Culture Magazine Thursday  03/06/2010 G Issue 313
أوراق
الخميس 20 ,جمادى الآخر 1431   العدد  313
 
إلىَ جَوَهَرةٍ أفْرَطَتْ فِي صَقلهاَ الحَياَةُ..!!
زينب إبراهيم الخضيري

لم تسل دموعي عندما رأيت أمي مُسجاة في فراشها، رأيتها ترقد بسلام وقُلت سَلاما سلاما جَوَهَرة ... أفلتَت مني وانسلّت إلى بارئها ...من أجلها أنا هكذا ..تلك المرأة التي تحمل قلبا من طُهر وروحا من عقيق، هي ذاتها تلك المرأة التي صَبرت على طعن سيوف الألم وهي من أسرفت في شدّ وثاق الصبر مترعة بالأنتظار، لطالما ضيّفَت الوجع ولكن لم تُقِم له وليمة, وكل روح محصّنة تخلق أرواحاً من الأمان.

تهبّ الأمنيات من جهة الواقع فتترمد على صدر الألم، تفرغ اللحظات من حزن اشتريناه بثمن بخس، وفي صيف طويل حطّ بوم الهمّ على شرفة مفتوحة من آه، فتهسُ سكاكين الألم كالأفعى الخائفة ملوثة بسُخام المجهول، وكل ألم جديد هو مجرد رهان على خيول المستقبل، أرفض الوقت الذي يمر كالومضة وأرغب بإيقاف الزمن للحداد ولكن الزمن لا يستجيب، هي مشاعرنا نطرحها في سوق المزايدة ليفتح شهية الشوق على مصراعيها لمن نحب، تتبرّج المشاعر فتصبح في حضرة الموت صرخة للحياة مرتدية ثوب المصير بكل تأنٍ ،متأملة صاري الرحيل و هو يتوارى إلى ما وراء الحياة، تنتثر حبات التراب على زجاج الروح، لتبذر الموت على سرير الحياة، فالتراب لا يَذُكر من يُوارى بداخله، ولكنه يُوفي بوعده باحتضان الرُفات، يتناثر تراب حزين وهو يقضي عمره باحتواء تراب مثله أخذ شكل الإنسان، تنحني فوق أكتاف التراب دموع سخينة, ربيبة الوجع الناعق كغراب صوته يئز في القلوب, فيتورم الأفق بحزن أزرق يخنق المشاعر ويكفنها بالشوق, فتمتد الآهات من شفير الصمت إلى شفير الجزع, لتنحني سنابل الروح متبتلة حاملة قلب مستهام يمضي إلى ما وراء العيون ويكظم الحيرة، تدكُ الأرض عواصف من مشاعر ثائرة متمردة تحيل كل شيء إلى صحراء فارغة تنفث الهشيم وتستجلي الشقاء في جبين التراب ...رحلت جوهرتي نجمتي المؤتلقة، نوّارة القلب عطر الورد, تلك الروح المغموسة برائحة القرفة، حبي المزغرد بزهرات الفل، وعلى لسان شكسبير الذي يشبّه الحب وما يوحيه من جمال أبدي بأبي الهول وهو يرنو للخلود بعينيه الزائغتين، أقول هي ذلك التمثال الواقف على أعتاب التاريخ مضمخ بحب قادم من الزمن الآتي, روح أضناها الحب والحنان, وقلب منهك من السير في لُجّة الحياة مُتعلق بغصن الأحلام والفرح، احتضن عطر أمومتها المنعش، يا سيدة الطُهر المُعتق بنقاء مُجَلجِلْ، هي جوهرة أو جواهر أو لآليء من حُبْ, مضت مع قافلة ورود الربيع المشبعة حسرة على فراقها، و الفصول الأربعة مجتمعة بكل جمالها ورزانتها تبكيها ..!

لكِ يا جوهرتي …

يا سيدة الكون الفضيّ,

يا صيفية العينين، وقطر الندى،

يا شوق الشوق ..سوف يظل فراقك غصة في القلب وحضور طيفك الذهبي يفتح الذاكرة كالرصاص على كل شيء حولي،, يا قُبلة الحنان فضائي حافل بأشلاء فقدك، ثمة وجوه بلهاء تقودني للتأمل في معنى تائه من معاني الألم المعلق من طرف مشنقة الحزن ليطوي روحي حد الانكفاء لأعيش حياة بتراء لها ملامح حب لا يزيده الزمن إلا تأجيجاً,, لكِ يا أمي جنة تشتهيها روحك الطاهرة المغموسة بالحب.اللهم اغفر لوالدتي.

تقول زينب: هناك شيء مفقود في قلبي ووجع مبرح يأبى أن يتحرك.

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة