الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 20th September,2004 العدد : 77

الأثنين 6 ,شعبان 1425

الملتقى.. وضرورة مشاركة الأجيال الفاعلة
سعيد الدحية الزهراني *

يأتي ملتقى المثقفين الأول الذي ترعاه وزارة الثقافة والإعلام في وقت نشهد فيه حراكاً اجتماعياً وثقافياً وحضارياً نحو أفق أرحب وأشمل، بعد أن أمضينا حقبة ليست باليسيرة ونحن نراوح في المكان ذاته، ولم ندرك خطورة ذلك السكون إلا بعد أن بدأ الخطر يدق ناقوسه لنستيقظ قبل فوات الأوان. وأقول (قبل)؛ لأنه لا يزال بمقدورنا أن ننهض وندرس ونخطط وننتج.
هذا الملتقى يعد الخطوة الثانية في الاتجاه الصحيح نحو البناء والعطاء حيث كانت الخطوة الأولى والأهم موافقة المقام السام على منح الثقافة الصفة الرسمية وضمها إلى وزارة الإعلام لتكون وزارة الثقافة والإعلام.
وتأتي الخطوة الثالثة من رحم الخطوة الثانية (الملتقى) وهي تقديم التوصيات والاقتراحات وعرض الإشكالات وبالتالي الخلوص إلى خطوط عريضة واستراتيجيات دقيقة يتم التأكد منها وتستخدم معها مقاييس ثبات حقيقية وتقارن بتجارب بلدان سبقتنا في هذا الحقل؛ لنخلص في نهاية المطاف إلى ناتج مستمر ومتزايد.
بطبيعة الحال لا يمكن أن نتصور أن مثل هذه المشاريع العملاقة التي تتعلق بثقافة أجيال انتقالية، لا يمكن أن نتصور أن تتم دون إخفاقات وصعوبات وعوائق قد تتسبّب في تأخيرها أو تشويهها، لكنها لن تقف عائقاً مانعاً لها من الوصول.
نحن الآن أمام مرحلة جديدة، نحن الآن نقف في المنتصف بين مرحلة شارفت على الانقضاء وبين مرحلة بزغت أنوارها؛ ومن هنا يتحتم علينا أمران. أولهما وهو ما سأعرض له بمثال حي هو الاستفادة من إخفاقات المرحلة المقضية. أما الآخر فهو استشراف المستقبل أو القادم.
وفي الحقيقة فإنني لا أرى أن هناك مستقبلاً بالنسبة لنا. مستقبلنا هو واقع الآخر؛ أي أن الراهن لدى الآخر هو مستقبلنا الذي نطمح إليه. وعلى هذا فماذا عسانا أن نسمي مستقبل الآخر بالنسبة إليه عندما نريد أن نستشرفه؟
إذن ما يتعلق باستشراف المستقبل نجده في تجارب من سبقنا في هذا الحقل عربياً وغربياً مع مراعاة خصوصيات لن تكون عائقاً أمام الفعل البناء.
ولعل تعزيز الجانب المعرفي داخل الوسط الاجتماعي العام أحد أهم ملامح التجارب الناجحة في ثقافات البلدان التي سبقتنا في هذا الحقل أو هذا الجانب. والشواهد على هذا أكثر
من أن تحصر في مثل هذا المقال.
أما الآن فأود أن أعود إلى المحور الأول وهو ما يتعلق بالاستفادة من أخطاء وإخفاقات الماضي؛ فكلنا نردد الحكمة الشعبية التي تنصّ على أن الخطأ ليس هو ارتكاب الخطأ، ولكن الخطأ هو الاستمرار في الخطأ ذاته.
وكما أسلفت سأتناول في هذا السياق تجربة الأندية الأدبية كمثال حي لسقطة فادحة وإخفاقة مخجلة استمرت ميتة على وجه الحياة لعقود دون أن يلتفت إليها إلى أن ضاقت بالمصطلين بنارها السبل؛ فانتفضوا عبر مطبوعات إعلامية صحفية وأعلنوا من خلالها النزر اليسير من ممارسات تلك الأندية.
وسأتحدث هنا من واقع تجربة (المجلة الثقافية) في هذا المجال؛ فالمجلة فتحت ملفات عدد من الأندية الأدبية، وقد استمر ملف أحد تلك الأندية أكثر من شهرين، في كل عدد يفاجأ القارئ بما هو أفظع وأشنع، وتضطر المجلة آسفة إلى إغلاق تلك الملفات لأن الأمر لم يعد يطاق تماماً.
من واقع تلك الملفات وجدنا أن مطالب كل المثقفين والمبدعين على مستوى المملكة متفقة تماماً؛ فهم يطالبون بأن تكون أنديتهم منابر حرة للكلمة والرأي والتوجه، ويطالبون بأن تطبع إبداعاتهم على نفقة النادي، ويطالبون بأن تهتم أنديتهم بالموهوبين، ويطالبون بأن تفتح أنديتهم قنوات الاتصال والتواصل مع أبنائها، ويطالبون بمطالب لا أجدها إلا من واجبات
الأندية وليست تفضلاً منها.
إما في الجانب المقابل فكانت تأتي ردود مجالس إدارات الأندية مغلفة بحيل ذكية تعتمد في الأساس على تحويل النقاش والقضية برمتها إلى مسائل شخصية بحتة؛ أي شخصنة القضايا، وهو أسلوب فاعل تماماً لأخذ الأنظار بعيداً عن الحقائق المقصودة.
وللقارئ الحكم في نهاية الأمر؛ فعندما تستمر القضية لأكثر من شهرين كلها تصب ضد الأندية وتنتقدها وتتشفى فيها. فبرأيك إلا يعد هذا إجماعا؟ والإجماع إلا يعد حجة ودليلاً؟
كنا نأمل أن نسمع أو نقرأ خبر استقالة رئيس أحد أنديتنا الأدبية الموقرة لكننا فوجئنا بتشبثهم أضعافا مضاعفة بل إن رئيساً لم تفتح (الثقافية) بعدُ ملف ناديه، والذي أعتقد كما أشار زميلي محمد الدبيسي أنه يعده من ممتلكاته الشخصية. كتب في إحدى الصحف مقالة عصماء يساند فيها رفاقه رؤساء الأندية التي تناولتها (الثقافية)، ولم يدع شاردة، ولا واردة إلا وحشرها في ذلك المقال.
وبالطبع فإنا لا أشك في ارتعاد فرائصه وخوفه وهلعه من أن تقوم (الثقافية) بفتح ملف ناديه. وهذا ما لن أفصح عنه.
ويبقى أن أشير إلى أن المسؤولين في وزارة الثقافة والإعلام، وخاصة من هم على دفة الحقيبة الثقافية في الوزارة، قد طالعوا ما نشرته (الثقافية) بل وأخذوه بعين الاعتبار.
حقيقة يؤلمنا ما يعانيه المثقف لدينا؛ فمن أين يجدها؟ أمن مجتمع أعطى للمثقف أدنى درجاته، أم من مؤسسات ثقافية أقصته وقتلته؟!
على أي حال ما يهمنا هنا هو المؤسسة الثقافية والأدبية التي فشلت تماماً في القيام بواجبها ودورها، وأخص الأندية الأدبية التي يجب عليها أن تعي أن الراهن مغاير للماضي بكل تفاصيله، وأن ما نعيشه من حراك طال كل مناحي الحياة، وحتم علينا ضرورة التفاعل والعمل، أقول كل ذلك يوجب أن تتولى الأمور عقول عصرية وطاقات حية وتجارب جديدة.
أتمنى من أحبتنا القائمين على الأندية الأدبية في المملكة الذين نجلهم ونكبرهم، أن يعلموا بأن ليس هناك من يعيش زمنه وزمن غيره. نشكرهم على ما بذلوه، أما واقع اليوم فله رجاله وعقوله وطاقاته التي تنهض به.


* محرر الشؤون الثقافية بجريدة (الجزيرة)
aldihaya2004@hotmail.com

الصفحة الرئيسة
الملتقى الأول للمثقفين السعوديين
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved