Culture Magazine Thursday  09/04/2009 G Issue 278
تشكيل
الخميس 13 ,ربيع الثاني 1430   العدد  278
الحرف غيمة
العصر الذهبي (1-3)
مها السنان

 

يعي دارس تاريخ الفن أن هذا النتاج الفكري مرآة تعكس بشكل صادق ومن دون تدخل المؤرخ الوضع العقائدي والسياسي والاقتصادي الذي تعيشه الحضارة التي ينتمي إليها، وينطبق ذلك على أعمق الفنون تاريخياً.

بل إن الفن يعكس تأثر الحضارة بالحضارات الأخرى مبيناً قوة المؤثر منها على فنونه، حيث نرى على سبيل المثال أن فنون الشرق الأدنى قبل الإسلام ونظراً للعلاقات التجارية عبر القوافل، وأيضاً بسبب غزو الأسكندر المقدوني للمنطقة في القرن الثالث ق.م، نرى أن هذه الفنون اصطبغت نسبياً بفنون الإغريق ومن بعدهم الرومان، ووصل هذا التأثير إلى عمق الجزيرة العربية في محطاته التجارية المعروفة آنذاك.

وحين عظم أمر الإسلام واتسعت رقعته ونمت حضارته وتبلورت فنونه كان لهذه الفنون تأثير أقوى من سابقتها ولكن بشكل عكسي، حيث ظهرت الزخارف الإسلامية والمناظر ذات الصلة في فنون البندقية ومقاطع من القرآن الكريم كحلية زخرفية في كنائس إسبانيا وذلك حتى عصر النهضة الأوروبية والتي انقلبت فيها الموازيين السياسية والحضارية والاقتصادية، فعاشت أوروبا ومن بعدها أمريكا عصوراً ذهبية متتالية في الفنون تناوبت فيها أعظم مدنه من روما إلى باريس إلى برلين إلى لندن إلى نيويورك.

وحين بدأنا في الشرق العربي - في أوائل القرن الماضي - نعي النمو العلمي والتطور الحاصل في الغرب الأوروبي، نسخنا ما نسخناه من فكر متضمناً الفنون البصرية لننقل التأثيرية والتكعيبية والسريالية في فنوننا التشكيلية، حتى بدأ البعض منا يتحرر من القالب الأجنبي كي يصيغ فناً محدثاً ناتجاً عن فكر محلي.

وإذا كان نمو الفن وازدهاره في بقعة أو حضارة ما يسمى عصراً ذهبياً، وإذا كانت (الحالة الحضارية) بما تشمل من مقومات اقتصادية أو سياسية أو حتى عقائدية، هي التي تهيئ لولادة مثل هذا العصر، فأعتقد أننا هنا مقبلون على العصر الذهبي في الفن.

وسوف أذكر السبب الذي جعلني أعتقد ذلك في الأسبوع القادم بإذن الله.

msenan@yahoo.com الرياض

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة