Culture Magazine Thursday  02/04/2009 G Issue 277
فضاءات
الخميس 6 ,ربيع الثاني 1430   العدد  277
عفواً إنها الحقيقة
القصة والرواية
قماشة العليان

 

نسمع كثيرا من يقول: كاتب القصة القصيرة عندما يكبر يصبح كاتب رواية.. والبعض يعتقد بأن كتابة القصة القصيرة هي تمهيد لكتابة الرواية فيما بعد..

هذا صراع فكري ونقاش دار ويدور كثيرا بين النقاد والدارسين في مختلف آداب العالم ولغاته ويطرح على أكثر من منحى.. ما هو الفارق النفسي بين أديب يكتب قصة قصيرة وآخر يكتب رواية طويلة.. هل كاتب القصة القصيرة له شخصيته المتعجلة المتسرعة ونفسه القصير؟ وهل كاتب الرواية إنسان هادئ متبصر يحب التفاصيل ويغرق نفسه فيها.

وكانت إجابة بعض الدارسين أن هذا صحيح في بعض الأحيان.. ذلك أن هناك قصصا قصيرة يمكن إطالتها وتحويلها إلى روايات طويلة.. والدليل على ذلك تحويل قصص قصيرة إلى أفلام طويلة تعج بالأحداث والحركة والتشويق.

وفي كثير من الأحيان يرى الكاتب نفسه أمام لقطة محدودة داخل الأحداث.. تلفت نظره وتعطي لمحة مؤثرة فيكتبها قصة قصيرة.. وأحيانا تكون هذه اللقطة المحدودة ذاتها أمام أديب آخر أو أمام نفس الأديب في ظرف مختلف، مؤدية إلى سواها من الأفكار والأحداث والتداعيات فيربطها ويتسلسل معها ويصبح العمل رواية طويلة..

لكن كل الذي أشرت إليه لا يعني أن هذا هو كل ما يقال في القصص القصيرة والروايات الطويلة.. فهما ولا شك عالمان مختلفان وإن كانا متكاملين كأدب قصصي بشكل عام.

فأغلب القصص القصيرة لا يمكن تحويلها بشكل طبيعي إلى روايات.. والروايات الطويلة يستحيل اختصارها إلى قصص قصيرة، فلكل منهما عالمه المنفصل وأهله والبارعين فيه.

الأديب أمام قصة قصيرة لا علاقة له إلا بما أمامه من حدث عارض، وهو أمام الرواية قد أصدر لنفسه قرارا بالتفرغ للحياة وسط هذه الأحداث يوما بيوم ولحظة بلحظة، يغوص في أشخاصها ويعيش داخلهم ويعرف كل شيء عنهم: ماضيهم، حاضرهم ومستقبلهم.

القصة القصيرة إذن رؤية عابرة لا تريد أن تعرف أكثر مما ترى والرواية معايشة وحياة.. وتفرغ كامل.. وبطاقة إقامة دائمة في عالم متخيل ينفصل فيه الروائي عن حياته العامة وينسلخ عنها انسلاخا شبه تام ليعيش بين أبطاله تؤلمه أحزانهم وتشجيه دموعهم ويفرح لأفراحهم..

وهناك من الأدباء من يجمع بين كتابة القصة القصيرة والرواية لكنه بالتأكيد لابد أن يفضل أحد هذه الفنون على الآخر..

ليس هناك أحد امتدادا لأحد في أي من مجالات الحياة فما بالنا بفن ونوع راق من الأدب لذا، فالرواية والقصة عالمان متكاملان لا يتقاطعان ولا يتوازيان.. وبتكاملهما يزدهر الأدب ويمضي قدما.

الخبر

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة