Culture Magazine Thursday  10/06/2010 G Issue 314
الثالثة
الخميس 27 ,جمادى الآخر 1431   العدد  314
 
إمضاء
المتفاعل بصمت

كنا أقرب إلى الطفولة حين جاء إلى مدينتنا محاضراً في موضوع علمي أُنسيناه حتى بعثته صفحة «زمان الجزيرة» فاستعدنا عنواناً ما كان لنا به شأن لولا أنها معادلة التربة والتربية التي مثل لها العامل الثقافي شأناً يميز فيه الفتى النابه من سواه، وما كنا نود أن نوصم بالخاملين.

كان المشهد مزدحماً بالحضور من الكبار، ولأن المقاعد لا تتاح للصبية فقد وقفنا ننظر وننتظر ولم نفهم شيئاً غير أن قد كفتنا المشاهدة؛ فالدكتور، العميد، المتخصص في الكيمياء، والغاز، والصناعة عناوين تجتذبنا لمزيد من التحاور كما التخابر.

لم نكن نعرف عن الغاز سوى منظر لهبه مشتعلاً على مشارف المنطقة الشرقية، وكنا نعرف أنه الهدر في زمن القحط، وليس بيدنا سوى أن نتابع؛ فلا العمر يأذن، ولا الكُتَّاب ينوبون، وقدَّرنا أن محاضرته ستشفي شيئاً من الهم المستتر في النفوس المتطلعة.

يتردد اسمه كثيراً في مذكرات الدكتور الخويطر، وتبدو صوره «الطبيعية» النائية عن المظهرية معبرة عن شخصيته حين بدا مساعداً قريباً من وكيل جامعة الملك سعود آنذاك، صاحب «الوسوم الموشومة على أديم الزمن»، وفهمنا أنه ثاني سعودي يحصل على درجة الدكتوراه؛ حيث حازها قبل خمسين عاماً تقريباً (1962م) في الكيمياء الفيزيائية من جامعة «برمنغهام» البريطانية.

نصف قرن من العطاء العلمي المتصل، ومع ذلك لا نجد له إسهامات تأليفية منشورة سوى مقالات متناثرة قليلة، أما الأبحاث المحكمة فسلبيتها اقتصار نشرها في الدوريات المحكمة وعدم وجود مجلات «سيارة» تلخصها وتقربها من أذهان غير المتخصصين، وهنا تبدو قيمة الالتفات إلى توثيق العمل العلمي وجمعه ووضعه في متناول الباحثين، وبخاصة أن الزمن الماضي لم يأذن بمحركات بحث تسجل الحركات والسكنات.

ولإدراك الحقيقة السابقة فإن شخصية ممتلئة كالممضى عنه لا نجد عنها ما يفي ويشفي في وسائط البحث المعتادة، وهو ما يعني - بالضرورة- التفات الإنسان لنفسه، وجمع أبحاثه ومقالاته، وكتابة سيرته الشاهدة على مرحلة خصبة في مراحل التأسيس العلمي والثقافي في بلاد ناشئة تتعلم من تجاربها.

الأستاذ الدكتور رضا محمد سعيد عبيد (1936م المدينة المنورة) تخرج في مصر وبريطانيا، وعمل أستاذاً وعميداً لكلية العلوم في جامعة الملك سعود، ورئيساً للمركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا (مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية حالياً)، ويقال: إنه سعى لإدخال توظيف الطاقة النووية خلال أعوامه الستة (1978-1984م)، حتى عين مديراً لجامعة الملك عبدالعزيز، وقد وردت الإشارة إليه في كتابات الدكتور عبد الله الغذامي حين اتهمه الأستاذ محمد عبدالله مليباري - رحمه الله - بالسرقة العلمية؛ فطالب الغذامي الدكتور عبيد بالتحقيق معه، وأكد أنه لن يكون كفؤاً للتدريس قبل أن تصل اللجنة لقرارها الذي وثق منهجية الغذامي وعلميته وتأصيله ونشر ذلك في الصحافة حينها، وكذا كان الغذامي كبيراً وعبيد عادلاً.

عشر سنوات أمضاها في جامعة الملك عبد العزيز، ثم في الدورة الأولى لمجلس الشورى، وهو - اليوم - رئيس مجلس إدارة مؤسسة اليمامة الصحفية، ولديه أوسمة من الصين وفرنسا وألمانيا، وربما نلتفت لتكريمه في محافلنا الرسمية حين يجد العلماء التقنيون والطبعيون مكاناً لهم داخل الدوائر الثقافية والمهرجانات والمؤتمرات الجماهيرية.

الإنجاز يختفي فكيف نحتفي؟

Ibrturkia@gmail.com
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة