Culture Magazine Monday  21/01/2008 G Issue 230
نصوص
الأثنين 13 ,محرم 1429   العدد  230
 
مطالعات
منيرة السبيعي في (بيت الطاعة) سرداً:
تسير الأحداث نحو استقصاء بانورامي مترامي الحكاياتعبدالحفيظ الشمري

 

 

منيرة السبيعي تصف ومن دون مواربة، أو مداراة واقع حال الأنثى في رواية جيدة وسمّتها بعنوان (بيت الطاعة) مراعية بذلك حساسية هذا الخطاب الإنساني المعبّر حقيقة عن شريحة تعاني ويلات هذه القضية الأسرية المؤذية.

تستهل الروائية منيرة السبيعي بإهداء شارح لمأساة البطلة (نورة) المرأة التي تظهر في أولى ملامح الرواية حاملة همّ الإنسان الذي يسكنها، وهمّ إبراهيم.. زوجها الذي يعد لها العدة لأن تكون صاغرة ذليلة.. (فنورة) هنا تحاول أن ترتب لنا قضية زوجية شائكة ومتشعبة يظهر فيها النفور، وتطغى على وصفياتها أحاديث كثيرة تذكر بقدر الرجال، وبمكرهم وبدهاء لا يوصف من المرأة التي لم تكن (نورة) وصديقتها (رباب) سوى شارحتين لهذه المشاهد الخلافية الحادة.

تسير الرواية على نحو استقصائي فضفاض، يعتمد على صور الغيرة عند النساء، وحب الانتقام لديهن، ومحاولة الظفر بأي غريمة تجرؤ على أن تدخل حماها.. حمانا الوالي القهار..!! فالكاتبة منيرة السبيعي تدفع بشخصية (نورة) نحو انثيالات وجدانية عاصفة تتخذ من الخلاف الزوجي مصدراً مهماً لسرد تفاصيل هذه الحكاية.

لوحات الرواية أو لنقل أبوابها تتوارد على هيئة اعترافات، وحوارات عفوية قد يكون من المجدي اختزالها بموقف رامز يعبر عن أي قضية ربما تتطلب إطناباً وشرحاً مستفيضاً على نحو إعدادات البطلة لدخول وخروج زوجها (إبراهيم)، فمن الضروري أن تتوسم (نورة) بالمستمع إلى حكايتها الفهم، والحصافة وأن يكون للكاتبة (منيرة) هذا التوجه الذي يرفع من ذائقة القارئ الذي قد لا تهمه التفاصيل الصغيرة، فضلاً عن تكرارها الذي يحمّل الرواية عبء تزاحم المشاهد التي تصف حكاية المرأة المطعونة في كرامتها، مما جعلها تسرف في وصف المنقولات وتعيد على مسامعنا كل صغيرة وكبيرة عن همها وعذابها.

ولكي تكون الكاتبة منيرة السبيعي أمينة في نقل معاناة البطلة (نورة) فقد دبّجت لنا وعلى مدى عشرات الصفحات بوح هذه الأنثى التي تبحث لها عن حل لمعاناتها، وألمها الذي تأثرت به حياتها لنراها في اللوحة التاسعة من الرواية تدخل منعطفاً حزيناً يستدعي صورة والد (نورة)؛ حيث كان يشير والدها الراحل إلى زوجها إبراهيم في ليلة زفافها: (ترفّق بها يا إبراهيم، تراها رقاقة..!! رحمه الله، كم غمرها بفيض حبه في حياته) وتستدرك البطلة على مآل حالها:

(أما الآن فلم يعد هناك لا حب ولا بطيخ.. قالتها نورة لنفسها..) (الرواية ص67)

وتحاول الكاتبة أن تدفع بمزيد من الحكايات الأخرى نحو القارئ رغبة منها في تكوين مشهد بانورامي يرسم شسعة هذه البيداء الاجتماعية الشاقة حيث تؤول الأحلام إلى سراب، والجمال إلى ملامح جافة، والمشاعر العفوية إلى أحاديث معلبة لا طعم فيها ولا روح. ظلت المرأة (نورة) متسيدة في الأحداث ولم نشأ أن تمنح الرجل فرصة أن يبين مشاعره نحو هذه القضية التي تدور رحى تفاصيلها الشاقة، والمرأة في منتصف حكايتها لا تزال في توق إلى أن تتعرف على غريمتها (نوف) المرأة التي تبدو في نظرها ماكرة وغادرة.

تختم الكاتبة منيرة السبيعي روايتها في بناء درامي متواثب يعكس حجم الألم الذي قد تعيشه الأنثى حينما تسيطر عليها حالات كثيرة من التداخلات الأسرية، والتناقضات الاجتماعية حيث اكتشفت البطلة الكثير منه في رحلتها الدقيقة للبحث عن الحقيقة التي تفتقدها في هذه العلاقة بينها وبين زوجها وذلك من خلال استعراضها للكثير من الحكايات بطول المدينة التي أشارت إليها بالعاصمة الرياض والكثير من أحيائها، ومواقعها (المدرسة، البنك، المقهى، المشغل، والحفلات الخاصة) إضافة إلى مواقع أخرى أشارت إليها عرضاً مثل لبنان والمغرب وسوريا، ولندن وبلاد أخرى رأت الكاتبة أنها امتداد لحكاية العناء اليومي الذي يعيشه أبطال وشخوص هذه الرواية التي اعتمدت كثيراً على عرض التفاصيل الأنثوية الدقيقة جداً حتى بتنا على أنقاض حالة من الهياج العاطفي الذي استنفد طاقته لتعود الهواجس والمآسي إلى قمقم الحكاية القديمة، حيث وجدت المرأة ذاتها في التماهي مع من حولها لاسيما أخوها (ماجد) الذي وقف معها في محنتها حتى اجتازت هذه الأزمة الأسرية بسلام.

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217»ثم أرسلها إلى الكود 82244

*****

إشارة:

* بيت الطاعة (رواية)

* منيرة السبيعي

* الدار العربية للعلوم- ناشرون- بيروت- 2007م

* تقع الرواية في نحو 232ص من القطع المتوسط.

hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة