Culture Magazine Thursday  12/03/2009 G Issue 274
مداخلات
الخميس 15 ,ربيع الاول 1430   العدد  274
العيدان والستندهولية
الرهاب يسود رغم العولمة

 

قرأت مقالتكم الكريمة التي أوردتموها في الثقافية، وكان لي تعليق بسيط هو إضافة لا على ما قلت بل إلى ما قلت آنستي الفاضلة. ذلك أن الرهاب phobia هو النقيض الأول للمتلازمة وهو على صور ويقع على أشكال منها ما هو ثقافي ومنها ما هو فكري ومنها ما هو سياسي... إلخ. والواقع أن الرهاب الفكري هو ما نعايشه في ظل الطرح السياسي القائم اليوم، فهو السائد الذي يسود السواد الأعظم من الناس اليوم بمختلف مشاربهم وكافة أطيافهم رغم معايشة الجميع للعولمة أو العولمة بأبعادها الأحادية والثنائية والثلاثية ومعاصرتهم لها بكل تضاريسها على أرض الواقع.

لقد جبل الإنسان على المحبة التي تقتضي التلازم والانجذاب، أي كل ما هو جميل، والإنسان مفطور بطبعه على الخير، ولذلك لو سألنا إنساناً ما أو خيرناه بين التمر والجمر لاختار التمر لأن الإنسان مجبول على حب الخير ف(فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا)... الآية، (كل مولود يولد على الفطرة.... الحديث)، ولذلك نجد مثلاً أن لا أحد على الإطلاق يصبح الصباح يتمنى أن يرزقه الله بمصيبة ما.

ولأن النفس بطبيعتها تعشق ما هو جميل صار التلازم صفة إنسانية بحتة بدءاً من علاقات هذا الإنسان بأخيه الإنسان كما قال الشاعر:

وما سمي الإنسان إلا لأنسه

ولا القلب إلا أنه يتقلب

وانتهاءً بكل ما يحيط بالإنسان من كون وشجر ونهرٍ وحجر. ولهذا لا نستغرب أن يفرد العالم العربي المسلم عبد الرحمن بن محمد بن خلدون في مقدمة المبتدأ والخبر في شرح أصول العرب والعجم والبربر ومن تبعهم من ذوي السلطان الأكبر فصلاً كاملاً تحت عنوان (الاجتماع الإنساني ضروري)، وهكذا عشق الإنسان الإنسان والطير والحيوان وكل ما هو جميل بما في ذلك الفن كما قال الإمام الغزالي (من لم يطرب قلبه لرنّة الوتر فلا قلب له). وبعيداً عن هذا وذاك، وكما أن الرهاب مرض يتجذر مع كثرة التفكير والتفكر والاستغراق والتأمل، فكذلك التلازم لا يتأتي إلا من كثرة أعمال العقل في عملية التذكّر الدائمة، وهكذا جن جنون مجنون ليلى الذي كان أعقل العقلاء، كما يقال ومن قبله ومن بعده من هام في الزمان والمكان ما لا يسعني المقام لذكره، وكما يقال عندنا في اليمن في المثل العامي (لابن آدم ثلث ما نطق) بمعنى أن الإنسان يحصل على ثلث الأشياء التي يفكر بها فهي تظل تلازمه ملازمة الظل للعود تروح معه حيث راح وتستريح معه إن هو استراح.

على كل مقالك ليس جميلاً لأنه أكثر من جميل وليس حلواً أيضاً لأن الحلو جزء منه, إنه الجمال نفسه والحلاوة عينها, فلا تبخلي علينا بإطلالتك من حين لآخر. لك منّي جزيل الشكر وخالص التقدير وجل الاحترام ولشخصكم الكريمة أسمى اعتباري.

أ.صادق اليعري أستاذ الإنجليزية والفرنسية -جامعة ذمار - اليمن طالب دراسات عليا بجامعة الملك سعود – الرياض

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة