Culture Magazine Thursday  07/10/2010 G Issue 318
أفق
الخميس 28 ,شوال 1431   العدد  318
 
مقاربة
الشاعر سعود الفرج في «معزوفة عشق»
اتكاءٌ على رويّ حكاية الشاعر والبحر
عبدالحفيظ الشمري

يقدم الشاعر سعود بن عبدالكريم الفرج لثلاثية البحر والإنسان والنوارس الكثير من المشاهد الإنسانية المعبرة، حيث يختط من خلالها منهج البوح الوجداني، ويصوغ القصائد من مقولات العشق، بل يهجس كثيراً بلوعات الإنسان الذي لا يجد غير البحر ملاذاً.

ديوان الفرج «معزوفة العشق» اتكاء لازم على رَوِيُّ الحكاية الأبدية بين الشاعر والبحر، حينما يبث «الفرج» لوعة شعره في مدخل الديوان كجزء من رسالة الشاعر في بناء الخطاب الجمالي للقصيدة الرقيقة والبحر الفاتن.. ذلك الذي يستميل في ترانيمه القارئ، ويستدرجه نحو مضان القراءة الهادئة والتأمل الوجداني المحلق.

تتولى القصائد في مستهل الديوان قصيرة ومقتضبة ومؤرخة في زمن بوحها على نحو قصيدة «أي أنثى» حيث تحمل هذه التلويحة الشعرية معاني المعاناة للشاعر الفرج ومنهجه في بناء القصيدة حينما تتقاطع سياقات أنثوية المكان مع أنثوية الإنسان لتخلد رمز الانجذاب نحو الجماليات الخالدة في الوجدان.

خطاب الرسائل يسيطر على قصائد الديوان، حيث تتوامض الإحالات الشعرية نحو كل أمر يشغل الشاعر لتخرج هذه الرسائل مفعمة بالبوح الوجداني الذي يعبر عن كل قضية على حدة، منشغلاً في ذات الوقت بالذاتيات على نحو قصيدته «لا تقلقي» حيث يدير شؤون لواعجه على هذا النحو الاستدراكي المفعم بالثقة:

«وأنا وإن

كان الزمان معاندي

تبقين «شهدي»

بلسمي وحنيني

تبقين أنت

لذا الوجود خمائلي

تزداد سحراً

في رؤاك عيوني»

فحينما يحيلنا الشاعر في قصائده إلى القلب لكي نحاوره لا بد لنا أن نجزم بأن قلب الشاعر وهواه مفعم بثلاثية البحر والإنسان والنوارس ، فالأول هو الهاجس الحاضن للمشاعر والنوارس وإن اختفت لفضاً في الديوان فإنها تظهر جميلة رشيقة في وصفيات «شهد».. ملهمة الشاعر ومكنون بهجته وهيامه، إذ لم تخلو جل القصائد من حضور أنثوية «شهد» وكأنها نورس المساء الجميل قرب بحر يعشقه الشاعر و يصاحبه منذ أن أدرك الدنيا، أما الركيزة الثالثة في شعرية القصائد فإنها ترمز للإنسان وولعه بالمكان الذي يخلد إليه الشاعر وينطلق منها كما للنوارس أن ترتحل عنها فجأة إلا أنها لا تلبث إلا وتعود أدراجها.

فالبطلة أو الملهمة «شهد» في جل قصائد الديوان تحمل في مكامن جمالها، وعذوبة أوصافها الكثير من العذاب اللذيذ للشاعر الذي لا يجد بدا من البوح اللاعج لما آلت إليه العلاقة بينهما، لتأخذ «الملهمة» زمام المبادرة فتثخن جراح فؤاد الشاعر بل تجعله سهل القياد، حالما التفكير رغم ما يلوح فيه من قدرات خارقة وثبات كبير سرعان ما يتهاوى أمام طغيان الجمال في تفاصيل هذه العلاقة الحميمة بين المحب ومحبوبته على لسان الشاعر الفرج الذي لا يترك أي صغيرة أو كبيرة في تفاصيل العلاقة إلا ويسجلها ويصور أبعادها ليثير في القارئ مكامن الولع:

«ويمسي القلب مفتوناً

من الهجران يَنْهَدَُ

حرام في الهوى العذري

طال الهجر والصد

فهلا نلتقي يوماً

ويزهو الوعد والود

وأنت النور يا «شهد»

متى غنى بك الورد»

يعد ديوان الشاعر الفرج «معزوفة عشق» ارتحال جميل بين المعاني والصور في لغة شعرية رقراقة آسرة تثير في القارئ الشجن الجميل لتجدد في الروح صهيل الشعر، وتقرب للذائقة فنون الإبداع الشعري الذي تمكن منه هذا الشاعر ونهل منه.

* * *

إشارة:

معزوفة العشق (ديوان)

سعود بن عبدالكريم الفرج

دار الكفاح - الدمام - 1431هـ

يقع الديوان في نحو (166صفحة) من القطع المتوسط

سبق هذا الديوان بعدة أميال شعرية

/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة