Culture Magazine Monday  16/02/2009 G Issue 271
مداخلات
الأثنين 21 ,صفر 1430   العدد  271
عَلَمٌ مُعمّم
عبد المحسن بن علي المطلق

 

لا أقول بعمامة، لكن بإمامة.. لما تحويه (خزانته) الفكريّة - حفظه الله - هذا.. مدخل رناه قلمي.. حين ما صيّرني (ليّاً لعُنق بناني) أقصد خطابي مستدعياً له أو آن به حفلت (الثقافية) بُنيّة الجزيرة - الصحفية -.. واسمحوا لي بهذا التجاوز.. وذاك في عددها الخاص ليكتب (موجز المواجيز) - على وزن عنوان برنامجه المشهور: (تفسير التفاسير) - ولم يُستدع من قِبل أخ أُكنُّ له احتراماً وأعترف له حُسن وفادته لقلمي (إبّان كنتُ أنثر ماءه في الأدب): د. إبراهيم التركي .. لكنه أو في ملحقه عن علاّمتنا آثر (لضيق المساحة) أن لا يستدعي أقلام تلاميذه (كقلمي)، فإن ذهَبَت تلك الفرصة (التي لا أحسبها غائيّة) فلا تَفرط عن عِقدنا هذه السانحة - والتذكير خير مُعين -: لا أقول إيثاراً أو أكرر: للعمالقة، بقدر ما هو (مع حُسن الظن) أن رتم الملحق ما لا يستطيع - برغبته - أن يمده لسبعة أجزاء أُخر .. كي يُنيل من بضاعة قريبة من المزجاة ليقول عن .. ما يصول به المداد عن العتاد في هذا ال(محمد) بن عمر بن عبد الرحمن العقيل -.. أو بإيجاز: العالِم الموسوعي .. سلفيٌّ ظاهريٌّ معروفٌ ب(أبي عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري).

ثم، قد لا أزيد أو أجيد .. إضافة - لا إفاضة - عن هذا المحتفى به على ما قاله! أساتذة كان لهم حظ التقديم و.. لا أقول التقويم، بذلك العدد (الثقافية رقم 269) المخصص كاملاً .. لعلاّمتنا وعِلمنا وعالِمنا وموسوعتنا .. إلخ.

ابن عقيل الظاهري مذهباً - لا لقباً - وقد كنتُ في مطلع مطالعاتي أرتاب لفكري من أن أتابع برنامجه (تفسير التفاسير) لا شكاً بمنهجه - معاذ الله - لكن قلّة ثقة بقدرات ذهني من أن تواصل معه تفاصيل وعمق ما يثريه به، حتى أني كنت أقف مليّاً عند لفظةٍ أو معنى يورده لكي استلحق فكري في استيعابه، فإذا هو أو تسلسل مادته قد قفزت عن (سلحفاة) خُطا ذهني حتى لا أجدني إلاّ وقد انفرط عليّ حبل تواصلي معه، ولا غرو أن يقول أديبنا - وتلميذه الوفي - حمد القاضي إنّ (الشيخ ابن عقيل فسّر سورة الفاتحة بأكثر من (مئتي) حلقة في برنامجه الإذاعي (تفسير التفاسير)، وإنّ البسملة لوحدها استغرقت زهاء (عشرين) حلقة).

فأعود .. لأقول: ربما إن حسبت ذلك قلت هذا عُذراً لي و(لأمثالي) من أن يُلاموا على وهن تواصلٍ .. لذلك البرنامج الذي بالفعل وبالأمنية البالغة أن أرجو (إذاعة القرآن الكريم) إعادته. فقد أو أحسب أنّ مقدراتي (ربما) قد تهفو كثيراً إلى الآن.

(شيخنا): لم أستغرب تلك الكوكبة التي تقاطرت على إملاء (الملحق) عنك، لا مديحاً حاشا لله، لكن إسداءً عن من يعلمون عنه أكثر مما عرفنا له - قدره ومقامه ومكانة .. و.. و ..

فهو يحفل بالعلم لا بمن قاله أو عن من قاله، إذ .. كان لي أن تطاولت بعلمٍ - والحمد لله - على مادّته في إيجازه أحد عروض الشعر في صحيفة الجزيرة بعنوان (عقد القافية)، ولم أجد منه مواربة على ما قُلت، فضلاً عن أن ينهرني! وهذا هو (سَلَم) العلماء الذين يبحثون بحق عن الحق، فإن من مزايا أبي عبد الرحمن اطّلاعُه الواسع، وانفتاح ذهنه، واستعداده للحوار مع المختلفين، هذا مع قدرة فائقة على استدعاء الأدلة واستعادة رواتها وأسانيدها، وتوثيق صحتها وموثوقيتها، ولا عجب بعدها أنه إذا ما حكم في قضية أو أفتى في مسألة اطمأنّت له نفس المتلقّي للحقيقة ممن لا تهمهم العناوين العريضة.

فلا غرو إن قلت إني تعلّمت منه (قاعدة) باقية في عقبي، أو هو شيء (مهم) أحفظه عنه وأحبه له عن الذّوق - في الشعر .. مثلاً -:

(لم أتمذهب في يوم من الأيام بمذهب أدبي معين، ولا بمذهب فكري معين، بل تمذهبي لما تمليه وما تقتضيه هذه المعايير، معايير الوجود الثلاثة: أن يكون الشيء حقاً بقوانين المنطق، أو يكون خيراً بقوانين السلوك، أو يكون جمالاً بقوانين النقد الفني. هذا هو مذهبي في الفكر والأدب والحياة.

الحقيقة والجمال والسلوك (الخير) لا زمان لهنّ عندي ولا مكان، يكون القُبْح في القديم كما يكون في الحديث).

وأعود لأعتذر عمن خصّهم (له) ذلك الملحق:

أن لا ضير أن يُخصّص (الملحق) لهم دون من دونهم - من التلاميذ - فهذا الصنيع هو منهج ديننا، للحديث (ليليني منكم ذوي الأحلام ..) الحديث، ومقولة أحفظها لعمر رضي الله عنه (كبّر .. كبّر) - أي أعطِ زمام الحديث، والخطاب والبيان و.. ولمن يكبروك (علماً)، فهم أو بضاعتهم أجدى للمتلقّي .. من أقلام قد تكتب بعلم، لكن مشحونة (غالباً) بالعاطفة.. أو التعجُّل، وهنا فإنّ منها ما قد يشطح بها إلى (مدح) ممجوج، أو (بخس) مذموم بحق من بالفعل يستحق .. كأبينا أبي عبد الرحمن.. وبالمناسبة فإنّ لي الحق بإطراء (خاص) لمن حمل له اللقب: ابنه وصديقي العزيز لُدّتي: (عبد الرحمن) الذي أحسبه لا يقل كثيراً عن خطى ما سار عليه والده حفظهما الله وسدّدهما وعلى طريق الخير والحق بلّغهما، عساه يبلغ صنيعه قادماً.

ويكفيه - هذا الابن - صفحة (أصداء) في صحيفة الجزيرة.. التي - ومن قلّة المتابعة - لا أعلم أهي الآن: قائمة أو معطّلة.

أعود - والعود أولى - للمحفول به بذلك العدد لأقول عنه أو أعيد بضاعته عليه، لمقولة أوجزها (د. الخويطر):

(يُفاجئ القارئ والسامع بتطرّقه إلى أمور يظن أنه وأمثاله لا يجيدونها، فيأتي بالعجب العجاب، مما قد تفغر الأفواه تعجّباً منه وإعجاباً، وهذا لا يُستغرب من عالِم قضى سنوات من عمره وهو شاب يلتهم ما يقع تحت يده، ولا يرى أن هناك كلمة خُطّت على الورق لا تستحق أن تُقرأ، وأن يتمعّن فيها).

وحسناً - حتى لا نُطيل - أو حسبه ما قاله صديقه (د. القصيبي) في قصيدته التي وجّهها إليه، في حكاية - أدبية - معروفة:

إن رُمْت فِقهاً .. فإن الفقه صنعته

                                                           يجلو (المُحلّى) بتفسير وتوضيح

أو رمت نحواً .. فإن النحو مهنته

                                                              يغزو النُحاة بتخطيئ وتصحيح

أو رمت شعراً .. فذا ديوانه حرقٌ

                                                         تدمي بدمع من الأعماق مسفوح

أو رمت نثراً .. أتاك النثر تحسبه

                                                     من رقّة النّسج .. نفح البان والشيح

أو رمت درساً .. تراه في تلامذة

                                                              إليه قد جلسوا .. بعد التراويح

و(المحلّى) في البيت الأول:

كتاب مشهور .. لمن أخذ منه مذهبه: محمد ابن حزم (رحمه الله)

أستاذنا، لعلّكم - وهذا عهدي بكم - بغنى .. لا أقول عن المدح المفرط أو ما قد تجدوه (هنا) تجاوزاً! ولكن عن أن يردّد المرء ما تداوله سمعكم سلفاً، وما وقعت عليه عيناكم خلفاً - وبذلك الملحق على الأخصّ..- لكنّ (عذري) أنّ ديننا أمرنا أن نقول للمحسن أحسنت (يا أبا عبد الرحمن).. ففي الحديث (من لا يشكر الناس، لا يشكر رب الناس).

فهل ستعتبر هذه الأسطر هي بمثابة (شكر) لكم وعلى جهدكم، ولسان المقال يتشرّق ويغرّب ويصدّق ويكذّب ويعظم ويحقر، أما لسان الحال في أرض الواقع لا يعرف غير الصدق، فالخير يدل عليه أثره، والبحر يدل عليه موجه، والمطر يدل عليه قطره، والرجال تدل عليهم أفعالهم.

.. ثم إطراء وثناء على من فكّر بطرح شكركم بملحق هو أقلّ ما تستحقونه.. بعد هذا العمر وذلك العطاء..، و(وفاءً) من أهل الفضل وأمة الحق - أمة محمد صلى الله عليه وسلم -

إن كان بلغكم مرادي بهذه - أي أنها (شكر) فحسب - فعلكم تقبلوها، وإن وجدتم بها غير ذلك.. إما تمادياً أو دون ما أنتم له أهلاً، فعذري لله ثم لكم، أنها .. من قلمٍ غِرٍّ:

إن كان (عامر) أتى بجهل

                                                   فإن مظنة الخطأ: (الشبابُ)

وليست هفوةً من عامر، بل من تلميذك (عبد المحسن).. فأستغفر الله، وأتوب إليه من كل ذنب وكل تجاوز:

تعدّى مفاوز.. منطق أهل المكرمات، ولكم خالص التحيات..

الرياض

 mohsnail@yahoo.com


 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة