Culture Magazine Monday  21/01/2008 G Issue 230
فضاءات
الأثنين 13 ,محرم 1429   العدد  230
 

في الجزائر ثانية:
والملتقى (سرديات الكاتبة العربية) 1 - 2
عبدالرحمن مجيد الربيعي

 

 

كان الأصدقاء الجزائريون وعلى رأسهم الصديق الروائي أمين الزاوي مدير عام المكتبة الوطنية كرماء معي هذا العام الذي اختيرت فيه الجزائر عاصمة للثقافة العربية فبعد دعوتي لملتقى (الثورة الجزائرية في الأدب العربي).

دعيت ثانية لملتقى (سرديات الكاتبة العربية) جاءتني هذه الدعوة وسط عدة دعوات متقاربة لم أجدني قادراً على تلبيتها وكم تمنيت ذلك ولكن الإجراءات هي التي حالت وأعتقد أن مبدعي العرب الكبار وعلماءهم وأفذاذهم ما كانوا سيتألقون في تاريخنا وتكبر أدوارهم لو أنهم عانوا من التأشيرات.

ابن خلدون الكبير جاب الأرض العربية من الأندلس حتى سوريا مروراً بالجزائر ومصر عدا منطلقه من بلده الأثير تونس، وكذا المتنبي من العراق إلى سوريا إلى مصر، يذهب متى شاء ويغادر متى شاء أيضاً، يقيم أينما أحب ويغير بلد إقامته متى أحب، فكلها أرض العرب، ولغته لغتها لكن اتفاقية.. سايكس بيكو علبتنا داخل البلدان التي نولد فيها ولذا نثمن بأريحية ما أقدمت عليه دول المغرب العربي ومجلس التعاون الخليجي من تنقل مواطنيهما بدون تأشيرات دخول ولعل المثال الأسطع كان وما زال بين سوريا ولبنان إذ يتنقل مواطنوهما من وإلى بالبطاقة الشخصية فقط، وهذا ما يعمل به بين دول الاتحاد الأوروبي حيث أصبح الانتقال من بلد إلى آخر كالانتقال بين مدينة ومدينة داخل البلد الواحد.

كنت أردت جواباً على أسئلة وجهت لي مراراً: عندما يغادر أديب عربي بلده فإن أوروبا وجهته أو فلنقل حلمه أردد: أنني كاتب عربي لا أستطيع الكتابة إلا في بيئة عربية وعندما أدس جسدي في شارع مكتظ أو سوق أو مقهى في أي مدينة عربية فسعادتي القصوى هي في الإنصات إلى لغتي بأي لهجة كانت؟!

لا أريد أن أستطرد في موضوع كهذا فهو موضوع متعب بل ومؤلم جداً أعانيه شخصياً بحرقة وأسف وأصل إلى القول إن رحلتي للجزائر أعتز بها ولأنني صافحت وجوه أصدقاء ومحبين ما كان لي أن أصافحها لولا هذه الدعوة الكريمة.

وخلال يومين 27-28 نوفمبر - زمن الندوة - عقدت تسع جلسات في مبنى المكتبة الوطنية (قاعة الأخضر السائحي) ولذا كان البرنامج مكتظاً بحيث لم يستطع كل محاضر أن يقدم إلا تلخيصاً مكثفاً لورقته لا يتعدى 15 دقيقة.

ورغم أن الندوة مكرسة لسرديات الكتابة العربية إلا أن للرجل حصته في أن يتحدث هو الآخر في هذا الموضوع.. وقد حضر باحثون عنوا بهذا الموضوع كل العناية مثل الباحث العراقي الدكتور عبدالله إبراهيم المقيم للعمل في دولة قطر وهو منسق جائزة قطر العالمية والباحث الجزائري د. محمد ساري وهو روائي ومترجم أيضاً والباحث السوري د. صلاح صالح والجزائري د. شريبط أحمد شريبط وكذلك الجزائري د. الطاهر رداينية وهما من كلية الآداب في عنابة والباحثة التونسية د. جليلة الطريطر ومعهم كاتب هذه السطور الذي قدم ورقة قرأ فيها شخصيتين نسائيتين من روايتين لأمين الزاوي.

يقول الدكتور الزاوي في كلمته التي تصدرت برنامج الملتقى: (وحين تكون المرأة كاتبة فهي الشاهد على التاريخ شهادة (المكوي) بجمره وبحلمه، وحين تكون المرأة هذه منتمية إلى عالم اسمه (العالم العربي) هذا العالم المليء بالأعطاب والكوابح والمليء أيضاً بالأحلام، فأعتقد أن حالة المرأة هذه استثنائية وكتاباتها نصوص من (حبر) خاص.

لم يخرج المجتمع العربي من فقه (الذكورية) لم يتخلص الفرد العربي في الغالب من ثقافة (الذكورية) أو (الماتشيزم) لذا فالمرأة الكاتبة في مجتمع كهذا هي امرأة من تبر خاص).

ويستعين الزاوي برأي لكاتب ياسين يقول فيه: (المرأة الكاتبة وزنها ليس من ذهب بل من بارود) ويعلق عليه بقوله: (إن المرأة الكاتبة في العالم العربي انطلاقاً من مقولة كاتب ياسين فهي (البارود) الحداثي هي (بارود) (الحداثة) الذي يمثل انقلاباً حقيقياً في رمزية الحضور وفي معنى القول وفي سلالات الكتابة).

كان عدد المدعوات سواء من الساردات أو الدارسات أكبر من عدد المدعوين، وقد انتبهت إدارة الملتقى إلى أسماء مبدعات فجاءت بهن من شتى أرجاء الوطن العربي لا سيما من الساردات العراقيات المعروفات فجاءت ميسلون هادي من بغداد كما جاءت روائية عراقية أخرى من عمان حيث تقيم هي هدية حسين. وقد ساهمنا بتقديم شهادتين عن محنة بلدهما وكيف انعكست على كتاباتهما.

أذكر هنا أسماء زليخة أبو ريشة، ليلى الأطرش (الأردن)، فوزية مهران، عزة بدر (مصر)، ربيعة ولحان (المغرب)، كوثر خليل (تونس)، سهاد عبدالهادي (فلسطين)، لطيفة الحاج، إلهام منصور، يسري مقدم (لبنان).

أما المساهمات الجزائرية فقد توزعت بين اللسانين الفرنسي والعربي. وكان لحضور الروائية والوزيرة وعضوة البرلمان زهور ونيسي معنى كبير لا سيما وأنها قدمت شهادة وأدارت جلسة وساهمت في النقاش الثري، وهو ما فعلته الشاعرة والباحثة الجامعية د. ربيعة جلطي.

وقد ألحق الملتقى بليلة شعرية عراقية يمنية، وهو تقليد عملت به إدارة المكتبة الوطنية منذ بداية هذا العام الذي اختيرت فيه الجزائر عاصمة للثقافة العربية.

وقد حضر من دمشق الشاعر العراقي الرائد والكبير عبدالرزاق عبدالواحد ومن سلطنة عمان الشاعر عبدالرزاق الربيعي ومن دمشق الشاعر منذر عبدالحر.

ولي عودة للحديث عن أمسيتهم - أو عن ليلتهم العراقية - في الجزائر.

وهنا لا يمكن لمن حضر الملتقى أن ينسى ذلك الحضور الشفاف والأصيل للفنانة العراقية سحر طه القادمة من بيروت ضيفة شرف فغنت من التراث العراقي الأصيل، ووزعت على بعض الأصدقاء نسخا من كتابها الذي روت فيه محنة وطنها بعد احتلاله فكأن الموسيقى وحدها لم تسعفها فاستعانت معها بالكتابة.

- تونس


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة