Culture Magazine Thursday  02/07/2009 G Issue 290
الملف
الخميس 09 ,رجب 1430   العدد  290
من الوزن الثقيل
د. إبراهيم بن عبدالرحمن التركي

 

يبدو الملف ضئيلا مقابل مااستهلكه إعداده من جهد ووقت وتعقيب؛ مثبتا أن دافعية الكتابة عن (الأحياء) ما تزال وئيدة، وأن الراكضين إلى (الرثاء) أطول نفسا من المشائين نحو (الوفاء)، وهذا ليس اعتذارا عن الحجم أو الكم ؛ فليست لهما دلالة مباشرة هنا، بل تبرير للتأخير الذي دعانا لتأجيل إصدار الملف انتظارا ممن وعد، وبعضهم خارج الوطن، وإذ لم يكتبوا فلم نعد قادرين على تسويف جديد، وبخاصة أن عدد الخميس القادم 9-7-2009 م هو عددنا الأخير قبل إجازة الصيف التي ستمتد إلى ما بعد شهر رمضان المبارك بحول الله.

سيظل دور هذه الملفات تذكيريا للكبار، تعريفيا للشباب، تأكيديا لصاحب الملف أن ما بذله باق في نفوس عارفيه ومتابعيه ومريديه والباحثين عن الحقيقة في ضوء شمعة أحاطت بها الرياح فلم تطفئ بقية وهج يُنيره الواعون بالاتجاهات والتوجهات؛ من لم تسلبهم الأضواء (الاصطناعية) رؤية الطريق الجانبية ولو بدت ضيقة ومعتمة وغير سالكة.

قبل بضعة أشهر كتبت زاوية (إمضاء) عن أستاذنا الكبير:

لعلها الصحافة واللهاثُ اليومي مع مطلع كل شمس لتقديم زاوية سريعة، أو هي أعباءُ الحياة ينوءُ بها المثقف فينشغلُ عن دوره الحقيقي أو يشتغل بالشعير ويسلو عن الشعر.

و(عابد خزندار) 1935-وهو في صدارة الرعيل الأول بعدما مضى أو كاد جيل الرواد - مثقف نادر بهدوئه واشتعاله، وبصمته وبساطته، وبتخصِّصه وعموميته، وببحثه في قضايا النخب وعرضه لحكايات الشارع.

نادى كثيرون بأهمية تفريغ الباحثين المتميزين وكفايتهم مؤونة الكدح كيلا يأخذهم القريض حتى يوافيهم الجريض، وإذْ لم يتحقق ذلك فقد أصبح المثقفون داخل دوائر الركض والسؤال والتنازل والعادية، حتى لم يعد للتخصص دلالة ولا للتميز معنى.

مؤخراً لا نكاد نجد شخصية صاحب (الإبداع) و(حديث الحداثة) و(رواية ما بعد الحداثة) و(معنى المعنى وحقيقة الحقيقة) و(مستقبل الشعر موت الشعر)، كما لا نرى انعكاسات الثقافة الغربية وتحديداً الفرانكفونية بعدما انضم الأستاذ عابد (الحاصل على الماجستير في الكيمياء قبل نصف قرن 1961م من الولايات المتحدة)، إلى كُتاب المطالبات اليومية التي يتصدى لها من لا يجدون في رصيدهم هذا التاريخ المعرفي الكبير.

لن نضيف أكثر ؛ سوى تطلعنا إلى أن يعود (العابد) لمشروعاته الفكرية الكبيرة فيستكملها، أما هموم المعاش فلا تحتاج لعقل من الوزن الثقيل الذي اختفى أو يكاد وسط الخفة والاستخفاف، وحوار الهوامش والأطراف.

عابد خزندار مجموعة من القيم الكبيرة التي آن ادكارها؛ فقد أعد واستعد، وسعى ووفى؛ فكان كبيرا في غيابه وإيابه، وبقي رصيده الأكبر (العرف) الذي لا يضيع بين الناس ورب الناس.

الركض استنزاف.


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة