراً ويستقيظ مبكراً وله مواعيد محددة للقراءة والكتابة والعمل الرسمي وحضور المناسبات، وبالذات تبادل الزيارات مع أصدقائه ومحبيه وعرفت أن قد خصص يوماً في الأسبوع لأسرته والبقاء معهم في المنزل.

لقد فاجأني بنشره مقالاً في مجلة (المجلة) في 7 صفر 1427هـ مستعرضاً كتابي (ترحال الطائر النبيل) بعنوان (محمد القشعمي وترحال الطائر النبيل) سيرة الروائي الكبير عبدالرحمن منيف، لقد أسعدني بهذه اللفتة الجميلة وإغداقة عليَّ من الأوصاف ما لا أستحقه مثل قوله: (لا يخلو قطر عربي من شخص أو مجموعة أشخاص يعملون بصمت في خدمة الأدب والأدباء بلا مقابل وأحياناً لا يذكر، ولا يتساوى مع ما يبذلونه من جهد ومتابعة وارتحال في الكتب وبين المطابع ودور النشر.

ويحضرني لحظة كتابة هذه المقاربة شخص الصديق الأستاذ محمد القشعمي الأديب والباحث السعودي المتفرغ لمتابعة الأعمال الأدبية للرواد في المملكة ونشرها وتوزيعها وإيصالها مجاناً إلى كثير من الأشخاص وإلى عدد من الجامعات ومراكز البحوث العربية، والقشعمي باحث وكاتب مبدع لا يتحدث عن نفسه ولا يسوق نتاجه الأدبي والبحثي كما يفعل الآخرون، وكما يعمل هو نفسه مع الآخرين، وهو بذلك يشكل استثناءً فريداً في زمن شعاره الصارخ (أنا وقبلي وبعدي الطوفان) ثم بدأ باستعراض كتابي المتواضع عن الراحل عبدالرحمن منيف.

لقد أخجلني بحق بل وأركبني مركباً صعباً أعانني الله على المحافظة عليه. واختتم مقاله بقوله: (فلنوجه تحية لفنان مبدع كبير طوى الموت جسده وبقيت روحه حية خالدة في أعماله الإبداعية والفكرية، وشكراً للصديق الأستاذ محمد القشعمي الذي أوقد شموع السبعين في حياة ذلك المبدع قبل أن تجنح شمسه نحو الغروب).

وأنت الأن - يا عبدالعزيز - وقد تجاوزت السبعين منها خمسة وأربعون عاماً عشتها شاعراً مبدعاً وناقداً منتجاً عندما كرمت في صنعاء بمناسبة اعتبارها عاصمة للثقافة العربية عام 2005م وطبعت لك وزارة الثقافة والسياحة الأعمال الشعرية الكاملة بثلاثة مجلدات. أتمنى لك طول العمر ومزيداً من العطاء والإبداع.

-الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة