Culture Magazine Thursday  14/05/2009 G Issue 283
مداخلات
الخميس 19 ,جمادى الاولى 1430   العدد  283
قراءة في « المجلة الثقافية » الصادرة في 5 جمادى الأولى 1430هـ
أدباء كبار لا صغار

 

الشيء من معدنه لا يستغرب، والجزيرة التي أهدتنا مئات القصائد العمودية على مدى سنين من عمرها لعدد من فحول شعراء المملكة.. غازي القصيبي وصالح المالك وسعد الغامدي وعبد الرحمن العشماوي وعبد الله بن إدريس.. هذه الجزيرة الخضراء في رياض العز والكرم والمجد والتاريخ، تهدينا كل خميس (بعد أن كان كل اثنين) حلة قشيبة من الثقافة والأدب الجميل الرائع شكلاً وجوهراً مظهراً ومخبراً.. الثقافية منبر يعتليه الموهوبون وجواد يمتطيه الحاذقون وميدان يتسابق فيه الماهرون. وفي صبيحة الخميس الخامس من الشهر الخامس من عام ثلاثين وأربعمائة وألف للهجرة جاءتنا الثقافية بعدد من الموضوعات يضيق المجال باستعراضها والحديث عنها.

بيد أن أقوى ما شدني فيها خطاب عبد الرحمن الرفاعي إلى الثقافية ونشره كاملاً بياناً للحقيقة وإثباتاً للحيادية وتجرداً من الانتصار للخطأ وآراء الكتاب المشهورين.

ثم الخبر الصغير عن زيارة من وُصفوا ب(الأدباء الصغار) للشيخ عبد الله بن إدريس، وهي سنة لم تسبق وعمل نبيل ورائع نحن بأمس الحاجة إليه، فالأبناء بحاجة إلى الآباء، والصغار يتعلمون من الكبار والمبتدئون فروع من دوحة الأدب التي زرعها وغذاها وسقاها الرّواد الكبار.. فمتى نرى هذه السنة الحميدة مظهراً من مظاهر حياتنا يتكرر في كل مدينة من مدن مملكتنا الغالية.

شكراً من الأعماق لكل من خطط ونسق ونفّذ ذلك اللقاء الأدبي النفيس وشكر خاص للأب والمربي والأديب والشاعر عبد الله بن عبد العزيز بن إدريس شيخ الثقافة والأدب وأكثر الله من أمثاله ونفع أبناءنا بعلمه وأدبه.

وفي مقطوعة شعرية بائية رائعة تطالعنا الدكتورة مباركة بنت البراء بمعاني الوفاء ومآثر العلماء وسمات الرّواد.. فحينما يمنح الدكتور عبد العزيز المانع جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي ليس ذلك تكريماً له وحده.. وهو لم يحمل وساماً يزينه بمفرده وإنما حمل تاج الأدب للأدباء ووسام الشرف للرواد جمعيهم.. شرفت به اللغة العربية التي يكتب بها والأدب العربي الذي سهر معه وعشقه واستمتع بنوادره وروائعه.. لقد كُرمت اللغة وكرّم الأدب في شخص عصامي جلد مخلص لتخصصه يُدعى عبد العزيز المانع؛ ولذلك كله قدمت مباركة بنت البراء صفحة وفاء ووثيقة حب وتقدير لمن يستحقه:

شرّفت مملكة، شرفت جامعة

شرفت أمتنا، شرفتنا عربا

أحرزتها، حجبت، كم مرةً حجبت!!

ها أنت تبرز للعيان ما حجبا

نعم يا مباركة: لقد حُجبتْ جائزة الملك فيصل العالمية في السنوات الماضية لعدم رقي الأعمال المقدمة لمستوى الجائزة ولكن عبد العزيز المانع - وفقه الله - قدّم هذا العام ورشح بأعمال تؤهله للجائزة بجدارة.. وفي هذا شرف عظيم ليس للمانع وحده ولكنه للمملكة العربية السعودية، ولجامعة الملك سعود، وللأمة كلها وللعرب لغة وأدباً وفكراً.

ولأن الشعر عمود الأدب وحينما يكون أصيلا تبرز مفاتنه وتتألق صفات جماله، فإن سليمان بن عبد العزيز الشريف يقدم لوحة صدق نادرة حينما يتحاور مع ديوانه، فيشكو ما حصل في طبعته من أخطاء (مطبعية) لم يعلم عنها قبل طبعه ويبيّن وبصراحة أن الأخطاء في الشعر تحط من مكانته وتذهب روعته وتهبط بمستواه وتخدش ناصيته، وكم سمعنا وقرأنا من ذلك ما يندى له الجبين، فالأخطاء تجعل (البعل) بغلاً، والرأس فأساً، والصديق صديعاً وفي هذا المجال حدث ولا حرج.. ومن الطريف أن بعض رواد الشعر المنثور يعُدُّون مثل تلك الأخطاء تميزاً ونجاحاً وإبداعاً، وبعضهم يدّعي أن ذلك مذهب جديد في اللغة واستعمالاتها.. وأي إبداع يجعل النمل نمراً والجبان فارساً مغواراً؟! لقد كان سليمان الشريف صادقاً حينما نقد ديوانه ومخلصاً لإنتاجه قبل وبعد طباعته ومبدعاً حينما قدم نقده شعراًَ كذلك.

ومسك ختام الثقافية رصدٌ لإنتاجها، وتوثيق لعطائها، وتذكير بمفاخرها، تجرّد لذلك وتولى مسؤوليته ربان ماهر في مجاله هو محمد بن عبد الله الحمدان صاحب مكتبة قيس (من غير ابن) ولربما كان ابن الملوح.. ولأن النّسيان ملازم للبشر وما سمي الإنسان إلا لنسيه: كما قال الأولون فقد حث علماؤنا على الكتابة حتى قال علماء الحديث:

العلم صيد والكتابة قيدهُ

قيّد صيودك بالحبال الواثقة

فمن الحماقة أن تصيد غزالةً

وتتركها بين الخلائق طالقة

والحمدان رجل يكتب ويرصد، ولذلك ذكرنا بموضوعات قيمة جداً سبق أن نشرتها الثقافية وهو تذكير يعيدنا إليها ويربطنا بها ولكنّها نفدت فهل تتكرم الجزيرة بجمعها في ملفات تتاح للقراء حين طلبها.. خطوة رائدة لن تعجز عنها همم القائمين على الملحق ولن تضعف عنها إمكانات الجزيرة بإذن الله تعالى.

عبدالعزيز بن صالح العسكر عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة