Culture Magazine Thursday  02/04/2009 G Issue 277
فضاءات
الخميس 6 ,ربيع الثاني 1430   العدد  277
من الأدب الذاتي
عن البدايات الصحفية والأدبية
علي محمد العمير

 

أعتزُ حقاً بكوني متابعاً جيداً - ولو إلى حد ما - لما ينشر في صحفنا ومجلاتنا بخاصة، وذلك منذ بداياتي في التعاطي مع الصحافة كتابة منذ ما قبل هجرتي من قريتي الجنوبية النائية.. ثم ارتباطي بالصحافة مهنياً منذ ما يزيد على نصف قرن!!

وقد صادف حظي أن تكون بداياتي المهنية الصحفية من مواقع قيادية حيث كنت خلال عام 1380هـ مديراً لتحرير مجلة (الجزيرة) الشهرية.. ثم أصبح مسمى وظيفتي خلال عام أيضاً هو (مدير التحرير المسؤول) بصلاحيات رئيس التحرير كاملة.. ثم رئيساً لتحرير مجلة (ندوة المواصلات) في الوقت نفسه وهي مجلة كانت تصدر حينذاك عن وزارة المواصلات.

ويبدو أن ذلك ونحوه سبب كافٍ لسرعة وصولي إلى شهرة واسعة حين كنت في سن العشرين تقريباً، ولم يكن نشاطي مقتصراً على إصدار المجلتين معاً، أو كتاباتي فيهما فحسب.

بل كنت أشارك بفعالية في الكتابة لصحف.. ومجلات أُخر بناء على طلبات من أصحابها.. وما زلت إلى الآن لا أكتب لأي صحيفة أو مجلة دون طلب من صاحبها، أو رئيس تحريرها ربما لبعض غرور، أو مبالغة في الاعتزاز بذاتي!!

وذلك ما أتاح لي بالتالي أن اتلقى جميع صحفنا، ومجلاتنا بما فيها الأكاديمية على سبيل الإهداء منذ العام 1380هـ تحديداً إلى يومنا هذا.. الأمر الذي أتاح لي متابعة سهلة ميسورة لمعظم أو كل ما ينشر من آراء أو مقالات أو دراسات، أو أبحاث إلى غير ذلك.

وقد كانت قراءاتي الصحفية المبكرة غالباً لرعيلنا، أو روادنا.. ثم قلة قليلة من كتاب جيلي.. وبعضهم الآن من كبار المشاهير!!

أما بعد تلك البدايات لمتابعاتي، وبعد أن أصبح عامل السن يزحف بي موغلاً إلى الأمام.. ثم من حيث مواقعي في العمل الصحفي وهي مواقع متقدمة تبيح لي دائماً الحرص في مجال (إجازة النشر) على تشجيع الناشئة من الأجيال التالية لجيلي!!

ليس ذلك فحسب.. بل وجدت نفسي أتابع ما ينشر للفتيان، أو الشباب الجدد، وبخاصة من يلفت نظري منهم منذ بداياته!!

وبذلك كنت شاهداً على بدايات كثيرة جداً لعددٍ كبيرٍ من أولئك الذين أصبحوا اليوم من (الأساتيذ) سواء في مجال الصحافة, أو المجالات الأدبية والثقافية بشتى أنواعها وأجناسها!!

بل سعدت حقاً بتقديم عددٍ من كبار المشاهير الآن, والدفع بهم إلى ساحة الصحافة، والكتابة.. ثم ساحة (الشهرة) دون مَن أو أذى.. بل دون أدنى إشارة من قبلي إلى ذلك، أو نحوه!!

ولقد أتيحت لي - بحمد الله - الكثير من الفرص الرائعة لكي أكون شريكاً، وشاهداً على مسيرتنا الصحفية، والأدبية، والثقافية خلال نصف قرن تقريباً.. يعلم عني ذلك الكثير من أدبائنا سواء من الأجيال السابقة لجيلي، أو الأجيال العديدة التالية، وإن كان بعض ذلك موضع جهل، أو شبهة حتى من بعض كبار المسؤولين عن صحافتنا، وأدبنا، وثقافتنا على الرغم من كثرة من سبقوني إلى رحاب الآخرة.. على أن ذلك مما لا يضيرني بالطبع، ولا يقلل من شأني بكل تأكيد.. بل هو ليس موضع مبالاتي أصلاً إذ قد وهبني الله نعمة كبرى متمثلة فيما اشتهرت به عند الأصدقاء من (غفلة واضحة) عن هذه الأمور، وأمثالها!!

ويؤسفني حقاً أن يفهم من بعض ما ذكرته عن نفسي كونه (شهوة تمجيد للذات) أو ما شابه!!

حاشا.. وكلا، وألف (كلا) حيث لم أكن قط من هذا القبيل.. يشهد لي بذلك العدول من كبار رجال الساحة ممن شاركتهم المسيرة على كل ذلك المدى الطويل!!

وكل ما ذكرته هنا بما في ذلك بعض الإشارات إلى نفسي.. كان لا بد منه وفقاً لمقتضيات السياق أو متطلبات الهدف مما كتبته، أو أريد كتابته!!

أما وقد طال بنا الاستطراد.. فلا بد من عودة عاجلة إلى صميم ما كنت بصدده، وهو كوني قد شهدت - وما زلت - أشهد على الكثير جداً من البدايات لعددٍ كبيرٍ ممن هم الآن من خيرة، أو صفوة رجال صحافتنا، وأدبنا، وثقافتنا!!

ولكن من المؤسف حقاً أنه ليس بوسعي ذكر الأسماء لأسباب، أو اعتبارات متعددة منها كثرة هؤلاء المعنيين بذلك، ومنها ما أخشاه، أو أحسب حسابه من كون ذكر (الأسماء) قد يثير غير قليل من الحساسيات حتى ولو لم أقصده صراحةً، أو بصفة مباشرة!!

ومن ذلك أن المجال أو مساحة النشر، أو محدودية هدفي من هذا الموضوع أصلاً، وهو مجرد إشارات إلى أهم ما شهدته من بدايات ستكون بالأسماء عند بعض من يثق بي، ولا حساسيات لديهم من جهتي بخاصة، وستكون دون أسماء عند خشية الوقوع في أدنى حرج, أو إثارة حساسيات حيث سأكتفي في مثل هذه الحالات بمجرد إشارات لا تصل إلى حد القرائن الدالة على أصحابها.. وأعتذر سلفاً عما - ربما - قد يحدث من ذلك اضطراراً أو دون قصد!!

كما أعتذر سلفاً عن كون من سأذكرهم لن يكون وفقاً لأقدارهم، أو مكانتهم.. بل وفقاً لسوانحي فحسب!!

ومن أولئك الذين شهدت بداياتهم في (الصحافة) بخاصة، أو كانت بداياتهم مواكبة لبداياتي أيضاً هو الصديق العزيز رفيق الدرب والحرف الدكتور (هاشم عبده هاشم) عرفته من كتاباته في بعض الصحف ثم - بصفة خاصة - من خلال ما كتبه في مجلة (الجزيرة) لكوني على مقربة من ذلك على الرغم من أنني لم أكن قد عرفته شخصياً بعد مع كوننا معاً من أبناء منطقة واحدة هي (منطقة جازان).

ومما أذكره عن بداياته في الكتابة هي كونها ذات اتجاه أدبي بحت، وهو الاتجاه الذي ابتعد عنه بعد ذلك متنقلاً بين مجالات شتى جعلته بالضرورة أحد شباب الصحافة في بلادنا متعاوناً ثم متفرغاً.. ثم مناضلاً، مثابراً إلى أن بلغ أقصى ذروة، وشهرة صحفية!!

وتلك ليست شهادتي فحسب.. بل هي مما لا ينكره غير مكابر، أو جاحد!!

وأما إذا عدنا إلى بداياته الكتابة فهو فضلاً عما أشرنا إليه من ناحية اتجاهه الأدبي كان أيضاً يهتم بمجال آخر هو مجال (الرأي) في الشؤون العامة في شتى مناحيها بما في ذلك السياسة!!

ولكم أن تتصوروا شاباً ما زال دون العشرين من عمره بسنوات، وما زال يقيم في مدينة (جازان) ثم يكتب مقالاً نابهاً جداً عن (أرامكو.. والزيت) نشر في مجلة (الجزيرة) نحو عام 1380هـ.

ولا أشك في أن ذلك المقال يعد في حد ذاته ظاهرة كتابية فريدة من نوعها لكون كاتبه شاباً في نحو السابعة، أو الثامنة عشرة من عمره الحافل، ولكون هذا الشاب كان مقيماً في مدينة (جازان) لم يغادرها، وهي التي كانت - حينذاك - بعيدة جداً.. بل بعيدة كل البعد عن مصادر المعلومات، وبخاصة من نوع معلومات عن (أرامكو والزيت) فضلاً عن غير ذلك مما يمكن تصوره!!

وإلى لقاء آخر إن شاء الله

جدة فاكس 02/6208571

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة