Culture Magazine Thursday  12/03/2009 G Issue 274
تشكيل
الخميس 15 ,ربيع الاول 1430   العدد  274
من الحقيبة التشكيلية
تتسم أعماله بالشفافية وديناميكية الحركة
الفنان العمير عين على الواقع وأخرى على التجارب الحديثة

 

نعود مرة أخرى لنقتطف بعضا من ثمار ساحتنا التشكيلية التي أصبحت غابة من الأشجار الفارعة طولا المخضرة نماء والمثمرة عطاء تنمو فيها كل يوم براعم جديدة تتغذى بتجارب السابقين وتنافس على الحضور بالبحث عن جديد يتبع ذلك اهتمام بالتقليم والتهذيب والدعم والرعاية فأصبحت الساحة ذات رائحة ومذاق لا يمكن إغفاله من بين كل التجارب العربية والعالمية.

يسعدنا اليوم أن نتحدث عن تجربة فاعلة، مساهمة، ذات نفس وخصوصية من بين بقية التجارب، ضيفنا اليوم الفنان محمد العمير فنان يقترب من الجيل الأول ويأخذ موقعه بجدارة في الجيل الثاني ويواصل التحامه بالأجيال الجديدة من خلال تجدد إبداعه الذي لا يتوقف، فنان نشط يعرف ماذا يرسم والي أين سينتهي به العمل الفني، يحمل في وجدانه إجابات التساؤلات الغامضة.. لمن نرسم.. وكيف.. ولماذا؟.

عشق مدرسة الواقع

عرف الفنان محمد العمير في بداية عطائه باهتمامه بالواقعية التسجيلية لأمرين أهمها متطلبات الساحة ومستوى فهم العمل الفني الذي لم يكن فيه الملتقي قادرا على استيعاب الجديد وتقبل الإبداع الحقيقي بما يحمله من قيم فكرية وفلسفية قد لا تظهر بالصورة المعتادة بقدر ما تأتي نتاج وعي الفنان بكيفية توظيف هذا الإبداع للتعبير المبتكر باستخلاص المعنى وتقديمه بأبسط السبل من خلال الإشارة أو التلميح أو الرمز، قد لا يعيها إلا من لديه اللغة التي تمكنه من قراءة الفعل التشكيلي، أما الجانب الآخر في تعامله المبكر مع إبداعه فهو ما جمعه من مكتسباته البصرية من قيم الواقع الجمالية وتوظيفها مستنبطا منها أسس التجارب القادمة التي استبق بها الفنان العمير الزمن.. متهيئا بها بصرا وبصيرة، ليستمر إبداعه في نهج التسجيل والتوثيق لكل ما يراه في الطبيعة، فأجاد وأمتع وأبقى في ذاكرة المتابعين له، ما كان يمتلكه من موهبة دعمها بالدراسة في معهد التربية الفنية حيث تخرج منه عام 75م - 95هـ، وعمل معلما لمادة التربية الفنية فأجاد في إقناع الطلبة بجمال المادة وبجذبهم من خلال ما أضفاه على المدرسة من لوحات أضافت بعدا إعلاميا عن الفن التشكيلي ومعلميه الموهوبين، هذا النشاط المدفوع برغبة مؤطرة بموهبة تسكن وجدان الفنان العمير أصبحت منطلقا للحضور والمنافسة والمساهمة في الساحة تحقق له بها وضع موقع لقدمه بين صفوف التشكيليين في تلك الفترة وأخذت أسهمه الإبداعية في تزايد جعلت منه اسما وفعلا لا يمكن أن يفتقد في أي معرض أو مشاركة رسمية من خلال معارض الرئاسة العامة لرعاية الشباب وجمعية الثقافة والفنون ليواصل هذا النشاط ممثلا للمملكة في العديد من المعارض العربية والدولية وحائز على الجوائز وممتلكا لأسلوب أصبح بمثابة الإمضاء المعترف به مع ما تبع ذلك من تطوير وتجديد.

التجربة.. الخصوصية

لم يتوقف الفنان العمير عن البحث والتجريب بتعامل ذكي احترافي مع منجزة التشكيلي بحميمية وعشق لكل مرحلة سابقة مر بها فأخذ في طبع شخصيته على كل خطوة قادمة وإبداع جديد فهو يخرج من مرحلة إلى أخرى دون التخلي عن روح ورائحة التجربة السابقة فأصبح لديه بالته (حاملة ألوانه) بإشراقها وشفافيتها مهما تنوعت المواضيع أو تعددت، يعكس بها الصورة الحقيقية للوجدان كسب بها إعجاب الجمهور، ينتقل بالمشاهد للوحاته بين انسياب الخطوط ومرونتها إلى إيقاع راقص يأخذه من أطراف اللوحة إلى أطرافها بإحساس حالم يجعل من السكون أصوات ومن الهدوء حركه يقتنص الشكل من مختزل عقله الباطني ويحيله إلى واقع، وجد في المرأة مرتكزا للعديد من أعماله ممثلا بها الحياة والجمال والحب الإنساني وأحيانا نجدها تشكل الأرض الخصبة المعطاءة، وفي لوحات أخرى يلتقط شيئاً من عناصر الواقع يذيبها في أتون معمله الوجداني المفعم بحيوية الشباب الممزوجة بخبرات عمره الفني التي تتجاوز خمسة وثلاثين عاماً بثقافته البصرية التي جمعها من كل مشهد وحدث تشكيلي محلي وعربي وعالمي كان له فيها حضور أو زيارة ليعيدها مرة أخرى بتشكيل وتكوين مختلف لا يخرج عن المألوف وإنما يضيف إلى جمالها جمالا.

برز في أعماله الأخيرة معالجتها بالحركة المتتابعة للفرشاة بتأسيس مسبق وإضافة ألوان على سطحها ومن ثم إزالة ما يراه يخدم الفكرة فجاءت تلك الأعمال رشيقة مرنة مكنت الفنان من طرح العديد من المواضيع دون إخلال يتلاحم تكوينها وبنائها إيقاع متناغم في اللون وحوار بين الكتلة والفراغ بانسجام يضمن للعمل توازنه.

تجارب ومسيرة

من يزور مرسم الفنان العمير يمكنه التعرف على مختلف مراحله التي احتفظ من كل منها بعمل موظفا قدراته لكل ما يحرضه على الإبداع ويستفز مخيلته مع ما يقدمه من أعمال لمناسبات وطنية جامعا بذلك بين مبدأ الفن للفن ومقدراً رؤية الآخر من خلال أعماله التوثيقية لمظاهر الحضارة أو الواقع البيئي المحيط به، تلقى الفنان على تلك التجارب والمحطات الكثير من إشادات النقاد والمطلعين عليها من الفنانين العرب والأجانب وكان لي الاستماع لبعض منها خلال حضوري معارض للفن السعودي خارج الوطن كان الفنان العمير مشاركا فيها، إضافة إلى بعض من تجاربه في النحت التي كشف فيها قدرته على التعامل مع الكتلة في الحجر أو تشكيل الطينة ولم يتوقف الفنان العمير عند حدود نشاطه الشخصي عبر اللوحة بل واصل خدمته للفن عبر إقامته للورش الفنية بدعم من وزارة الثقافة والإعلام وكالة الشؤون الثقافية أو من خلال الرئاسة العامة لرعاية الشباب في فترة سابقة مع ما ساهم به مع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية كما أن العمير عضو مؤسس في الجمعية السعودية للفنون التشكيلية وعضو مؤسس لجماعة ألوان كما أنه حائز على العديد من الجوائز وشهادات التقدير ودروع التكريم.

إعداد: محمد المنيف monif@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة