Culture Magazine Thursday  04/06/2009 G Issue 286
أوراق
الخميس 11 ,جمادى الآخر 1430   العدد  286
أثِقُ حتى الانسِيَاب!
زينب إبراهيم الخضيري

 

(إذا كان الهمس يخرج من أرواحنا

مثل كلمات كثيرة في أغلب الأحيان،

فلنعتصم بالصمت

بلا خشية من أن نخطئ.

إذا كان الصمت يفهمنا

مثل كلمات كثيرة في أغلب الأحيان،

فلننتهز طيرانه

كي نهرب معه.

إذا كان الحب ينتسب إلى سلوكنا

مثل الكلمات في أغلب الأحيان،

فلنتعلم الحب .. فلنتعلم الكلمات)

الشاعرة الاسبانية (بُورا لُوكه كرُوث)

أثق في الحَياة كثيراً، لم يُعلمني أحد كيف أثق، ولكني بإحساسي أثق بكل ما حولي، في الجبال تجاور الأنهار وتُصادقها، المحيطات الهادرة، لم تتعد على اليابسة بطوفان غادر، الغابات تسكنها الحيوانات ولازالت وفيّة لها بسكن وكلأ، الشمس أقسمت أن تظهر لنا كل يوم بجديدها من جمال خلاب ودفء، وإشراق، ولم تحنث بقسمها مثل بعض بني البشر، القمر أخو النجمات الجميلات لم يخنهن أبدا، إذن لماذا لا أثق وأنا أشاهد هذه الصور الجميلة في الطبيعة الباسمة المزغردة في عيني وعقلي وروحي لا أستثني قلبي الضَالع بحب الجمادات أكثر من البشر، فالبشر يجرحون مُخمليتي، فأتحول إلى قنفذ أو (أرماديلو) لكي أحمي نفسي البسيطة من ألم مزعج بارد، أحياناً أحس أن مشاعري المرهفة شيء انقرض مثل الديناصور (تريكس).

عندما أقول لصديقاتي أنا حورية قادمة من الحلم وقد تزوجت الوفاء، عندها يتضاحكن، ويتراشقن النظرات استهزاء بمشاعري الرقيقة حد السذاجة كما يطلقون عليها، تنتابني هنيهات من غضب سعيد كعادتي، أتمنى لو أنني أتعرف أكثر إلى مشاعرهن المختلفة واعرّضُهن ل(الماندالا) كي أكشف عن حياة العقل اللاواعي لديهن،

كم أتمنى أن أغرس (حربة الحب) في قلوبهن حتى يستشعرن جمالاً غاب عنهن في وحل النفوس المقفرة، قلت لهن إني أحبكن ك كثرة خيباتي في قلوبكن العامرة بالجمود، لم يغضبن مني فهن يعتقدن أنهن سعيدات لأنّ الحياة وهبتهن القسوة حد الإفراط، فمنهن من لا تحب زوجاً قد يكون بنظرها غادراً، ولا طفلاً شقياً، يتطاير قلبها معه كلما غاب بعيداً عن نظرها في لعب أو سفر أو حتى نوم، ولا تحب منزلاً مسجونة فيه من وجهة نظرها، تجمع حكمتها البيضاء وملامح شخصيتها، وعبق أريج أنفاسها فيه، لم تقرأ قصيدة (البحيرة) لألفونسو دي لامارتن التي كتبها على ضفاف بحيرة بورجيه في جبال السافوي الفرنسية بعد وفاة حبيبته إلفير جولي، قصيدة فيها من التأمل والحب والقسوة شيء كثير، ولقد قابلت من الصديقات عشراً، تفحّصت وجوههن المُغرقة بعدم الوضوح والتجلّي، بحثت بين تقاطيع وجوههن عن قبس نور من صدق وحب لا ينتهي، ورغم فشلي في استنطاق مشاعرهن اليتيمة تجاهي والتي تمنح حبي لهن أجنحة مغايرة عما هو مألوف، إلاّ أنني لازلت أبحث بين تفاصيلهن عن نور من أمل، ولكن بين حضور وحضور لا يجدي العتب، وبين وصال وانقطاع لا تتدمر بوصلة الوفاء، سوف أرسل برقيات عاجلة من كلمات مليئة بزهر الوفاء إلى قلوبهن الموجوعة ، فأنا أتضور جوعاً لصداقة مدهشة، وضوحها كالشمس، وكضياء القمر، أعلم أنه أحياناً تلدنا الحياة بوجع دون أن تقطع حبلها السّري، إلا أنني سوف أهِيل تُراب الصمت على روحي، وأدفن قلبي في مقبرة الصدق، منتظرة تلك التي سوف تربت على كتف الحب وتنفض عني تراب صمتي القسري.

تقول الشاعرة (صوفيا دي ميللو) في زمن لم يكثرت أبدا بالأصدقاء:

كَانَ لِي أَصْدِقَاءٌ ظَلُّوا يَمُوتُونَ،

أَصْدِقَاءٌ ظَلُّوا يُغَادِرُونَ

آخَرُونَ كَانُوا يَكْسِرُونَ ..

وَجْهَهُمْ بِاتِّجَاهِ الزَّمَنِ.

كُنْتُ أَكْرَهُ مَا كَانَ سَهْلاً

وَبَحَثْتُ عَنْ نَفْسِي فِي الضَّوْءِ،

فِي البَحْرِ،

......... فِي الرِّيحِ.

تقول زينب: روحي دائماً لديها قصة لترويها، فهل أجُورُ عليها واغتصب حُريتها بإجبَاري لها على السُكوت..؟

Zienab777@yahoo.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة