Culture Magazine Thursday  07/01/2010 G Issue 293
فضاءات
الخميس 21 ,محرم 1431   العدد  293
 
أيام لا تنسى مع الشاذلي
د.أبو زكريا صالح الحجي

كنت في زيارة للصديق الأستاذ الدكتور تركي بن سهو العتيبي، وساق لي خبر وفاة الأستاذ الدكتور حسن الشاذلي فرهود قبل أيام قليلة.

وكان للخبر وقعه الشديد في نفسي، ولكن التسليم بأن الموت حق على الجميع جعلني لا أملك سوى التضرع إلى المولى أن يغفر له ويرحمه رحمة واسعة.

ولما علمت أن ملحق (الثقافية) لجريدة (الجزيرة) سوف يُخصِّص صفحات عن الفقيد تاقت نفسي لأن أسهم بهذه السطور وفاءً لذكراه، رحمه الله.

لقد عرفت الأستاذ الدكتور حسن الشاذلي فرهود في بداية دراستي في كلية الآداب - جامعة الملك سعود، وكان من خيرة من أفدنا منه في مجال النحو والصرف، ثم اقتربْتُ منه أكثر حين شرُفت بالعمل رئيسًا لقسم المخطوطات بمكتبة الجامعة (عام 1393هـ) فور تخرجي في الكلية، وكان هو مكلفاً من إدارة الجامعة بالإشراف على القسم، لكن مدة إشرافه بعد ذلك لم تدم طويلاً، بناءً على طلبه؛ للتفرغ للمهمات الأكاديمية والانصراف إلى نشاطه العلمي في التحقيق والتأليف، ولن أنسى ما صرح لي به في ذلك الحين بأنه سيترك الإشراف على القسم المذكورة، مطمئنًا إلى أهلية شخصي الضعيف لتحمل المسؤولية؛ مما كان له الأثر الكبير في مسيرتي الوظيفية، انطلاقًا من هذه الثقة الغالية. وأشهد الله أنه في الفترة التي عاصرته فيها مشرفًا على القسم كان خير معين لي، بعد توفيق الله، ولا سيما أنني حينذاك كنت موظفاً مبتدئاً ومؤتمناً على تراث علمي نادر؛ فكانت توجيهاته دروساً ساعدتني في بلورة النظرة الواجبة للعمل على أنه استشعار للأمانة وإحساس بالمسؤولية وتحسس للواجب، وليس مجرد أن «يَعُدّ الموظف أيامًا ويقبض راتباً»، وهو ما استحضرته على مدى أربعة وثلاثين عاماً قضيتها خادماً للمخطوطات في أم الجامعات السعودية. إنْ كان هذا العَلَمُ لم يَلقَ كلَّ ما استحقه من مظاهر التكريم والتقدير في حياته، ولا سيما من الجهات العلمية والمؤسسات الثقافية، فإن ما يثلج الصدر ما قام به نخبة من الأساتذة (هم: أبو أوس إبراهيم الشمسان، وتركي العتيبي، وعوض القوزي، ومحمد الحربي)، من إهداء الفقيد جملة أبحاث علمية أصدروها - قبل عامين - في كتاب وَسَمُوه (بالشاذليات)، أثابهم الله على هذا الصّنيع. كما أن الشكر يقدم أجزله للقائمين على مجلة (الثقافية) الذين بادروا بهذا الوفاء المتميز، وأخص بالامتنان الأستاذ الدكتور إبراهيم الشمسان على ما بذله ويبذله من جهد تجاه الفقيد.

رحم الله الأستاذ الدكتور حسن شاذلي فرهود، وألهم ذويه الصبر، ونفع بما أثرى به ساحة العلم من آثار جليلة، وحسبه أن مريديه قد حفظوا له الودّ الصادق حيًّا والذكرى العطرة ميتاً.

الرياض

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة