Culture Magazine Monday  23/02/2009 G Issue 272
فضاءات
الأثنين 28 ,صفر 1430   العدد  272
مداخلات لغوية
سيطرة الفتحة
أبو أوس إبراهيم الشمسان

 

ليس غريبًا ميل العربي لاستعمال الفتحة فقد وصفت بالخفة، وهي حركة يتخذ اللسان عند نطقها وضعًا أبعد عن سقف الحلق من الضمة أو الكسرة، ولذلك نجد أن ظهور الفتحة على الياء والواو ممكنًا بخلاف الكسرة والضمة فإظهارهما على العلتين ثقيل أما على الألف فممتنع؛ لأنها حركة بخلاف الياء والواو، ومن أجل هذه الخفة ربما كانت علامة صالحة لطائفة كثيرة من الوظائف النحوية (المفعول المطلق - المفعول به - المفعول فيه - المفعول معه - الحال - التمييز - المنادى - المستثنى - الوصف المقطوع عن رفع - المنزوع خافضه)، وكان أيضا وسيلة تخلص التميميين المبقين على الإدغام في الأفعال المضعفة (استعِدَّ يا زيدُ).

والأسماء التي عينها حلقي ساكن تفتح (نهْر - نهَر، بحْر - بحَر، صخْر - صخَر، شعْر - شعَر)، وكذلك نجد أحد أبواب الفعل الثلاثي وهو باب (فتح) هو باب تأتي عليه الأفعال عينها أو لامها حلقي، نحو (لمَع: يلمَع - منح: يمنح - سأل: يسأل - سلَخ: يسلَخ - نهب: ينهب - دمغ: يدمَغ)، وقد تحول إليه أفعال أخرى من أبواب أخرى لأنه تفتح العين منها إن كانت حلقية، مثل(وضع: يضع، وهَب: يهَب).

وفي لغة المحدثين نجد أهل السودان يكثر عندهم فتح ضمير المتكلم المتصل كما في (أنا قلتَ هذا). ويفتح الحجازيون اليوم باء الجر كما في قولهم (أش بَك؟) أي: أي شيء بِك؟

وتسمع الناس يطلقون كلمة مخدَّرات(بفتح الدال) على جملة من العقارات المخدرة والصواب أن تكون بكسر الدال (مخدِّرات) لأنها اسم فاعل لا اسم مفعول، فهي التي تخدر متعاطيها. ويشبه هذا استعمال اسم الفاعل (مختلِف) فتجدهم يفتحون اللام منه إن أضافوه وفهموا منه معنى كلّ، كما في هذا النص في تعريف الأداة: (هو روابط تربط أجزاء الجملة بعضها ببعض وتدل على مُختَلَفِ العلاقاتِ الداخليّة بينها. ويعرف الأستاذ محمد سمير نجيب بها فيقول: الكلمة التي يتوسل بها قائلها إلى إفادة معان مُخْتَلِفَة...((العرب،ج7و8، س44،محرم وصفر1430?، ص455)، ومختلف اسم فاعل من الفعل اللازم (اختلف) الذي لا يأتي منه اسم المفعول مطلقًا، بل مقيدًا بحرف جرّ (مختلَف فيه). ومثله ما توصف به المجلات والدوريات في مراكز البحث والمعاهد والجامعات إذ تعودوا وصف المجلة بأنها (مُحَكَّمَة) بفتح الكاف، وربما تراها مضبوطة بهذا الضبط، والصواب أن تكون بكسر الكاف، لأن المجلة أو الدورية تُحكِّم غيرها في الأبحاث التي تريد نشرها ولذلك هي محكِّمة، اسم فاعل من الفعل (حكّم) أي جعله حكمًا. ومما يتصل بهذا من الخطأ قولهم حكّم فلان البحث وهم يريدون حكم عليه. وتسمع أكثر الناس يفتحون العين من (صعِد) فينقلونه من باب فرح إلى باب فتح وأسعد ذلك وجود الحلقي فيه. وأما فتحهم حرف المضارعة فهو كثير ذكرته في موضع سابق، ومن أمثلته: (يَلقي درسًا)، والصواب: يُلقي درسًا، ويقولون (يَجري بحثًا) والصواب: يُجري. ويقولون: (يَعطي الفقراء) والصواب: يُعطي الفقراء. ويقولون (يَدرك أهمية الأمر) والصواب: يُدرك أهمية الأمر. ويقولون: (لا أَريد أن أَطيل) بفتح الهمزة في الفعلين والصواب بضمهما (أُريد، أُطيل). وهكذا نرى أن للفتحة سيطرة تفوق غيرها.

ومن ذلك قولهم (الأمور المستَجَدة)، وهم يريدون (المستَجِدة) أي صارت جديدة. فإن كان المقصود بها المجددة عن قدم فهو الفتح. ويقولون (البث المباشَر) ولعله (البث المباشِر).

وآخر ما نختم به اسم بلادنا حفظها الله، فقد كثر فتح السين منها (السَّعُوديّة - سَعوديّ)، وظهر هذا في الخط اللاتيني (saudi arabia)، والصواب هو ضمّ السين (السُّعوديّة) لأنه نسبة إلى الأسرة المالكة (آل سُعود).

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7987» ثم أرسلها إلى الكود 82244

الرياض

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة