Culture Magazine Thursday  05/03/2009 G Issue 273
عدد خاص
الخميس 8 ,ربيع الاول 1430   العدد  273
فارس الحرية
فاروق حسني

 

الدكتور غازي عبد الرحمن القصيبي علم من الإعلام المضيئة في فضاء الثقافة العربية المعاصرة ويعتز بكتاباته القارئ العربي بوجه عام، والقارئ المصري بوجه خاص أما اعتزاز القارئ العربي به فيرجع إلى أنه كاتب قومي بكل معنى الكلمة، حالم بمستقبل أعظم للأمة العربية، مستقبل ينقلها من واقعها الغارق في شروط الضرورة والانكسارات القومية إلى وعود مستقبل التقدم الذي تلازمه صفات الحرية بكل أنواعها، والعدالة بكل تجلياتها، والاستنارة بكل علاماتها ولا يتردد غازي القصيبي في تأكيد انتمائه إلى المستقبل الذي يرفض الواقع المهيض والحاضر البعيد عن أفق الأحلام بكل وسيلة تعبيرية ممكنة، ابتداء من كلمات الشعر الذي ينظمه احتجاجا ورفضا ومقاومة، مرورا بكتابة الرواية التي تفتح له أبواب الذاكرة على المستوى الشخصي، وتضع الواقع العربي، في لحظاته المتعاقبة، موضع المساءلة وكل ذلك دون أن ينسيه الشعر كيفية العزف الآسر على أوتار وجدانه التي تصدر أعذب الألحان التي تتنوع فيها المشاعر الإنسانية في فراديسها الخاصة ولذلك صار القراء العرب ينجذبون إلى ما يكتبه القصيبي، نثرا ونظما، لأنهم يعلمون أنه رجل لديه ما يقوله، وما ينفع الناس، وما يثرى وجدان القراء وعقولهم على السواء.

أما القارئ المصري فيعرف القصيبي على نحو خاص، ويراه واحدا من الذين تكوّنت رؤيتهم الأولى للعالم في رحاب وادي النيل، في وقت كانت ترفرف على الثقافة فيه إعلام الحرية والوحدة والعدالة وكان ذلك في ذروة صعود المشروع القومي وأحلامه العظيمة التي تحوّلت إلى كوابيس أليمة مع العام 1967. وقد سجل القصيبي سنوات دراسته الجامعية في مصر على صفحات روايته (شقة الحرية) ولم يكن اختيار العنوان مصادفة، فالرواية رحلة استرجاع صادق في وعى مجموعة من الشباب الذين جمعهم مسكن واحد، ووصلت ما بينهم أحلام متقاربة، وعمّقت الصلة بين توجهاتهم دوافع الحرية التي ظلّت تتأجج في الصدور، ولم يترك لهبها المقدس وعى القصيبي الإبداعي والفكري إلى اليوم ولذلك فهو فارس من فرسان الحرية المسؤولة التي تعمل من أجل المستقبل العربي، ولا تكف عن مقاومة أنواع التخلف، وأزمات الانكسار العربي المتلاحقة، في شجاعة وجسارة جعلتا لكلماتها مصداقية تدفع القراء إلى احترامها، وتدفعني، شخصيا، إلى تحقيقها والاحتفاء بها قيمة ورمزا ومعنى.

مصر

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة