Culture Magazine Monday  26/05/2008 G Issue 249
الملف
الأثنين 21 ,جمادى الاولى 1429   العدد  249
 

رجل لا أنساه
غازي بن عبيد مدني*

 

 

يوم السبت 16-12-1392هـ هو أول يوم أذهب إلى جامعة الملك عبدالعزيز بعد تخرجي وعودتي من الولايات المتحدة الأمريكية، وتصادف أنه في نفس اليوم وصل الدكتور حمد العرينان بعد أن تخرج من إنجلترا.

في ذلك اليوم اصطحبني زميلاي الدكتور حسن أبو ركبة -رحمه الله- والدكتور مدني علاقي لزيارة الدكتور محمد عبده يماني آنذاك، كان ذلك اليوم هو أول لقاء مع الدكتور محمد عبده يماني، والحقيقة أن ذلك اللقاء كان (مريحاً) حيث أشعرني وكأننا أصدقاء منذ زمن.

في تلك الأيام كانت جامعة الملك عبدالعزيز عبارة عن بعض أقسام كلية الاقتصاد والإدارة، وبعض أقسام كلية الآداب والعلوم الإنسانية فقط لا غير، وعدد محدود من الطلاب، وكان عدد أعضاء هيئة التدريس (الذين يحملون شهادة الدكتوراه) خمسة فقط لا غير، هم: (د. محمد عبده يماني، د. محمد عمر زبير، د. حسن أبو ركبة -رحمه الله-، الدكتور مدني علاقي، والدكتور محمد زيان عمر فقط لا غير، أضيف إليهم اثنان في ذلك اليوم، هما غازي مدني، وحمد العرينان).

قلة عدد السعوديين العاملين في الجامعة من أعضاء هيئة التدريس، والعاملين في الإدارات التنفيذية، جعلت الصلة بين الجميع تكاد أن تكون (عائلية) كل واحد يعرف الآخرين ولم تكن هناك (بيروقراطية).

ولذلك فقد تسنت لي معرفة الدكتور محمد عبده يماني عن قرب، وأذكر هنا بعض الذي أتذكره بعد هذه الأعوام -ثلاثة عقود ونصف- وقد تقاعد كل منا فإنني أتذكر بعض انطباعاتي عنه:

- لم أعرف عنه الجدّة وسرعة الغضب، بل كان لطيفاً سمحاً في تعامله مع الجميع، وأذكر جيداً أنه إذا غضب من أحد الموظفين وأراد أن يظهر (زعله) كان يقول: (يا ولدي.. هذا غير صحيح انتبه لنفسك) وكان يقولها بنبرة هادئة وكأنه يتحدث معه حديثاً ودياً.

- عرفت عنه النزعة العملية، فقد كان يباشر فوراً في تنفيذ أفكاره، أو ما يقترح عليه: -إذا اقتنع- وأذكر أنني كتبت مذكرة اقترحت فيها إنشاء فرع للجامعة في المدينة المنورة وآخر في الباحة، وقد تم بالفعل إنشاء فرع الجامعة في المدينة المنورة، أما فرع الباحة فقد تعثر ولم ير النور بالرغم من أن الدكتور محمد عبده كان متحمساً للفرعين.

- عرفت عنه كرهه الشديد (للبيروقراطية) والروتين، وكان يؤمن أن إدارة الجامعة يجب أن تتمتع بصلاحيات واسعة، وأجزم أن الدكتور محمد عبده يماني لديه الكثير الذي يمكن له روايته حول صراعه مع البيروقراطية.

- كانت الجامعة جميعها -وجميعها كان قليلاً جداً- وكأنها أسرة واحدة، وكان لتواضعه ووضوحه وشفافيته دور فعال في تقارب الجميع.

- لاحظت عليه ميله الواضح لعمل الخير، وكان يهب لمساعدة من يحتاجه حتى ولو لم يطلب منه ذلك.

هذا غيض من فيض، ولا نريد أن أبهته، ولكن أسأل الله أن يغفر له وأن يثيبه فقد واصل تطبيق الخصال التي عرفناها عنه، أدعو الله أن يطيل في عمره، ويزيد من عطائه.

*رئيس مجلس إدارة جريدة المدينة حالياً ومدير جامعة الملك عبدالعزيز السابق


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة