الاقتصادية عالم الرقمي مجلة الجزيرة نادي السيارات الجزيرة
Monday 20th September,2004 العدد : 77

الأثنين 6 ,شعبان 1425

قبل أيام من انعقاد الملتقى الأول للمثقفين
هموم المسرح على طاولة المسرحيين..!
* الثقافية عبدالله الهزاع:
ينعقد بداية الأسبوع المقبل الملتقى الأول للمثقفين السعوديين الذي تنظمه وزارة الثقافة والإعلام في مركز الملك فهد الثقافي ويستمر لمدة ثلاثة أيام، ومن بين الأوراق المقدمة في جلسات الملتقى أوراق عمل مقدمة عن المسرح ستناقش خلال فعاليات اليوم الثاني، وكان لزاماً علينا هنا أن نفتح ملفات المسرح أو بعضها ونطرح همومه أو ما تيسر منها هنا في هذا العدد الخاص بهذه المناسبة.. ربما نكون في عجالة، ولكننا سنتناولها بشيء من التفصيل لاحقاً.
كان من أبرز الأسئلة التي طرحناها على ضيوفنا: لماذا تخشب المسرحيون على خشبة المسرح؟ وما الذي ينقص المسرح والمسرحيين لينهضوا؟ وما هي رؤيتهم لمستقبل المسرح؟ وقد جاءت الردود حول استفساراتنا متباينة بين التفاؤل والتذمر من حال المسرح والمسرحيين.
الرؤية معتمة
الكاتب المسرحي الأستاذ فهد الحوشاني أجاب عن تساؤلاتنا قائلا: أولا اسمح لي أن أتحفظ على هذا المصطلح ولكن ما دام قضي الأمر فلا بأس من الاستمرار سيراً على خشبة المسرح المتوهمة، ولقد (تخشب) المسرحيون لأن هناك من قطع الماء عنهم لمدة طويلة فبينما تزهر كثير من فعاليات المجتمع كالأغنية والإنتاج التلفزيوني والتشكيل والشعر الشعبي وغيره فإن (هيئة إنتاج المسرح)، وهي الجهة المختصة بالإنتاج المسرحي والتي كان من المتوقع منها أن تسعى لاكتفاء السوق المحلي من الإنتاج المسرحي، قامت مع سبق الإصرار والترصد بقطع الماء عن مزارع المسرح المنتجة؛ فتحولت أشجاره إلى مجرد (أخشاب) واقفة وللأسف أن كثيراً منها ماتت وهي واقفة. إن من يقومون على زراعة نبتة المسرح هم الذين قطعوا عنها الماء إلا بعض شجيرات تركوها ليبيعوا ثمرها خارج البلاد في مهرجانات تحتفي بإنتاج من كل الدول؛ فثمار شجيرات المسرح الموجودة أغلبها للتصدير والمباهاة، على أنني سأفشي بسر خطير لأول مرة يعلن عنه وهو أن بعض ثمار تلك الأشجار (بلاستيك)؛ أي غير حقيقية.
وعما ينقص المسرح والمسرحيين لينهضوا؟ قال: لماذا لا نتساءل وكيف نهض بعضهم رغم عدم وجود شيء ينهض بالمسرح؟!! فكل ما حوله محبط له ومثبط لعزيمته وعزيمة من ينتسبون إليه.. ومن يشاهدون في المهرجانات فإن أغلبهم ليسوا مسرحيين بالمعنى الحقيقي إذ إنهم مسرحيو مهرجانات ومناسبات مسرحية.. فبعد المناسبة يذهبون إلى مناسبات أخرى وهكذا!! ليس للمسرح فعاليات مستمرة تجعله جاذبا مستمرا للمسرحيين.
وأضاف أن الرؤية لمستقبل المسرح ما زالت معتمة ولا يرى سالكو دروب المسرح إلا بضعة أمتار أمامهم! مع أن هناك مصادر مطلعة تتوقع أن تهب
كالعادة رياح (صحراوية) جافة محملة بالأتربة والغبار وقد حذرت الأرصاد الأرضية والجوية المسرحيين رحمة بهم من السير في الطرق المسرحية لأنها متعبة ومنهكة وعليهم أن يسلكوا طرقا أخرى مثل التوجه للإنتاج التلفزيوني فهو طريق سريع (هاي وي) وعدة مسارات وطرقه غير متعرجة ورسائله تصل بسهولة إلى المرسل إليهم!!
إنني أتمنى من مؤتمر المثقفين أن يعيد للمسرح حقوقه الضائعة وأن يمكن المسرحيين من أن يخدموا بلدهم ومجتمعهم كما يجب، من خلال قيادات مسرحية فعلية وقرارات واقعية ومراكز ثقافية حضارية تمثل هذا الكيان العظيم المملكة العربية السعودية التي حتى الآن لم تصل صورتها الثقافية الحقيقية خارج البلاد وأتمنى ألا يحتل المناصب والوظائف المسرحية إلا المسرحيون المكافحون والعارفون بمعاناة أصحابه، ولو أتيح ذلك عن طريق انتخابات أي أن يكون المسؤول المسرحي غير ملتحم بالكرسي (بلحام) ويمكن فك الارتباط بينهما متى ما أساء الأخير تعامله مع المسرح لكان ذلك أفضل. ومن الجيد أن تكون هناك انتخابات أسوة بانتخابات البلدية! وأتمنى أن تعبد الطرق أمام المسرح فمن المفترض أن يعيش عهدا جديدا في ظل وزارة الثقافة. المسرحيون جزء من الثقافة التي يفترض أن يتم (تفعيلها) في واقع حياتنا وليس على (أوراق عمل) المشاركين في المؤتمرات والمهرجانات فحسب.
الأستاذ علي الغوينم رئيس قسم المسرح في جمعية الثقافة والفنون في الأحساء قال متفائلا: التخشب معناه
نبض ولم يمت ما دام هنالك مبدعون جعلوه هما لهم وما زالت المحاولات وما زال الحب للخشبة موجوداً وخصوصاً مع من يمارس هذا الدور؛ أقصد من يعمل لا أن يتخشب ويبتعد ويبدأ بالتنظير وكأنه يرقب ما يحدث دون أن يشارك فيه؛ فالحياة موجودة مع متعاطي حب المسرح وآمل من جميع الاخوة الذين ارتضوا التخشب أن يشمروا عن سواعدهم ويتحدوا الظروف العديدة التي تحيط بهذا المسرح فتكون آراؤهم أعمالا لا أقوالا؛ فالمسرح في حاجة إلى التضحية وكما قال الشاعر:
لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر
ثم أردف قائلا: إن من أهم هذه النواقص وجود الإرادة لدينا كمسرحيين في بناء مسرح سعودي متميز له خصوصيته فمتى وجدت الإرادة تذللت جميع الصعوبات بإذن الله والتي منها وجود قاعات العرض المجهزة لتكون أماكن رائعة للالتقاء وأيضا وجود النظرة الاجتماعية الإيجابية لإبداعات المسرحي لنضمن استمرارية الأعمال، ومن النواقص المشاركة الفاعلة في جميع المناسبات المسرحية المحلية والدولية إضافة لوجود معهد خاص للمسرح لتخريج أكاديميين أحبوا المسرح فدرسوه فاجتمعت الهواية مع العلم لتكون أسلوبا فكريا راقيا. أيضا المسرحيون محتاجون إلى برامج ثابتة لأعمالهم وأهم هذه الاحتياجات الوجود الفاعل للمسرح في كل مدينة مع وعي المجتمع بدوره لنضمن استمراريته وتواصله.
وعن مستقبل المسرح قال: أنا متفائل ورؤيتي لمستقبل المسرح مشرقة بإذن الله ولا سيما أنه قد أصبح لديه
مرجعية هي وزارة الثقافة والإعلام والتي أتمنى أن يجد منها كل اهتمام بتوضيح دوره الفاعل في هذا الوطن الغالي، لقد بذلت الرئاسة العامة لرعاية الشباب جهودا لا تنسى رغم العديد من المشاغل الرياضية والثقافية والاجتماعية وحاولت مع جمعية الثقافة والفنون إبراز دور المسرح داخليا وخارجيا والآن يأتي دور وزارة الثقافة والإعلام لتواصل مسيرة النهوض به ليكون مستقبل المسرح مشرقا وجميلا بإذن الله .
الكاتب المسرحي ورئيس قسم مسرح الطفل في جمعية الثقافة والفنون وأحد المشاركين بورقة عمل في الملتقى الأستاذ مشعل الرشيد قال: نعم تخشب المسرحيون على الخشبة منذ ما يقارب خمسة عشر عاماً، والأسباب عديدة، من أبرزها من وجهة نظر شخصية خروج المسرح عن إطاره الاجتماعي ودخوله في قوالب مسرحية مستوردة لا علاقة لها لا شكلا ولا مضمونا بالمسرح المحلي، وهي انعكاس سلبي للمشاركات المكثفة بالمهرجانات الخارجية بدعوى التجريب وما أظنه إلا تخريبا، فصار المسرحيون لدينا يمارسون التقليد الأعمى، يدعي أحدهم خفة الدم وهو ثقيل، ويريد المستظرف أن يكون ظرفا، مما جعل المسرح المحلي كالذي يريد مشية الحمامة، وقد فقد مشيته؛ لذا تخشب المسرحيون على خشبتهم، ولله في خلقه شؤون!
وأضاف أن المسرحيين ينقصهم وجود المسرح وينقص المسرح وجود المسرحيين؛ أي أن وجود المسرح كقاعة متكاملة التجهيزات في عدة مدن في المملكة سوف يسهم بشكل كبير وسريع في نهوض المسرحيين، وينقص المسرح
الكتاب والمخرجون والممثلون الذين يعكسون مجتمعهم وواقعهم الاجتماعي بعيداً عن التقليد ولبس أفكار وقضايا الغير، فمتى كان المسرحي ملتصقا بواقعه قرب من جمهوره. لقد عانى المسرح من عزوف وهجرة الجمهور بسبب ابتعاد المسرحي مؤلفا ومخرجا وممثلا عن قضاياه المحلية فكانت النتيجة لا مسرحا، لا جمهورا.
وعن رؤيته لمستقبل المسرح قال: كغيري ممن له اهتمام مسرحي، استبشرت بصدور الأمر السامي بإنشاء وزارة للثقافة والإعلام، وهو إنشاء طالما انتظرناه طويلا، وهو مطلب سيحقق بإذن الله رغبة المسرحيين السعوديين لتكون للمسرح إدارة ومرجعية مستقلة ضمن منظومة الوزارة وهيكلها الإداري. وبلا شك فإن الوزارة متى ما وضعت على المسرح أهل المسرح إدارة وتنفيذاً، فإن صوت المسرح سيكون صوتا إعلاميا يعلو الأصوات فالمسرح جزء مهم من ثقافة المجتمع؛ لأنه معرف قوي وموصل فعال للموضوعات الاجتماعية على الخشبة المسرحية بالكلمة المنطوقة والمتحركة والمجسدة جسديا وانفعاليا وهو ما يجذب المتلقي أكثر من أي وسيلة إعلام أخرى. إنني أرى في الأفق مسرحا سعوديا قادما بقوة إلى ناسه في وطنه.
الأستاذ عبد الله باحطاب المشرف على الأندية الطلابية في جامعة الملك عبد العزيز ورئيس لجنة المسرح في جمعية الثقافة والفنون في جدة شاركنا بقوله:
لدي وجهة نظر حول هذه المقولة حيث أرى أن المسرح بحالة جيدة ولم يصل إلى هذا الحال والدليل على ذلك العروض التي يتم تقديمها من قبل جمعيات الثقافة والفنون والجامعات السعودية وعلى الأخص جمعية الثقافة في جدة وجامعة الملك عبد العزيز وعدد من الجمعيات الأخرى.
وأضاف أن المسرح يحتاج إلى دعم مادي ومعنوي وإعلامي، بحيث تكون هناك مخصصات مالية لدعم الأعمال المسرحية، ولابد أن يكون لدينا مسرح دائم ومستمر وفعل مسرحي يتبناه المجتمع في المدارس والجامعات والمجتمع بصفة عامة؛ فلابد من وجود استراتيجية واضحة لطرح وإعداد وتجهيز الأعمال المسرحية بعيداً عن القيود التي تقف حاجزاً ضد التطور المسرح، ولابد من تجهيز دور عرض مسرحية تحمل مواصفات متميزة في جميع التقنيات المسرحية من إضاءة وصوتيات وخشبة مسرح تعد خصيصاً للعروض المسرحية مع تأهيل كوادر بشرية في تقنيات المسرح.
وأشار إلى وجوب تكاتف المسرحيين مع بعضهم والتركيز على مستوى الأعمال والطرح الهادف والمتنوع والمفيد، والاستفادة من الخبرات السعودية في مجالي الكتابة والإخراج، ودعم الممثلين، واحتضان مواهبهم، والاستفادة من خبرات الدول التي سبقتنا في هذا المجال.
وعن رؤيته لمستقبل المسرح قال: لقد ذكرت عدة مرات أنني متفائل بمستقبل المسرح في المرحلة القادمة، رغم وجود بعض العقبات التي تعرقل أحيانا العمل المسرحي.
الصفحة الرئيسة
الملتقى الأول للمثقفين السعوديين
ابحث في هذا العدد

ارشيف الاعداد
للاشتراك في القائمة البريدية

للمراسلة


توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الى admin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت

Copyright 2003, Al-Jazirah Corporation, All rights Reserved