Culture Magazine Thursday  14/05/2009 G Issue 283
فضاءات
الخميس 19 ,جمادى الاولى 1430   العدد  283
من الأدب الذاتي الساخر
فضائياتي الثلاث أو الأربع فحسب!!
علي محمد العمير

 

إلى عهد جد قريب لم أكن أشاهد الفضائيات إلا في النادر الذي لا حكم له رغم كوني عاطلا باطلا.. أي أنني أملك جميع وقتي الذي يذهب سدى، أو هدراً فيما عدا ما أرتكبه أحيانا من حماقاتي المعهودة في القراءة، أو الكتابة قدر ما تسمح به ظروفي الصحية.

ومن عجب أن معالي وزير العمل، أو نائبه، أو أي مختص أو موظف في وزارته.. جميعهم لا يعلمون عن كوني عاطلا وباطلا!!

بل لا يعلمون أنني غير موجود أصلا فيما لديهم من بيانات، أو إحصاءات، رغم كون ذلك أدنى حق لي!!

والشأن ذاته بالنسبة لمعالي وزير الصحة، ومن معه.. جميعهم لا يعلمون شيئا قط عن معاناتي على مدى أكثر من ربع قرن من ظروف صحية لئيمة، مزمنة.. قد جعلتني حبيس منزلي.. لا أكاد أفارقه منقطعا بذلك عن المجتمع بأكمله حتى عن رعاية أية مصلحة لي.. بل منقطعا حتى عن الكتابة بجميع أنواعها، وهي المصدر المتواضع الوحيد لدخلي، وتأمين حاجتي على تواضعها الذي لا يزيد قط عن (الكفاف) بل أقل.. بل أقل!!

وبخاصة لكوني غير صاحب (تقاعد) و (تأمينات) ولا حتى (ضمان اجتماعي)!! وفضلا عن ذلك كله يعتبرونني - زورا، وبهتانا - من المحسوبين على طائفة المسنين.. ولا رعاية للمسنين عندنا حسب علمي، وإلا فلنسأل الوزارة المختصة!!

ونكتفي إلى هنا بهذه الشطحة التي طالت هذه المرة.. مستندة إلى ما يسمى ب(الاستطراد) الذي لطالما انتهكته واعتسفته اعتسافا بحجة سماحة الأدب، أو سعة صدر الأسلوب الأدبي!!

وهكذا نعود - دون خجل - إلى موضوعنا الذي هو (الفضائيات) وكوني - إلى عهد جد قريب - لم أكن من مشاهديها!!

فأما: لماذا؟ (إن كان لابد من: لماذا؟).. فذلك لكوني قد طعنت في السن طعنا جارحا إلى الحد الذي لم تعد معه (المتع) التي تقدمها بعض الفضائيات من بين طموحاتي على طريقة: (كفى الشيب، والإسلام للمرء ناهيا)!!

وهذا شطر بيت ذهبت الأيام برديفه من ذاكرتي التي أصبحت غربالية!!

وأما الأخبار فإن أهمها أخبار (السياسة) أو (الاقتصاد) أو ما إلى ذلك من أخبار (أحداث العالم) فإن ما أحصل عليه من ذلك من قراءاتي للصحف صباح كل يوم.. فيه البركة - إن شاء الله - ثم إنني لست صاحب اختصاص يلزمني بتعمق أكثر!!

ولا أظنني ملزما بسرد جميع الأسباب التي جعلتني زاهداً في مشاهدة (الفضائيات) فذلك هو الذي حصل بالفعل على مدى زمني طويل ولا شأن لأحد بمطالبتي باليمين مثلا!!

أما.. ما لابد أن يستوحي - مما سبق - أنني أصبحت أحد الفرسان الذين يمتطون صهوات الفضائيات ليلا، ونهاراً.. فليس الأمر كذلك.. بل تلك هي عادتي.. فإما (كل شيء) أو (لاشيء)!!

وهنا أشهد أنني قد وقعت على بعض (الفضائيات) التي تستحق المشاهدة على عكس تصوراتي، وأحكامي السابقة.. بيد أن شهادتي لا تكاد تعدو كونها جزئية فحسب حيث القنوات التي تستحق شهادتي لاتكاد تزيد عما يحصى، أو يعد بأصابع اليد الواحدة!!

وأما تلك (الفضائيات) الأكثر من الألفين فهي ما بين متخذة الكذب ديدنا، أو الإسفاف، أو سلق البيض، أو ما لست في شيء منه!!

عندي ثلاث قنوات.. تزيد أحيانا لتصل إلى أربع قنوات فحسب، أو فقط، أو لاغير!!

ولا مجال لذكر قنواتي العزيزة حيث إدارة الإعلانات لذلك، ونحوه بالمرصاد!!

وذكر أسماء القنوات، والشركات، أو ما هو من قبيل ذلك.. من اختصاصها، وهي ذات عين حمراء لا شأن لها ب (يمه ارحميني)!!

وإذن فالبعد عن ذلك (غنيمة) فلنقل ثلاث أو أربع قنوات دون ذكر الأسماء!!

أولاها: قناة بريطانية المنشأ، وهي ضمن شبكة إعلامية قديمة جدا.. قد حازت الثقة بها منذ زمن بعيد، وإن كنا - نحن العرب - لا يمكننا منحها الثقة بإطلاق!!

بل لابد لنا من بعض حذر بإزاء أخبارها وبرامجها ذات العلاقة بالشرق الأوسط، وبخاصة في جانبها السياسي، أو حتى الحقوقي مادام ذلك متعلقا بالشأن العربي على أدنى، أو أقصى ضرر!!

ولكنها - على كل حال، وللإنصاف - أرحم بكثير جدا من سواها.. أرحم حتى من قنوات عربية خالصة النسب، رفيعة الحسب.. يراق دون شرفها الدم!!

لا يكاد يهمها من أخبارها، أو برامجها الإعلامية - إن وجدت - غير الطبل، أو الزمر، أو كيل المدائح من نوع مدائح المتنبي ل (كافور) وإن كان قد ختم كل ذلك بقوله الشهير:

لاتشتر العبد إلا والعصا معه

إن العبيد لأنجاس مناكيد

ولذلك لاينتظر من هذا النوع (العروبي) في مجال الإعلام غير الضحالة، والسفاسف، واللامبالاة بالمشاهدين!!

بل هي تتعمد، أو تكاد تتعمد الإهانة الكاملة لمشاهديها - إن وجدوا - من ناحية كونهم عندها من فاقدي الوعي، أو النباهة، أو أدنى تدقيق في الأمور!!

وإذن أجرؤ على القول إن هذا النوع (العروبي) من القنوات.. لا تهمني في قليل، أو كثير، وإن كنت أعرف حقا أن فقدها لمشاهد واحد مثلي، أو حتى فقدها لآلاف من المشاهدين ليس من شأنها، ولا من أولوياتها، أو بدهياتها.. مادامت ميزانيتها مضمونة!!

وأما قنوات أبناء (العم سام) أو قنوات أبناء (القارة العجوز) أو غير هؤلاء، وأولئك من غير الناطقين بالضاد.. فقد ساعدني دونها سوء لغتي!!

وذلك رغم علمي أن قنوات هذه الجهات.. تستطيع إيصال ما تريد إيصاله لنا - نحن أبناء يعرب - عبر ألف طريقة، ومليون وسيلة، ووسيلة، وفي مقدمتها وسائل الاتصال الخاصة بنا بالذات.. تلك الخالصة الحسب، الرفيعة النسب!!

وأما ما عدا ذلك كله.. فلا تبقى غير قنواتي الثلاث، أو الأربع.. وقد ذكرنا آنفا أولاها مع بعض تحفظ، أو حذر كما أسلفنا!!

وأما الثانية: فهي ذات جذور شرقية.. تحتل بلادها في خارطة الكرة الأرضية مكانا واسعا، شاسعا، متميزا، يكاد يساوي، أو يقارب ذلك القطب الكوني في الناحية الغربية من الخارطة نفسها!!

وهذه القناة - لاشك - صاحبة، أو ذات احترام لنفسها، ولمشاهديها.. لا شأن لها بطبل، أو زمر لحكومة بلادها.. اللهم إلا في النادر الذي لاحكم له!!

ومن ثم يمكن الثقة بها، ولو إلى حد ما من ناحية ما تبثه، أو تذيعه من أخبار، أو برامج إعلامية ثقافية.. فضلا عن كون المهم، أو الأهم هو ما تبثه من أفلام تسجيلية، أو وثائقية معظمها لم نكن قد شاهدنا شيئا منه إطلاقا، وبخاصة في ظل ما كان سائدا في ذلك الجانب من (الشرق) من تكتم، أو تعتيم، أو عدم اهتمام بتوجيه أية رسائل، وبخاصة إلينا نحن أبناء يعرب، الشم، الأبادة.. كما يقال عنا، أو نقوله نحن عن أنفسنا!!

وأما قناتي الثالثة: فلو ذكرناها بالاسم لارتفعت الحواجب من شدة الدهشة.. ذلك لأنها - بكل بساطة - ذات أرومة (يعربية) خالصة، ولكنها تبذل الكثير من الجهد حقا في سبيل احترام ذاتها، ورسالتها وإعزاز مشاهديها، وإن كان يوجد من بين مشاهديها من يرفضها جملة، وتفصيلا ولكن ذلك، ونحوه هو الشاهد لها على حد قول الشاعر:

وإذا أتتك مذمتي من ناقص

فهي الشهادة لي بأني كامل!!

وأما العبد لله (كاتب هذه السطور) فهو يعتبرها خطوة ريادية أولى واسعة نحو إعلام عربي حقيقي، ولكنها تبقى - على كل حال - مجرد خطوة أولى في طريق طويل شائك بالغ الوعورة!!

جدة

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة