Culture Magazine Monday  23/06/2008 G Issue 253
قراءات
الأثنين 19 ,جمادى الثانية 1429   العدد  253
 

حمود البدر.. رائد يستحق التكريم
محمد بن عبدالرزاق القشعمي

 

 

يعتبر حمود البدر من أول دفعة تلتحق بأول مدرسة ابتدائية حكومية تفتح بالزلفي عام 1367هـ.

- التحق بالمعهد العلمي بالرياض بعد حصوله على الشهادة الابتدائية عام 1372هـ، وفي عام 1377هـ التحق بالمعهد السعودي بمكة المكرمة لمدة أربعة أشهر ليحصل على شهادته حتى يتمكن من الابتعاث إلى مصر، حيث كان ذهابه إلى هناك خلال 78 إلى 1382هـ تخصص في الصحافة وحصل على شهادة البكالوريوس وقد جاء للمملكة لعمل دراسة ميدانية صحفية واختار أن يمثل جريدة البلاد حيث قام بجولة في جنوب المملكة عام 1381هـ استمرت أربعين يوماً بدأت من بيشة وانتهت بجازان مروراً بمناطق عسير وغيرها، وكانت وسائل تنقلاته تبدأ بالطائرة وتنتهي بالحمار، وأذكر أنه قد نزل ضيفاً على أمير إحدى مدن الجنوب - تثليث- وكان من أبناء الزلفي وهو صالح العصيمي وعندما عرف السبب الذي أتى به، قال: يبي يطق الحشر، أي ستقوم الساعة، إذ كيف يأتي قبل أيام مفتش من وزارة المالية من أهالي (تمير) والآن يأتي صحفي من (الزلفي) فقد جرت العادة أن يأتيهم مفتش إما من مصر أو على الأقل من أبناء الحجاز.

وأذكر أن حمود البدر من صغره كان يحب اقتناء كل جديد، فقد أحضر للزلفي معه عندما كان طالباً بالرياض راديو، وسمع من الإذاعة خبر ثبوت رؤية الهلال وغداً سيكون العيد.. وأهل الزلفي لا يعرفون، ولا بد من التثبت ووصول خبر رسمي من إمارة المجمعة التي بها مبرقات.. والمندوب قد يتأخر.. فأسر لأحدهم بأن غداً هو العيد.. وهذا الأحد سرب الخبر حتى وصل لإمام الجامع الذي استدعاه عند صلاة القيام وهدده بالجلد غداً إذا لم يصل ما يثبت أن غداً هو العيد وبعد ساعة جاءه الفرج.

كما أحضر معه للزلفي آلة تصوير مع محلولاتها لاستظهار الصور (التحميض).

يجب ألا ننسى أن للرجل دوراً مهماً في مساهمته في توعية أبناء بلدته فقد افتتح مكتبة أهلية عامة في (العقدة) بالزلفي عام 1375هـ مع زميله عبدالله العثمان ونجد الأستاذ سعد البواردي يعتمدها كوكيل لتوزيع مجلته (الإشعاع) عندما كانت تصدر من الخبر عامي 1375/1376هـ وقد كتب تحت عنوان (وكلاء مجلة الإشعاع.. الزلفي: مكتبة الزلفي الأهلية لصاحبيها: حمود العبد العزيز البدر وعبد الله العثمان).

وعند صدور جريدة الخليج العربي عام 1378هـ وانتقال طباعتها إلى مطابع الرياض أصبح حمود البدر مدير تحريرها وهو الذي يستقبل موادها وينقلها من محطة القطار إلى المطابع ويشرف على طباعتها ويتولى توزيعها بالرياض ويشحن الأعداد المطلوب إرسالها للمنطقتين الشرقية والغربية وبقية المناطق.

وحتى لا أطيل عليكم سألقي نظرة سريعة على زاوية كان يكتب بها في جريدة اليمامة مع بدء صدورها في عهد المؤسسات الصحفية نهاية عام 1383هـ، وهي زاوية (إشراقة)، ويوقعها باسمه الذي كان يعرف به في بلدته وهو طفل صغير (الزلفي) كمعيارة (مشرق).

وكنا وقتها في البلدة (الزلفي) لا نعرف فلاناً إلا بمعيارته - فكل منا يشتهر باسم آخر مرادف لاسمه، فقد يتغلب الاسم (المعيارة) على اسمه الصحيح فقصة (مشرق) كما يرويها صاحبها حمود البدر:

بعد افتتاح المدرسة السعودية الأميرية بالزلفي عام 1367هـ التحق بها ضمن أول دفعة من الطلاب يذكر منهم ابن عمه عبدالمحسن الحمد العباد، وسليمان الدخيل الطريري، وابن عمه ناصر، وسليمان العثمان الفالح، وعبد الرحمن وعلي ابني مدير المدرسة نفسها الشيخ محمد السليمان الذييب، وأحمد السليمان الرومي، وعبد الرحمن بن حمد، وكان حمود البدر متحمساً للدراسة ومجتهداً فيها، وكان في (المجلس) سوق وسط البلدة (العقدة) أحد الدكاكين التي يباع بها المواد الغذائية وغيرها وكان صاحب الدكان أحمد المحمد النصار (رحمه الله) كثير التردد على الكويت والحجاز ويجلب بضائعه من هناك، فكان أن أحضر تقويم (رزنامة) أم القرى وعلقه في آخر الدكان وذلك في عام 1368هـ أي قبل أكثر من ستين عاماً من الآن. فكان يأتي الطفل - حمود البدر- بعد أن عرف مكان التقويم ليقرأ المعلومات المكتوبة في كل ورقة من أوراق التقويم من حِكَم ومواعيد الصلاة وغيرها.. فربما تضايق منه صاحب الدكان؛ لأنه كان يأتي في أوقات غير مناسبة كوجود زبائن أو بعض كبار السن يتحادث معهم.

ومن باب الميانة لا ينتظر خلو الدكان من أحد، بل يدخل بكل جرأة ويقلب أوراق التقويم ويتهجى ما كتب فيها من معلومات وربما بصوت مرتفع، وإذا خفي عليه شيء يسأل فلا يجد لدى أحمد النصار جواباً، ففي إحدى المرات منعه من الدخول كالمعتاد، وقال له: والله إنك (مشرق) أي كثرت أسئلتك التي تبحث عن إجابه تجيب الشرقة، فعُرفَ حمود البدر بهذا الاسم (المعيارة) وأنه لا يجرأ أحد أن يعير بها صاحبها حتى لا يعير هو بالتالي بما قد يلصق به؛ وهكذا بعد سنوات وعند تأسيس مؤسسة اليمامة الصحفية عام 1383ه وبداية صدور جريدة اليمامة قبل أن تصبح مجلة يوم الجمعة 7-11-1383ه حيث حمود البدر أصبح مدير تحريرها وكتب بها تحت عنوان (فكرة الأسبوع) واستمر يكتب تحت هذا العنوان إلى جانب عمود آخر تحت عنوان (إشراقة) ويوقعها باسم (مشرق)، واستمر بالكتابة أسبوعياً وحتى مغادرته لأمريكا حوالي عام 1385ه لاستكمال دراسته العليا فتوقفت الزاوية وغاب عنا (مشرق)، ولهذا عُرف أنه صاحبها، فكنا نستغرب كيف يُعيِّر نفسه. فهذه جرأة منه غير معتادة.

ويجدر بي أن أشير إلى أول حلقة من (إشراقة) البدر إلى جانب زاويته الأسبوعية (فكرة الأسبوع) في الجهة اليسرى من الصفحة الثالثة التي بدأت مع العدد الأول من صحيفة اليمامة، نجده يضيف إليها زاوية أخرى تحت اسم (إشراقة) في الجهة اليمنى من الصفحة نفسها اعتباراً من العدد السادس الصادر في 19-12-1383هـ فنجده يقول في الحلقة الأولى: (هذا العمود الصغير.. سوف يقدم أسبوعياً تحت هذا العنوان ليلقي الضوء على مشكلة ما، من مشكلات مجتمعنا.. أو لمناقشة رأي من الآراء.. مناقشة خفيفة هدفها الوصول إلى النهاية المضيئة.. سوف يقوم هذا العمود الصغير بمهمة الكَشَّاف الذي يطلق ضوءاً عمودياً يركزه على نقطة معينة ولا يتعداها إلى غيرها من النقط.. على أن يكون من اختصاص بعض الأبواب الثابتة الأخرى التي يسمح لها مجالها بمناقشة متفرعة الجوانب.. كما سوف يقوم هذا الركن الصغير بواجب المشاركة الفعلية في القيام بالأعمال العامة عن طريق شكر المصيب.. وتأنيب المخطئ، سوف يقول للمصيب: أصبت. وللمخطئ أخطأت.. هذا هو هدفه.. وهذا هو طريقه.. ولا تسألوا عن محرره.. فهو غير معروف حتى من أسرة التحرير. مشرق).

فنجد هذه الإشراقات خفيفة سهلة الهضم لجميع فئات القراء ويتناول بعض القضايا والهموم الاجتماعية، فمثلاً نجده في حلقة العدد (24) في

27-4-1384هـ يتناول شؤون التعليم وتعدد الجهات التي تشرف عليه مثل وزارة المعارف التي تشرف على تعليم الذكور، ورئاسة تعليم البنات التي تشرف على تعليم الإناث.. وكل جهة تقوم منفردة بالتعاقد مع المدرسين أو المدرسات والأخيرة تشترط محرماً لها، فيقول في ختامها: فلو اتفقت الرئاسة مع وزارة المعارف على أن تشترط الوزارة على بعض مدرسيها أن يجلب من أقاربه (زوجته أو أخته أو والدته) من تتوفر فيهن إمكانيات التدريس بهذا نوفر على المالية العامة جزءاً كبيراً من المصروفات تضيع في اصطحاب المدرسات لأولياء أمورهن...).

وفي الحلقة الأخيرة من (إشراقة) المنشورة في العدد (48) الصادر يوم الجمعة 25-10-1384هـ وهو العدد نفسه الذي يحتفل فيه بمرور سنة على صدورها - نجده يكتب في إشراقته مشيداً بالنشرة التي تصدرها إدارة الصحافة في وزارة الإعلام بعنوان (أخبار من المملكة العربية السعودية)... وذلك لتعريف من لا يعرف العربية من موظفي السفارات والخبراء الموجودين في المملكة من أجل العمل، أو الحجاج وزوار المناطق المقدسة).. وكذلك تعريف العالم عن طريق توزيعها بواسطة سفاراتنا في الخارج والهيئات الرسمية والأفراد ليطلعوا على ما نعمله، ولكن الشيء الذي أفهمه والذي أعتبر الإصرار عليه مثل الإصرار على الإبقاء على توقيت الغروب رغم ثبوت عُقمِه - أن تواريخ هذه النشرة توضع بالأشهر العربية، وبالسنة الهجرية، ومن أين لكثير ممن لا يعرفون العربية أن يعرفوا أشهرنا التي نسير عليها هنا؟... إلخ).

وسأكتفي بالعناوين البارزة لمقابلة أجراها معه محمد الوعيل بجريدة (الجزيرة) ضمن حلقة (ضيف (الجزيرة) ليوم الجمعة 8 صفر 1402هـ الموافق 4 ديسمبر 1981م. أي قبل 27 سنة عندما كان وكيلاً لجامعة الملك سعود.

- حمود البدر.. يتذكر ويعترف.

- الدكتور الملحم منحني نصف أول مرتب استلمه بعد تخرجه وفوضني بالتصرف بجوائز التفوق التي حصل عليها.

- لهذه الأسباب أصدرت جامعتي في أمريكا قراراً بحرماني من الدراسة في الإعلام.. فتحولت إلى الإدارة.

- أحمد الله.. أن دعوتي إلى تغيير التوقيت الغروبي إلى الزوالي قد تحققت.

- تعليم المرأة يجب أن تقوم به المرأة.. إدارة وتشغيلاً وتنفيذاً.

- أنا أول صحفي سعودي يجوب جنوب المملكة.. وقد استخدمت في رحلاتي الدواب.. كما اعتمدت على الأقدام والسيارات أحياناً.

- الشيخ ابن باز وحمد الجاسر وشقيقي سعود.. قدوتي في الحياة.

- غداء الجمعة أتناوله كل أسبوع مع أسرتي في منزل شقيقي الأكبر (سعود).

- العمالة المستوردة لا تشكل أي عبء على الأمن في البلاد.. إلا إذا كان الأمن هشاً.

- برقيات من الدكتور حمود البدر لسمو ولي العهد ولرؤساء تحرير الصحف السعودية.

- أنا أجهل الناس بالرياضة.. ولكن أولادي يشجعون الهلال..

- شبابنا اليوم مثل الذي يقف على رغوة الصابون.. والحل.. دورة عسكرية لمن بلغ الثامنة عشرة.

- من الضروري الاستفادة من المرأة في مجال الشرطة.

- تقدمت لمدير مكتب والد زوجتي أطلب يدها.. اعتقاداً مني بأنه والدها..!

- نحن الآن نحقق رغبات الشباب معزولة عن احتياجات الوطن.. والمغريات والحوافز لطلبة الجامعات لا تجعلان للمهن من طارق.

- هذه الصحف لا بد من وضعها في الحسبان عند دراسة تاريخ الصحافة..

- إني أتساءل: أي الشرَّين أهون.. قيادة المرأة للسيارة.. أم وجود سائق أجنبي في المنزل؟!

- غازي القصيبي وسليمان السليم ومحسون جلال.. فرسان في مجال الكتابة.

- بيع الشهادات (الدكتوراه) أمر واقع.. وفي العالم العربي تباع وتمنح على رؤوس الأشهاد!!.

وسأختار نقطتين مما ورد في حديثه هذا لعله يوضحها لنا الأول: اعتزازه بتطبيق نظام الساعات بالجامعة رغم إلغائه فيما بعد.. والثاني: معاناة الجامعة من بعض القيود التي تفرضها عليها بعض الجهات ذات العلاقة.. خصوصاً وقد مضى على هذا الحديث أكثر من نصف قرن فقد ورد في حديثه ما يلي:

عند سؤال البدر عما يعتز به، قال: من الأشياء التي أعتز بها مشاركتي في تطوير الخطط الدراسية بجامعة الرياض وتحويلها من النظام السنوي إلى نظام الساعات المقررة الذي أثبت مرونة وقابلية لتلبية احتياجات معظم الطلاب. كذلك دعوت إلى تغيير التوقيت من الغروبي إلى الزوالي وقد تحقق ذلك بحمد الله. وفي سؤال آخر.. نجده يوجه رسالة لسمو ولي العهد - آنذاك- الملك فهد رحمه الله. قائلاً إن الجامعات بدأت تعاني من بعض القيود التي بدأت تفرضها عليها بعض الجهات ذات العلاقة.

وعندما سئل عن واقع الأندية الأدبية قال المثل المشهور: (شف وجه العنز واحلب لبن).

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5820»ثم أرسلها إلى الكود 82244

- الرياض


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة