Culture Magazine Thursday  02/04/2009 G Issue 277
فضاءات
الخميس 6 ,ربيع الثاني 1430   العدد  277
كتابة للأثرياء
خالد البسام

 

نصيحة اليوم: لا تكتب للجماهير.. اكتب للأثرياء!

هذه النصيحة لا تقدر بثمن والمفترض أن الثمن هو نقود بلا حساب، غير أنني أنصح غيري اليوم وأترك نفسي متفرجاً.

النصيحة السابقة سمعتها من كاتب أوروبي - والحمد لله أنه ليس عربياً - وإلا لقامت الدنيا عليه ولم تقعد.

الكاتب هو روائي ألماني اسمه (نوربرت كلوجمان) الذي قرر قبل أيام أن يكتب روايات بحسب الطلب لمَن يرغب من المليونيرات بعد أن ضاق ذرعاً بالتعامل مع الناشرين ورأى أنه من الأفضل عدم عرض مؤلفاته للبيع في الأسواق!

والرجل لم يعرض نصائحه للكتاب أمثالنا فقط بل بدأ فعلاً تطبيقها في الحال؛ فهو يقول إن من يرغب في الحصول على رواية عليه أن يضع 15000 دولار على الطاولة ويتسلم رواية بعد ثلاثة أشهر تفي تماماً طلبه وذوقه، وله الحق بعد ذلك في التصرف فيها بالطريقة التي يراها. وشرح فكرته: إنني أرغب في عمل ما يفعله الفنانون دائماً؛ فهم يرسمون لوحة لمَن يطلبها منهم، ويكون له الحق في التصرف بها بعد ذلك، ويحصل الفنان على الأجر، وأريد أن أفعل ذلك بالنسبة للروايات.

وبحسب الكاتب الألماني فإنه يمكن لطالب الرواية اقتراح الموضوع أو الحكاية التي يرغب بها ويقوم هو بمعالجتها وتقديم التسعين صفحة الأولى كعينة يقرر الزبون بعدها إذا ما كانت تلبي طلبه أو يرغب في إجراء تغييرات عليها! ولدى الكاتب حتى الآن 150 فكرة يعرضها على الزبائن لاختيار ما يرغبون منها، ولكنه يرى أن الزبون المثالي هو الذي يطلب رواية ولا يتدخل في طريقة معالجتها أو أسلوبها. أما أسوأ زبون في رأيه فهو الذي يحلم برواية في داخله منذ عشرين عاماً ويرغب في استخدامه في كتابتها بدلاً منه، وذلك لأن هذا الزبون يتدخل دائماً في طريقة الصياغة والأسلوب.

أما بضاعة الكاتب فهي روايات متنوعة، وهو يستطيع أن يكتب روايات رومانسية وقصص مغامرات وروايات شباب وإثارة.

وعلى الرغم من طرافة آراء الكاتب إلا أن الرجل يطرح من دون أن يدري ربما أسئلة مهمة بل خطيرة حول الكتابة وجمهورها الذي يتناقص شيئاً فشيئاً، وربما يختفون في المستقبل.

وليس لدى (كلوجمان) أي شعارات ولا أوهام حول أهمية الأدب في المجتمع ولا حول تثقيف الجماهير ولا أي شيء آخر على الإطلاق؛ فهو يريد أن يستفيد من موهبته الأدبية ويعيش في مستوي جيد عن طريقها ببيعها للأثرياء.

ولا أحد يدري اليوم أي أفكار خطيرة مثل هذه قد تغير ثوابت صمدت مئات السنين؟!

albassamk@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة