Culture Magazine Thursday  04/11/2010 G Issue 322
فضاءات
الخميس 27 ,ذو القعدة 1431   العدد  322
 
مداخلات لغوية
القوزي والفصحى والإعلام
أبو أوس إبراهيم الشمسان

الأستاذ الدكتور عوض بن حمد القوزي عالم من علماء اللغة العربية عضو المجمع اللغوي وهو الجندي الذي نذر نفسه لخدمة اللغة العربية الفصيحة والذود عنها، وهو ذود عن بصيرة كتب بخط يده «حبنا للعربية لا يدعونا إلى التقعر بألفاظها.. وينبغي ألا يحرمنا من الاقتراض اللغوي.. وألا يحرمنا من تعلم اللغات الأجنبية.. وحبنا للفصحى لا يلغي اعترافنا بأن نسبة كبيرة من الألفاظ في العاميات هي فصيحة».

ألقى الدكتور القوزي في يوم الاثنين 10-11-1431هـ محاضرة عن «الفصحى وتحديات الإعلام» بين فيها قدم هذا التحدي بوحي من دعاة التغريب الذين اتخذوا الإعلام للدعوة إلى العامية بدلاً من الفصحى، وحاولوا إقناع المثقفين بفضل العامية وسهولة الكتابة بها، ودعوا إلى أن يستبدل بالحرف العربي حرفًا لاتينيًّا، ثم كان لاتساع الاتصال بالغرب أن دخلت الرطانة في ثنايا الخطاب تباهيًا بمعرفة لغة أجنبية، وهذا الذي يرفضه الغيورون على لغتهم يرونه نذير ضعف الشخصية. والإعلام الذي هو لسان الأمة المعبر عن آمالها وآلامها سعى إلى هدم صروحها وتقويض أركان لغتها فهذه الهجنة اللغوية قطعت أوصال العروبة وفصحاها، وعمت اللغة الملحونة وسادت العاميات المفرقة بين الشعوب، صارت الفصحى هي الاستثناء والعاميات هي القاعدة، ولم تسلم الصحافة من هذا الداء فصار يكتب بالعامية وبلغة هجينة بل أفردت صفحات للآداب الشعبية والفلكلور. ويستدل الأستاذ لما تعانيه الفصحى من اغتيال الإعلام لطهرها بتلك المؤتمرات والندوات التي تقام كل عام للمنافحة عن تلك اللغة. وعلى الرغم من أن على الإعلام رسالة ثقيلة تجاه المجتمع وثقافته تخلى عنها؛ فنراه ينشر العاميات ويشيع التلوث اللغوي، كل ذلك على الرغم من أن الدساتير المدنية العربية تفرض على الإعلام اللغة العربية الفصحى، والقرارات تمنع انتشار الإعلانات باللغات الأجنبية. ويتساءل بحسرة «ولست أدري متى نستعيد ثقتنا بأنفسنا، ونأخذ مكاننا اللائق بين شعوب العالم؟!».

تلك كانت صرخة من صرخات تتعالى من أفواه المجاهدين في وجه الريح العاتية والإعصار الذي يعصف بالأمة، ليس الإعلام تسلية بريئة عابرة بل هو المسيطر على عقل الأمة وأفئدة أبنائها، فهو الآن ولي تربية الأجيال، تولى تربية الأبناء في البيت والمدرسة ملغيًا أثرهما، وما لم تتنبه الأمة للخطر المحدق فإنها صائرة إلى التشرذم والقطيعة متى استفحلت العاميات وأخذت طريقها إلى الاستقلال لتكون لغة مختلفة عن أختها؛ فتلقى الفصحى من المصير ما لقيته اللاتينية المنقرضة، وإن لغة لا يتكلمها الناس في الشوارع والأهل في البيوت والمزارع لغة منقرضة أو في حكمها.

الرياض
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة