Culture Magazine Thursday  07/05/2009 G Issue 282
أوراق
الخميس 12 ,جمادى الاولى 1430   العدد  282
عبدالله بن سليم الرشيد:
الأديب المبدع والإداري الناجح
عبدالله الحيدري

 

في يوم السبت 22-4-1430هـ تلقيت بفرح غامر وسعادة كبيرة ترقية زميلي سناً، وأستاذي علماً الشاعر الدكتور عبدالله بن سليم الرشيد إلى درجة الأستاذية، وهي أعلى درجة علمية جامعية، ويستحقها بجدارة واستحقاق؛ نظير جهوده وعمله الدؤوب بصمت دون ضجيج، وتواضع جم.

وكنت منذ فترة أتطلع إلى الكتابة عنه؛ للتعبير عما أكنه من تقدير واحترام وإعجاب لهذا الرجل النادر في هذا الزمان، غير أنني تراجعت في الماضي؛ لأنه كان رئيس قسم الأدب الذي أنتسب إليه حالياً، ولا أحب أن تفسر كتابتي بأنها تزلف أو مديح كاذب، والآن وقد ترك رئاسة القسم وتفرغ علمياً، فليس ثمة مصلحة أرجوها، وإنما أعبر تعبيراً صادقاً ومن أعماق قلبي عن أهمية هذا الرجل علمياً وشعرياً وإدارياً، وأتمنى من الجامعة أن تستفيد من قدراته وأن تدعمه بترشيحه لمناصب عليا، ولجوائز أدبية فهو حقيق بها، وتواضعه يجب أن يكون حافزاً لتزكيته.

وإذا كان من الصعب جداً المفاضلة بين الرجال فإنني أشير إلى ثلاثة ممن عملت معهم مدة تزيد على سنتين ولفتوا انتباهي إدارياً، وهم: محمد بن عثمان المنصور وكيل وزارة الثقافة والإعلام لشؤون الإذاعة سابقاً، والدكتور محمد الربيّع وكيل جامعة الإمام سابقاً، والمشرف العلمي على قاموس الأدب والأدباء في المملكة العربية السعودية، وزميلي وصديقي الغالي الدكتور عبدالله بن سليم الرشيد الذي رأس قسم الأدب بكلية اللغة العربية بالرياض في المدة من 1426-1429هـ.

ومنطلق الإعجاب بهم: شخصياتهم الجادة وصرامتهم في إدارة الاجتماعات واستثمار الوقت وحسم القضايا مع علم وخبرات طويلة.

ومما يلفت الانتباه في الرشيد اعتزازه وقدراته القوية في اللغة، فمع حضوري لعدد من محاضراته وأمسياته واجتماعاته في القسم لم ألحظ أنه وقع في لحن مطلقاً، وهي خصيصة أصبحت في حكم النادر في هذا الزمان؛ ولذلك أتمنى أن يقوم الأساتذة السعوديون من أعضاء مجامع اللغة العربية بالدول العربية بترشيحه عضوا في أحدها، وسيكون اسماً مشرّفاً بحق، وصوتاً مضيئاً ينقل إلى أشقائنا العرب أنموذجاً من العلماء النابهين.

وقد أبديت هذه الرغبة إلى أستاذي الدكتور الربيّع؛ ولعلها تتحقق على يديه، فهو من المعجبين بعلمه ووقاره.

ومسوغات هذه الرغبة تكمن في تقدير أعماله في خدمة اللغة العربية من خلال بحوثه ومقالاته العديدة، ومنها : كتابه (الأفاكيه والنوادر: مدخل لتدريس فنون اللغة العربية) (1423هـ)، وكتابه (مذاكرات في مشكلة الفصحى والعامية) (1427ه-)، وعمله أميناً لمجلس إدارة الجمعية العلمية السعودية للغة العربية ثلاث سنوات في المدة من 1426-1429هـ، إضافة إلى عضويته الحالية في الجمعية.

وإذا كان الدكتور عبدالله بن سليم الرشيد قد طبع رسالته في الماجستير عن شفيق جبري تحت عنوان (رجل الصناعتين)، فإنه يصدق هذا الوصف عليه أيضاً، فهو من رجال الصناعتين، وله إنتاج غزير في الشعر والنثر مع تفوق في كليهما.

وفيما يخص النثر نجده يكتب البحث، والمقالة، ويستعرض الكتب الجديدة، وبالنظر إلى رسالتيه في الماجستير والدكتوراه نجد أنه متخصص في الأدب القديم والحديث على السواء؛ ولذلك نلحظ أنه يكتب بحوثاً في معظم عصور الأدب، ويُبدي نقدات دقيقة تجنح نحو تقويم الشعر أو النثر مع التركيز على المضمون والشكل معاً، والاهتمام بوجه خاص بالوزن والقافية ومطلع القصائد، اعتماداً على ذوقه الشخصي الذي لا يخونه أبداً، وعلى شاعريته الأصيلة، وعلى اطلاعه الواسع على الشعر العربي في عصوره المختلفة.

ومن النماذج على نقوده، بحثه (أبو العميثل الأعرابي الشاعر اللغوي) الذي نشر في مجلة كلية اللغة العربية التابعة لجامعة الأزهر، وبحثه (العنوان في الشعر السعودي بوصفه مظهراً إبداعياً) الذي نشر ضمن بحوث نادي القصيم الأدبي (عقدان من الإبداع الأدبي السعودي).

وقد طور البحث الأخير وتحول إلى كتاب عنوانه (مدخل إلى دراسة العنوان في الشعر السعودي) طبعه نادي القصيم الأدبي عام 1429هـ.

وهذان البحثان أنموذجان واضحان على اهتمام عبدالله الرشيد بالأدب قديمه وحديثه، كما نلحظ بالاطلاع على البحثين اهتمامه بالجانب النقدي بإبداء ملحوظات بين آونة وأخرى تتجاوز العرض والوصف.

ومن القضايا التي عُني الرشيد بإثارتها في مقالاته النقدية في الصحف والمجلات: التراث وأهميته، والعامية وخطورتها على الأدب، والمتشاعرون والمتطفلون على الساحة، والشللية في الصحافة وأثرها في الأدب، وتراجع دور الأدب، وغير ذلك من القضايا المهمة. ومما يميز نقد الرشيد: الثقافة الواسعة، والذوق السليم، والقوة في الحجة والإقناع، مع إيجاز في العبارة وسلامة في اللغة، وغَيرة واضحة على التراث بشكل خاص، وعلى اللغة العربية وعلومها وهمومها بشكل عام.

وإضافة إلى التأليف فقد عُني الرشيد بالتحقيق في عدد من بحوثه، ومن أواخر أعماله جمع نصوص رحلية للخوارزمي (ت بعد 510هـ) والتعليق عليها، وسمّاه (مابقي من كتاب الرِّحل)، وصدر هذا العام 1430هـ عن مركز حمد الجاسر الثقافي بالرياض، وسعدت بالحصول على نسخة منه مقدّماً لإهدائها بأبيات، منها:

اقبل كتاباً أتاك محتشماً

عنوانه (ما بقي من الرّحلِ)

جمعتُ أشتاته، وأحسبه

جهدَ مقلٍ يُساق في مَهَلِ

وأخيراً: تحية للزميل العزيز الدكتور محمد بن سليمان القسومي رئيس قسم الأدب حالياً بكلية اللغة العربية فقد علمت أنه ينوي إقامة حفل تكريم للدكتور الرشيد؛ تقديراً لعطائه المخلص في القسم؛ واحتفاء بحصوله على (الأستاذية)، ولعلنا نظفر بتكريم آخر للدكتور الرشيد من قبل إثنينية عبدالمقصود خوجة.. وسأتشرف بالحديث عنه..

وبعد، فلطالما فزعت إلى أبي بسّام أستشيره في أمور علمية وقضايا أدبية فأجد عنده الرأي السديد والمشورة الصادقة، وعندها أتذكر قول الشاعر:

إذا رُمتَ أمراً فاعتمدْ في بلوغه

على صاحبٍ ذي حكمة وتجارِبِ

aaah1426@gmail.com - كلية اللغة العربية بالرياض - قسم الأدب

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة