Culture Magazine Monday  16/06/2008 G Issue 252
فضاءات
الأثنين 12 ,جمادى الثانية 1429   العدد  252
 

نظرات في الثقافة «3»
المفهوم.. الملامح.. المكونات
د. عبدالرحمن الفريح

 

 

(عد بعض الباحثين التراث جزءاً رئيساً في الشخصية الإسلامية التي تحقق انتماءنا لعروبتنا وإسلامنا أما من يدعي عالمية التراث فمردود عليه بتميز الثقافة الإسلامية بالعقيدة التي تشكل اللغة العربية عمودها الفقري).

إن ثقافتنا الوطنية تتميز إضافة لما سبق بكون اللغة العربية وسيلتها للانتشار وأنها ثقافة أصلية قادرة على المعاصرة ومجاراة الزمن دقيقة في تعابيرها سليمة في مقاصدها تعتز بالتراث وتتصف بالشمول).

(إذا كانت الحضارة الحديثة أهملت الاهتمام بالروح فأصبح العالم بحاجة إلى دين يجعل غايته الإنسان فإن من خصائص الثقافة العربية والإسلامية خاصية التجاوب والتفاعل التي تمنح الفرد الحرية ليصبح خليفة في الأرض للإصلاح لا للفساد وقد جاءت هذه الثقافة بالعدل والإحسان والصدق والمساواة فأبرزت الشخصية الإسلامية على مر التاريخ في نماذج بشرية واقعية من أمراء وقادة وأفذاذ وعلماء ومفكرين).

(للغة أهمية في الثقافة وهناك حرب موجهة إليها فالاستعمار رغم ما صبه على المسلمين من البطش والتنكيل وأنزل بهم ضروباً من الفتن لا تساوي ظلماً ارتكبه حين حاول أن ينشئ فينا أجيالاً تتنكر لشخصيتها وتبغض دينها وتبصق على تقاليدها وتنظر إلى تاريخها الحافل بالأمجاد نظرة احتقار وجعلها تقنع بتفاهة ثقافتها الخاصة).

(إن الثقافة الإسلامية تعني ببناء الشخصية ثقافياً وروحياً بعكس الثقافات التي لا تعطي الجوانب الروحية أي اهتمام يذكر وأهمية المحافظة على ثقافتنا لا ينفي الاستفادة من التطور في الثقافات الأخرى دون تبعية أو تقليد للمحافظة على خصائص الشخصية الثقافية دون إفراط أو تفريط).

(إن الثقافة تاريخ ومتغيرات وخصائص بما في ذلك المتغيرات الثقافية في العصر الحديث والغرب أخضع الثقافة لاعتبارات عقدية وفلسفية والاشتراكيون يرون إنها ذات علاقة وظيفية بالجماعة وفلسفة المجتمع).

(الثقافة العربية الإسلامية تتميز بكونها نتاج للإنسان والمجتمع معاً وهي ليست بحاجة للاتكاء على ثقافة الإغريق أو التمرد والانحلال والضياع).

(وخصائص الثقافة الوطنية تتفق مع ثوابتنا مما يحمينا من الانغماس في الأدب المنحرف والفكر المريض وألوان المتعة الحرام ونستفيد من معطيات العصر ونأخذ منه حاجاتنا ونترك مالا يتفق مع القيم والثوابت).

(نراعي المتغيرات التي تفرضها ظروف العصر ونقدر التعامل مع البيئة الصناعية التي يشاركنا فيها جزء كبير من البشر مثل الفضائيات والمتغيرات الناتجة عن تطور الاتصالات بالثقافات الأخرى أو ما يسمى المثاقفة مضافاً إلى ذلك التطور الداخلي في ثقافتنا إذ أننا نعيش في واقع متغير نؤثر فيه ونتأثر به مع ملاحظة أننا نواجه اليوم بثقافة تبث نفسها بكل قوة إلى مختلف أنحاء العالم محاولة فرض نفسها تحت مسمى الثقافة العالمية ونحن نمتلك ثقافة ذات أبعاد عديدة عالمية متسعة الأفق شاملة متكاملة متوازنة وسطية إيجابية واقعية تدور حول محور واحد هو عبادة الله عز وجل مع الأخذ في الاعتبار عمارة الدنيا وبناء الحضارة فالحكمة ضالة المؤمن).

(ثقافتنا ثقافة إسلامية لغتها اللغة العربية باعتبارها لغة القرآن ووعاء الفكر تقوم على التاريخ المشترك والآداب والعلوم والفنون المنضبطة أخلاقياً وعقائدياً فترسخ الإيمان وتقوية وتنمي الحس الجمالي دون الخروج على الثوابت والتقاليد المنضبطة أخلاقياً وعقائدياً مع الاستفادة من تجارب الأمم وخبراتها).

(لابد من التأكيد على بناء جيل متماسك الشخصية محدد الهوية واثق من نفسه مؤمن برسالته يمكن أن يدخل العالم الجديد بشخصيته وثقافته المتميزة لتسهم في الثقافة الإنسانية برصيد متميز مع أهمية التحصين الثقافي أمام التيارات المخالفة وهو من أوجب الواجبات اليوم لتبقى للأمة شخصيتها وثقافتها النابعة من عقيدتها بعيدة عن مزالق الفكر الخطر).

(كذا العناية بأدب الطفل والتأكيد على أن ثقافتنا تقوم على ركائز وقيم إسلامية لا يمكن أن تقبل بالجمود أو التباكي بل هي ثقافة متجددة تسعى للتطور والاطلاع والنمو إلى الأفضل في أطر الحق والخير والجمال ولابد من الاستمرار في التربية والقراءة الواعية بحيث تصبح المكتبات جامعات مفتوحة ومراعاة الخطاب الإعلامي الذي يجب عليه أن يوضح ملامح ثقافتنا الوطنية وإن الاستفادة من الآخر شرقاً وغرباً ليست عيباً بل العيب هو الانغلاق على الذات وإذا كانت قضية التعامل مع تحديات الثقافة الغربية ذات تأثير قوي على الثقافة العربية وتباينت المواقف بشأنها فإن ثقافتنا الوطنية لم تكن بعيدة عن هذا المعترك وقد رأينا في عالمنا العربي موقفاً سلبياً أمام الحضارة الغربية وكل ما انبثق منها من مؤسسات حضارية وثقافية ودعوة إلى عدم الأخذ بشيء من أسباب هذه الحضارة مع استحالة ذلك عملياً).

(رأينا دعوة إلى التغريب والأخذ بكل أسباب الحضارة خيرها وشرها سواء ما يتعلق بالعلم والصناعة أو ما يتعلق بالثقافة وأسلوب الحياة الروحية والعقلية واللغوية والإيمان بكل قيم الثقافة الغربية ومناهجها الفكرية وفلسفتها المادية ونظمها الاقتصادية والسياسية).

(واتجاه ثالث يريد التوفيق بين الحضارتين ويدعو إلى تقريب مبادئ الإسلام من مثل الحضارة الغربية مع الميل إلى تبني الثقافة الغربية والعمل على تطوير الإسلام والبحث عن أدلة ذلك من أقوال مفكري الإسلام ما أمكن وهذا شعور بالحاجة إلى مواجهة القضايا الجديدة باستنباط أحكام شرعية توافقها وينتهي به المطاف إلى دعوة هي المطالبة بالنظر في التشريع الإسلامي كله دون قيد).

(لربما تطور هذا إلى التخلي عن كثير من أسس الثقافة الإسلامية بحيث تطابق الحضارة الغربية أو تقترب منها إلى أقصى ما تسمح به النصوص والمبادئ من تأويل على أقل تقدير).

(واتجاه رابع يؤكد على الدعوة إلى احتفاظ المسلمين بإسلامهم حسب القرآن والسنة والوقوف عند حدود الفكر الإسلامي في منابعه الأصلية وإعادة تماسك الجماعة الإسلامية مع الإفادة من خير ما أنجزته المدنية الغربية والعلم الغربي مع عدم الأخذ من الثقافة نفسها إلا ما كان لا يتعارض مع شخصية الأمة (وهذا الاتجاه الأخير يرى مواجهة الحضارة الغربية مواجهة الواثق بنفسه المتمكن مما عنده من إمكانات وطاقات يميز بين الثقافة كمذهب ورأي وروح تتميز به الأمة عن غيرها وبين شؤون الحضارة والعمران والمدنية ويدعو إلى إيجاد تيار قوي يواجه الحضارة الغربية بشجاعة وإيمان مترفع عن التقليد داع إلى الأخذ بطريق مبتكر يجمع بين الإيمان المنبثق عن الاعتقاد بالأنبياء والرسل وبين العلم الذي هو ليس ملكاً لبلد أو شعب وإنما هو للناس جميعاً).

هذا الاتجاه يحاول أن يأخذ من الدين الدوافع الخيرة ومن الغرب الآلات والوسائل الفنية ويعامل الحضارة الغربية كمادة خام يستفاد منها للخير والشر.

(هذا الاتجاه يحاول أن يجمع بين حسنات الشرق والغرب وقوة الروح والمادة والفرد والمجتمع وهو يحاول أن نبقى على مستوى الشعور أبداً بأننا أصحاب عقيدة ورسالة وثقافة ومنهج في الحياة).

- حائل


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة