Culture Magazine Monday  24/11/2008 G Issue 262
مداخلات
الأثنين 26 ,ذو القعدة 1429   العدد  262
 

أدبي حائل.. وأزمة القطيعة الاجتماعية

 

 

قبل أكثر من سنتين أعُيد تشكيل مجلس إدارة النادي الأدبي بحائل، حيث تجددت المناصب الإدارية بدماء شابة، وتشكلت اللجان العاملة بطاقات جديدة، ومن ثم انطلقت الأنشطة الأدبية والفعاليات الثقافية برؤى مغايرة وفكر عصري ينزع إلى التحديث والخروج من النمطية في إنتاجه الثقافي؛ فكنت ممن كتب عن هذا (التغير الكبير) في أعضاء النادي وأسلوبه الإداري وفكره الأدبي، شاكراً للإدارة السابقة جهدها التأسيسي الذي لا يُنكر وتاريخها المشرف الذي لا يُنسى، ورموزها الثقافية التي تعد وجوهاً مشرّفة لمنطقة حائل ومشرقة بها؛ فهي التي أسست البنيان وطورت في البيان، ونهضت بالنادي الحائلي بين الأندية الأدبية الأخرى. في المقابل دعوت الإدارة الجديدة المتوقدة بطموح الشباب أن تواصل المسيرة الأدبية بما يعكس الواجهة الحضارية للمنطقة، من خلال آليات عمل حديثة وأفكار ثقافية جديدة وجسور تواصل اجتماعية فاعلة؛ فترتقي بمستوى الوعي الجماهيري العام، وتُسهم في تهذيب وجدان المثقف الحائلي، عندما تخترق بأنشطتها المتنوعة السياج التقليدي الذي يطوق هذا المجتمع بفعل تراكم عادات وتقاليد وأفكار بالية، بحيث تبدأ حركة التأثير الفعلي في الأوساط الاجتماعية، بتأسيس علاقة تفاعلية حقيقية بين النادي والمجتمع وفق المرجعية المقررة من قبل وزارة الثقافة والإعلام.

السؤال اليوم: هل نجحت إدارة النادي الأدبي الحالية في ذلك؟ في تقديري أنها لم تستطع - حتى الآن - أن تُقنع المجتمع بحقيقة دورها التنموي، ناهيك عن أهميته الحضارية؛ فما زالت تعيش حالة تأزم بينها وبين هذا المجتمع الذي تتحرك فيه، وصلت إلى درجة (القطيعة) بسبب منطقها الفكري الذي يُعبّر عنها نظرياً وتتعامل به واقعاً، من خلال أعمال النادي وأنشطته وإصداراته، فكانت تلك (القطيعة الاجتماعية) القائمة، بدلالة الفوضى التي تقع لدى استضافة شخصيات ثقافية (منتقاة) من خارج المنطقة، أو قلة الحضور في فعاليات النادي الدورية، سواءً قبل رمضان أو خلاله ك(المقهى الرمضاني)، أو عزوف شخصيات علمية وإعلامية مرموقة عن التواصل الفعلي مع النادي عبر لجانه العاملة، بل لا أجد أكثر دلالة على أزمة القطيعة التي يعاني منها النادي من غياب كثير من المكرمين في حفل التكريم، الذي أقيم يوم السبت سادس أيام شهر رمضان المبارك الجاري رغم أهمية المناسبة، أضف إلى ذلك الإصدارات الثقافية التي تركز على أدباء خارج المنطقة أكثر من داخلها وكأن الأندية الأدبية الأخرى مُعطلة، زد على ذلك أن المجموعة التي تُسيّر شؤون النادي لم تفصل بين واقعين يرتبطان بهما بحكم الطبيعة الحائلية، وهما (الشّبة) الاجتماعية و(الإدارة) الأدبية، فضلاً عن البحث عن أضواء الإعلام لأعضاء مجلس الإدارة، وهاجس الأسبقية مع الأندية الأخرى في تدشين أنشطة ثقافية غير تقليدية كالسينما أو إصدار الشعر على أقراص مدمجة أو دورة الموسيقى.

هذه الأمور وغيرها أوجدت أزمة القطيعة مع المجتمع التي أشرت إليها، خاصةً أن الإدارة الحالية تفور بدماء الشباب المتحمس للتغيير الفكري على حساب الفكر الاجتماعي السائد دون الاعتبار لطبيعة المجتمع المحافظة ودور عامل الزمن (المرحلي)، ناهيك عن أنها تفتقر إلى الخبرة الحياتية التي كانت تتمتع بها الإدارة السابقة، بحكمة الكبار ووعي المثقفين، في التعاطي الواعي مع الواقع الاجتماعي، سواءً بالتواصل مع الأعيان الاجتماعية أو استقطاب الرموز الثقافية والأساتذة الأكاديميين، أو استثمار طاقات الشباب الفكرية للإبداع القيمي، أما خلاف ذلك فسيكون شأنه شأن من كان نائماً في الهامش الثقافي، ثم استيقظ عضواً في مجلس إدارة ناد أدبي.

محمد بن عيسى الكنعان Kanaan999@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة