Culture Magazine Monday  20/08/2007 G Issue 212
نصوص
الأثنين 7 ,شعبان 1428   العدد  212
 
تركي باقطيان في قصص (امرأة كاملة):
في القصص بحث عن خطاب التأويل الحكائي الممكن
عبدالحفيظ الشمري

 

 

صدور مجموعة (امرأة كاملة) القصصية لتركي عبد الله باقطيان تتويج لرحلته مع النص القصصي المفضي دائماً إلى عالم من الحكائية، التي تأخذ هيئة مسارب وجدانية تحقق وجودها على ألسنة رواتها الذين يتذرعون دائماً في مواصلة الحياة المعاندة على نحو (فاطمة) و(علية) في القصة الأولى من المجموعة (شظايا الورد).. تلك الفاتحة الأولى لسرد يروم نبش المعاناة في الوجدان الإنساني لحظة أن يتقاطع هم الرجل (السائق) مع هموم (المدرسات) في حافلتهن، التي تداوم التردد والإدلاج على قارعة تلك الطرق الهرمة، حيث تأتي النهاية معبئة بهواجس الموت، الذي قد يأتي بأي لحظة على نحو ما حدث لهن حينما حاولن عبثاً مناشدته البقاء والتجلد ولم تفلح تلك المحاولات.

في القصص الأخرى من المجموعة تأصيل لخطاب التأويل الممكن لحكاية كل شخصية في القصة، لنراه وقد حوت على نثار من احتمالات واردة لما قد تأول إليه حياة أي شخص يروم الرحيل، أو الهجرة عن مواطن الود المحتمل على نحو بطل قصة (إلى هنا.. أنتمي!!)، فيما تأتي احتمالات أخرى ترصد تحركات الشخوص على نحو فريد يعكس العديد من الأبعاد الإنسانية والوجدانية لهم، ليطالعهم القارئ وقد أصبحوا في كل مشهد حكائي، وكأنهم حالة دائمة للمجالدة اليومية على نحو قصة (مراهقة) حينما يلتقط لنا الكاتب (تركي) خيطاً من خيوط حكاية المجتمع الذي لا يكف عن إنتاج هذا النوع من المقولات؛ حكاية إثر حكاية تتوج لنا البعد الحقيقي وراء هذا التأويل المحتمل لأصل حكاية المجتمع، الذي ينبني على هاجس متناقض تكون الطفولة واليفاعة فيه هي المستهدفة بنوايا الأحداث المأساوية الممكنة.. تلك التي يرسمها (باقطيان) بمهارة ليصبح القارئ أمام أحداث حقيقية ولدّتها صور العناء اليومي على نحو بطل (مراهقة) وصديقة أخته في تلك المحاولات اليائسة لبناء علاقة تحمل في مدلولاتها أبعاد الحياة الإنسانية بمختلف ميولها وأهواءها.

لغة قصص (امرأة كاملة) مواءمة للأحداث التي تتوالى على هيئة إضاءات وجدانية، لا تخرج كثيرا عما ألف في الحكاية الدارجة، إذ إن صورة السرد في القصص تعمد إلى هذا البناء الحكائي الذي لا يحفل في اللغة الأدبية في النصوص، إلا أن هناك حالات من النحت اللغوي حاول (تركي باقطيان) أن يستقطبها في فعاليات النصوص على نحو استمالة جانب من الانثيالات الوجدانية في كل قصة من قصص المجموعة.

أمر آخر يقف عنده القارئ بوضوح أثناء قراءته للقصص، يتمثل في أن كل قصة من هذه القصص عالم روائي مصغر.. يمكن للكاتب أن يحقق شرطية العمل الروائي من خلال جملة من الحكايات المتداعية على أحداث كثيرة.

فضاء الرواية ممكن في ظل هذا الحضور المتواتر للشخصيات، التي تبحث عن ذاتها دائماً متذرعين بما يمتلكه الكاتب باقطيان من طاقة على ضخ العديد من الصور الإنسانية المعبرة، على نحو ما أورده من أحداث تراوح بين الحاضر بوصفه حالة أخرى من حالات المعاناة على نحو ما أورده في قصة (ميراث حلم)، حيث يلجأ الراوي إلى وصف أماكن، وملامح، وقسمات ليحاول بث أكبر قدر من الصور على نحو (مقهى الطيبين) حيث يستعيد الراوي ملامح الماضي لا سيما الأماكن التي تنبعث منها روائح الزنجبيل، والبن اليمني وهيئة تلك الدور الآيلة إلى التهاوي والسقوط، ليظهر الراوي المفترض (سعيد الشلبي) بهيئة الشاهد القوي على مآل تلك الأشياء الحميمية إلى التلاشي والغياب فلم يعد البطل محصوراً برجل أو امرأة كاملة، إنما تتفاعل الحكايات المتعلقة بكل ما له علاقة في الزمان والمكان.

ولنا أن نعود إلى قصة (امرأة كاملة) التي حملت اسم المجموعة، لنقف على حقيقة المرأة التي أفرط الراوي في وصف معاناتها الأسرية المتمثلة في حالة التعدد الزوجي، حيث تقبع المرأة على رصيف الحياة منتظرة عودة الأحلام المطفأة.

***

إشارة:

* امرأة كاملة (قصص)

* تركي عبد الله باقطيان

* دار الكفاح - الدمام - 1428هـ - 2007م

* تقع المجموعة في نحو (142 صفحة) من القطع الصغير

* لوحة الغلاف للفنان منصور مرعي الشريف

لإبداء الرأي حول هذه المطالعة، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«5217» ثم أرسلها إلى الكود 82244

hrbda2000@hotmail.com


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة