Culture Magazine Thursday  12/03/2009 G Issue 274
فضاءات
الخميس 15 ,ربيع الاول 1430   العدد  274
من الأدب الذاتي
وزراء الثقافة والإعلام.. وأنا؟!
علي محمد العمير

 

 

 

 

 

 

 

 

إهداء إلى معالي الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة

أذكر أن الابن العزيز الأستاذ محمد المنقري كان قد أثار سؤالاً -منذ مدة- يبدو بسيطاً.. بل عادياً جداً، وكان ضمن عدد من الأسئلة، أو التساؤلات مع الأندية الأدبية.. ويبدو أنه نسي الإشارة إلى (جمعية الثقافة والفنون) حيث من الطبيعي أن ينساها (المنقري) أو غيره لكونها لم تقم بعمل يجعلها مذكورة بين الناس، ولا مشكورة بأي حال!!

أما السؤال المشار إليه فهو كما يلي:

(لماذا تطبع الأندية كتبها المدعومة بسخاء من الحكومة إن لم تقدمها لأبناء الوطن، وبخاصة شبابنا الطموح)؟!

هذا السؤال بالذات ينكأ جرحاً غائراً في نفسي كنتيجة حتمية لمتابعتي الطويلة لأحوال، وأوضاع أنديتنا الأدبية، و(الجمعية) إياها!!

متابعة عن كثب.. بل أيضاً بعض مشاركة عمل لم يقدر لها أن تكون ذات عمر أقصر من أي عمر على الإطلاق!!

كنت عضو مجلس إدارة أحد الأندية الأدبية، ولكن لم تستمر عضويتي هذه غير أسبوعين فقط.. عرفت خلالهما أنني غير صالح بأي حال لهذه العضوية الكريمة، أو غير الكريمة حيث أدركت -بكل تأكيد- أن طبيعة سير العمل في النادي بما في ذلك مدى فهم الرئيس لدور الرئاسة لهو مما تأباه طبيعتي، أو لعله (ضيق أفقي) أو نحو ذلك فهربت بجلدي حتى دون تقديم استقالة أو نحوها!!

ثم أيضاً عينتني الرئاسة العامة لجمعية الثقافة والفنون رئيساً للجنتها الثقافية بفرعها بجدة بيد أن عملي بهذه الوظيفة انتهى قبل ان يبدأ.. انتهى بمجرد أول زيارة لفرع الجمعية!!

وأعتقد أن ما أشرت غليه آنفاً يكفي للدلالة القطعية على عدم صلاحيتي لما يسمى بحسن المسايرة، أو ما هو نحو ذلك مما لم أفلح فيه قط!!

ولذلك ما إن تم إعلان وجود (وزارة الثقافة والإعلام) حتى وجدت، أو شعرت أن من واجبي الحتمي الإدلاء بما عندي من (معلومات) وليس (آراء) عن الأندية الأدبية، والجمعية الآنفة الذكر ومقترح (رابطة الأدباء) في (مجلس الشورى).

وكنت على ثقة كبيرة مؤكدة -دون غرور أو فخار) أنه لا (وزارة الثقافة) ولا (مجلس الشورى) يملك ما أملك من معلومات، ومستندات.. بل (ملفات) ليس عن الأندية، أو الجمعية فحسب.. بل عن المسيرة الثقافية بكاملها خلال أكثر من نصف قرن!!

نصف قرن من المعاصرة، والمشاركة، والتمرس.. بل التفاعل المباشر المستمر عن كثب!!

ومن ثم شعرت بواجبي في إيضاح بعض ما يمكن من معلوماتي.. فقمت بكتابة سلسلة من المقالات المطولة، المتعددة إلى الحد الذي جعلها قوام كتاب بأكمله هو كتاب (هموم الثقافة والكتاب سلبيات، وإحباطات، وغياب مسؤولية)، وفور الانتهاء من نشر تلك المقالات الطوال جمعتها في ملف واحد.. مرفقا بها أيضا بعض مستندات رسمية لإثبات أهم ما أشرت إليه من أعاجيب، وتناقضات.. كما أضفت بعض معلومات مهمة من أرشيفي الخاص إضافة إلى نصوص مقالات كتبها بعض الزملاء بتواريخ متفاوتة، إضافة إلى ما أسجله لنفسي عادة، ومن ضمنه بعض إضبارات ما يتعلق بمسيرة الثقافة.

ومن ثم قمت بإرسال ملف خاص لرئيس مجلس الشورى يتضمن كل ما يتعلق ب(رابطة الأدباء) من معلومات مهمة مع خطاب مطول مفصل.. لم أتلق مجرد إشعار بوصوله فضلا عن الرد عليه، وإن كانت الصحف قد نشرت بعض تصريحات متعلقة به، ومصدرها مجلس الشورى نفسه!!

ثم قمت مرة ثانية - بكل غباء، أو بلاهة معتادة عندي - بإعداد ملف آخر أضخم بكثير من سابقه اشتمل - قبل كل شيء - على سلسلة مقالاتي المطولة، المتعددة الحلقات المنشورة في (الثقافية) وكانت مهداة في العنوان نفسه لمعالي الوزير شخصيا، وهو - حينذاك - الصديق الدكتور (فؤاد بن عبدالسلام الفارسي) الذي تربطني به علاقة صداقة وثيقة.

وقد أتيت في سلسلة تلك المقالات الطوال على كم هائل من المعلومات المهمة جدا لوزارة الثقافة والإعلام، وبخاصة لشقها الثقافي الذي كان وما زال في بدايته من الصفر، ولا شك عندي في مدى حاجته إلى الكثير من المعلومات!!

وقد تناولت في مقالاتي تلك غير الجانب المعلوماتي، نقدا شديدا للأندية الأدبية، وجمعية الثقافة والفنون.. عددت، وفندت فيها الكثير جدا من أحوالها التي أعرفها أدق معرفة سواء من داخلها بالذات، أو مما هو سائد عنها من معلومات عامة!!

وأضفت أيضا إلى ذلك الملف الضخم الكثير من المعلومات.. بل المستندات، والوثائق.. فضلا عن إضافة مقالات مختارة لبعض الزملاء في الشأن نفسه!

وعندما انتهيت من إعداد الملف، وطباعته، وتجليده بكل أناقة لم أكن أشك قط أنه - أي الملف - يشكل قاعدة معلومات، وآراء بالغة الدقة والأهمية بالنسبة للشق الثقافي للوزارة.

ومن ثم قمت برفع ذلك، وبعض مرفقات له لمعالي الوزير ذاته حيث تعودت التخاطب معه في أي شأن كان. فأما الملف ومرفقاته.. فهو لم يطلب مني.. بل كان على سبيل التبرع من قبلي بمعلومات وآراء كنت، ومازلت على يقين من ناحية مدى حاجة الشق الثقافي بالوزارة إلى البعض منها فضلا عن جميعها.

وكان الوزير حينذاك هو ذاته الصديق الفارسي، ولذلك كانت دهشتي بالغة للغاية لم تقم الوزارة منذ البداية بأدنى رد على مقالاتي المهداة لمعالي الوزير نفسه.. وعندما لم أتلق منه أدنى إشارة بشأن الملف الذي أرسلته له بأية وسيلة من وسائل الاتصال المعتادة في أمور أقل أهمية من كل ذلك بما لا يقاس!!

فلم يكن بوسعي غير التماس الأعذار له، وبخاصة كونه قد اتخذ إجراء مهماً جداً بناء على بعض مما في الملف من معلومات، وآراء معتبراً ذلك أبلغ، وأروع صدى ممكن!!

ثم قمت برفع كل ذلك وغيره أيضاً إلى الوزير الجديد حيث كان الصديق الفارسي قد انتقل إلى وزارة الحج وجاء بدلا منه (إياد مدني) وهو أكثر الأصدقاء علما، ومعرفة عن كثب بهمومي، واهتماماتي الثقافية.

وفي الحقيقة كنت أتوقع فعلا ليس مجرد إشعاري بوصول ما بعثته.. بل كنت أتوقع عدم قراءة أدنى شيء مما بعثته لكلا الوزيرين.. ولا حتى مجرد توجيه بدراسة ذلك.

ودعك -بالله عليك- من أدنى احتمال للاستفادة أدنى استفادة من كل ذلك الكم الهائل من المعلومات التي أرسلتها.. بل لست أشك قط أنها قد أحيلت على الفور لا إلى جهة مختصة.. بل رأساً إلى (آلة فرم الأوراق)!! وذلك رغم كونها تتعلق بأوضاع الأندية الأدبية، وجمعية الثقافة في مختلف مجالات عملها، ومنها (طباعة الكتب) التي ذهبت فيها إلى حد إثبات اطعن في الذمة المالية لدى بعض رؤسائها.. فضلا عن إثبات طعن في ذمم معنوية ربما هي أشنع من الذمم المادية!!

وهي تهم كانت توجب التحقيق مع بعض الرؤساء قبل قبول استقالاتهم.. أو قبل إقالتهم.. الأمر الذي لا أشك معه أن جميع المسؤولين الجدد، سواء في الأندية، أو الجمعية قد ورثوا تركة ثقيلة.. لا شك أنها ستعيق أدنى انطلاقات لها حيث يحتاج هذا الانطلاق إلى أرضية صلبة.. لا مجرد (رمال سافية متحركة)!!

أما مسالة (طباعة الكتب، وكيفية توزيعها) فقد أوسعت ذلك شرحاً، وتفصيلاً، وتعليلاً، وكشفت الكثير مما كان مستوراً رغم فداحته!!

ولكن لم تكن هناك أدنى فائدة لجهودي، أو معلوماتي الوثيقة لدى الوزارة المختصة حيث ربما لم ير الوزراء ضرورة أصلاً لأية معلومات، أو حتى ملاحظات مهما كانت أهميتها!!

جدة

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة