Culture Magazine Thursday  02/07/2009 G Issue 290
الملف
الخميس 09 ,رجب 1430   العدد  290
إنسان حي بمعنى كلمة الحياة
شريفة الشملان

 

لأهل مكة دائما نكهة خاصة، هذه النكهة وإن بدت في كل أهلها إلا إنها تتركز بأدبائها، مكة التي تصهر كثيرا من ثقافات الأمم الإسلامية من اجناس مثقافات واطر اجتماعية، وقبل هذا وذاك العبق الروحاني. لمكة عمق التاريخ هذا العمق الذي يجعل لعمق الجغرافيا معنى ومغنى، وتسابيح مكة وتكبيراتها تطل وتمتزج وتخمر خميرة تتوالد عبر الزمان فتنثرها على الأمكنة، ومن عاش في مكة ودرس فيها وراح يعابث القلم فإنه ينثر ذلك ليكن من مكة نثرا للعالم أجمع وللعربي أخص.

من هؤلاء المكيين الرائعين كاتبنا الجميل عابد خزندار، وهو من الذين درسوا في مدارس تحضير البعثات، حيث هذه المدارس أسست لجيل جميل، ظهر منه كواكب جميلة في مختلف المجالات. فمن الكتاب كثيرون ومن السفراء والوزراء، ومن أساتذة ومفكرين. هؤلاء الذين جاوروا الحرم ودرسوا به أو بقربه عبقوا أيامنا بكل جميل.. أستاذنا عابد خزندار، يلف بنا عبر مقالاته وكتبه، شرقا وغربا، ويجعلنا ننهل من أدبه الشيء الكثير. فمن دراسات أدبية تطل بنا على العالم الغربي ومدارس نقده إلى دراسات للعالم العربي وللشعر بالذات. هذا الموسوعي ينقلنا أيضا إلى عالم الزراعة والاقتصاد، إنه لا يضيعنا فيها لكنه يقدم لنا المعلومة والفكرة.والتي تصل للمثقف والإنسان العادي، تزيد الأول معلومات وتزيد الثاني اطلاعا. ما زلت احتفظ بدراسة جميلة قام بها كاتبنا الجميل. دراسة بسيطة وممتعة جدا بعنوان (الجماليات والنقد الثقافي) رغم العمق التاريخي للأحداث السياسية والصراعات إلا ان كاتبنا زينها بالأشعار ليس كدليل فقط ولكن للجمال، فأتت ممتعة، بالمقارنات بين العالم الأدبي في أوروبا وبين عالمنا العربي. مستلهما من قصة طرفة بن العبد من جهة وقصة (آلام فرتر) الرواية الغربية، والتي تنتهي بانتحار البطل، فيعيد لنا انتحار البطل في واقع تاريخنا الأدبي وشاعرنا طرفة بن العبد، حيث حمل الرسالة التي تحوي أمر الملك لحاكم البحرين بقتله رافضا فتحها ومعرفة ما تحوي. وهكذا انتهت حكايتهما بالإنتحار، فرتر بيده، وطرفة بيد حاكم البحرين. وقد أعادنا لمعلقة طرفة بن العبد، ولأبيات منها حيث يتبين إقدام طرفة على الملذات ليشبع منها وكأنه عارفا قصر حياته لازلت معجبة بطروحات كاتبنا الأدبية والفكرية والنقدية، وأتابع عموده اليومي في جريدة الرياض (نثار) وطريقة تناوله لما ينثر بالساحة الأدبية، ولعل مقاله عن الجنس في الروايات الحديثة بالسعودية جاء بالصميم، وكأنه أداة تنقيه للغث في الساحة.

هذا المكاوي الذي ينير جريدة الرياض يحس نبض الشارع، ويتفاعل معه. يقدم معاناة الإنسان المواطن، بأبعادها، ويقترح الحلول. ذكي في نقده للحياة الاجتماعية التي نحياها، هذه الحياة التي يبدو النفاق مغلفا لها، وكان موضوعه عن قيادة المرأة للسيارة موضوعا أحسست كما لو انه قال ما بخاطري.

عابد خزندار إنسان حي بمعنى كلمة الحياة، متفاعل ومتفائل، يبعث الحياة عبر مقالاته وكتبه وأطروحاته. مني له تحية إكبار وتقدير. سلم لنا وسلم قلمه،،


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة