Culture Magazine Thursday  11/03/2010 G Issue 301
أنهار
الخميس 25 ,ربيع الاول 1431   العدد  301
 
يتشابهون و أنتَ استثناء
أشجان محمد هندي

الأرضُ أرضٌ، و السماءُ سماءُ

و البحرُ بحرٌ، و الجداولُ ماءُ

الليلُ يعقُبُهُ النهارُ مودِّعًا

ما مرّ يومٌ ليس فيه مساءُ

الصمتُ كالصوتِ المدثَّرِ بالصدى

و الوقتُ أحداثٌ لها أصداءُ

الوردُ وردٌ إنْ تخبّأَ، أو بَدَا

والنرجساتُ الفاتناتُ سواءُ

الياسمينُ -على الغصونِ- نقاؤهُ

مُتشابهٌ، و الياسمينُ نقاءُ

الزنبقُ البريُّ يُشبهُ بعضَهُ

و النايُ و اللحنُ الحزينُ غِناءُ

مُتشابهٌ فرحُ الحمامِ و نَوْحُهُ

طربُ الحمامِ على الغصونِ بكاءُ

مُتشابهٌ دمعُ البنفسجِ و الندى

مُتشابهٌ وجهُ الردى و الداءُ

الناسُ و الأفلاكُ تُشبهُ بعضَها:

الخَلْقُ أشباهٌ لها أسماءُ

كُتلٌ من الذرّاتِ، أجسادٌ بها

تسري على هَدْي الدماءِ دِماءُ

مُتشابهُ الأرواحِ يلحقُ بعضَهُ

للنسْرِ ما بين النسورِ فضاءُ

إنْ قيل: تعلو بالرجالِ مروءةٌ:

قممُ الجبالِ أنوفُها شمّاءُ!

أو قيل: حُسنٌ في النساءِ مُحيِّرٌ:

منذُ الخليقةِ و النساءُ نساءُ!

تتشابهُ الأشياءُ: أين جديدُها؟

أين الجديدُ و كُلُها أشياءُ؟

الإختلافُ هو ائتلافٌ بَيِّنٌ

من قلبِ ضوءٍ تُولدُ الظلماءُ

يمضي الزمانُ و خيرُهُ في شرّهِ

يمضي و نمضي و الرحيلُ بقاءُ

سننُ التقلّبِ في الحياةِ تَشابُهٌ

يطوي بهِ وجهَ الوداعِ لقاءُ

القلبُ للدمعِ المُسهَّدِ راحةٌ

و الدمعُ للقلبِ الحزينِ شفاءُ

وجعُ المدائنِ يُشبهُ الوجعَ الذي

باحتْ بهِ لرمالها الصحراءُ

إنْ قُيِّدَتْ أرضٌ، و ضاقَ فضاؤها

يتشابه السجناءُ و الطُلقاءُ

أيامُ عُمرِ الدهرِ تُشبهُ بعضها

تبكي على سودائها البيضاءُ

لا شيء مُختلفٌ: جنونٌ واحدٌ

موجُ الجنونِ يقودُهُ عُقلاءُ!

يتشابهُ البحرُ الطويلُ و جَزْرُهُ

و المَدُّ في البحرِ القصيرِ عطاءُ

المدُّ مُشتدٌّ، و شِعريَ عاجزٌ

و الليلُ مُسودٌّ و بي إعياءُ

يتشابهُ الشعرُ الحزينُ و أدمعي

يتشابهُ النُّقّادُ و الشعراءُ

مُتشابهٌ إسمي و شِعري و الأسى

و حروفُهم و نقاطُها السوداءُ

لا إسم يُستثنى سوى غازي الذي

فتحَ الحروفَ فكان (الاستثناءُ)

رَقَصَ الغناءُ على الحروفِ و هزّها

فتراقصتْ بكفوفها الحنّاءُ

إنْ أورَقَتْ بالشعرِ أغصانُ الهوى

فبشِعرِ غازي أورَقَتْ رمضاءُ

غازي القوافي من لهُ الشعرُ انحنى

جذلانَ؛ يقطفُ منهُ كيف يشاءُ

يا مازجَ الحرفِ المُفضضِ بالسَنا

من ها هُنا تتوضّأُ الأضواءُ

من ها هُنا من ضوءِ حرفِكَ قادني

للشعرِ في ليلِ النجومِ نِداءُ

فصمتُّ أُنصتُ للضياءِ مُغرِّدًا

و الصمتُ في حَرَمِ البهاءِ بهاءُ

و تعلّقتْ بالروحِ أمواجٌ على

أصدافِها تتراقصُ الأنواءُ

قَدَرُ النوارسِ شاطئآنِ و موعدٌ

و قصيدتانِ و شمعتانِ تُضاءُ

قَدَرُ النوارسِ أنْ تُفارقَ لحنَها

و تئنُّ حين يُفارقُ الميناءُ

تطوي عليهِ القلبَ تتبعُ وجهَهُ

تبكي عليهِ و في الدموعِ رجاءُ

قَدَرُ النوارسِ رحلةٌ لا تنتهي

سَفرٌ يُضيءُ لهُ الطريقَ شقاءُ

لكنّما أملُ النوارسِ غيمُهُ

قمرٌ تقطّرَ وجهُهُ الوضّاءُ

يا غازيَ: الميناءُ يسألُ حائرًا

عنكَ الشموسَ، و تسألُ الأرجاءُ

و تَبَسُّمُ الصبحِ البهيِّ مُكللاً

بالوردِ يسألُ عنكَ، و الأحياءُ

تفديكَ روحُ الأرضِ، رَفَّةُ رمشِها

إنْ كان للألمِ الشجيِّ فِداءُ

يفديكَ مِنْ وجهِ الكرامةِ وجهُها

يفديكَ من شِيَمِ الإباءِ إباءُ

يفديكَ نُبْلُ الرملِ؛ صَعَّرَ خدَّهُ

ليدوسَهُ الشرفاءُ و الجُبناءُ

عُد للنخيلِ، فعنكَ يسألُهُ الجَنى،

وجهُ المنى، و الروضةُ الغنّاءُ

عُدْ للرياضِ أعِدْ حنينَ شتائِها

يشتاقُكَ الصمّانُ و الدهناءُ

يشتاقُكَ الرملُُ الذي فارقتَهُ

تشتاقُ همسَكَ خيمةٌ و خِباءُ

عُدْ للشواطئ مثلما غادرتها

فالعَوْدُ أحمدُ والبلاءُ قضاءُ

عُدْ مثلما غادرتَ وجهًا باسمًا

روحًا يُقاسمها الصفاءَ صفاءُ

إنْ غِبتَ يا غازي تغيبُ شموسُنا

و يُعانقُ الليلَ الطويلَ فناءُ

أو عُدتْ غازي للمغازي سالمًا

عادتْ تُراقصُ عقدَها الحسناءُ

غازي الذي ملأ الدُنى، و تناقلتْ

أخبارَهُ الأصحابُ و الأعداءُ

غازي الذي أثنى عليهِ خصومُهُ

و القَدْحُ لو تدري الخصومُ ثناءُ

لا تستوي شمسُ النهارِ و ظلُّها

لا يستوي العقلاءُُ و السُفهاءُ

لا يستوي البحرُ العميقُ و جدولٌ

لا يستوي العلماءُ و الجُهلاءُ

لا يستوي الشعراءُ و النكراتُ بل،

لايستوي الأُصلاءُ و الدخلاءُ

غازي اختلافُ الشعرِ؛ يُدْرَكُ

عندما يتماثلُ الأشباهُ و النظراءُ

أو يستوي غازٍ و مَنْ لم يَغْزُ، أم

هل تستوي السرّاءُ و الضرّاءُ؟

غازي الذي إنْ قيل: غازي أنصتتْ

كلُّ الدُّنى، و توحّدَ الفُرَقاءُ

غازي الذي شهدَ الزمانُ و أهلُهُ

أنْ ليس كاستثنائهِ استثناءُ

عافاكَ مَنْ أحياكَ مِنْ عَدمٍ و مَنْ

سجدتْ لهُ الأمواتُ و الأحياءُ

وشفاكَ مِنْ سَقَمٍ و أكملَ فضلَهُ

فالداءُ إنْ شاءَ الإلهُ دواءُ

دُمْ بهجةً غنّى الهوى في روضِها

من حَوضِها يسقي النعيمَ هناءُ

غِيظَ الخصومُ، تشابهت أقوالُهم

و الحقدُ في بعضِ الخصومِ غباءُ

قالوا: مدحتُكَ قلتُ: أُعلنُها هنا

و لسوف أمدحُهُ و حينَ أشاءُ

و نعم: سأطري ما يُشابِهُ إسمَهُ

و لمثلِ غازي ينحني الإطراءُ

و نعم: و شِعري لا يُخبِّئُ وجهَهُ

إنْ غابَ إسمي يحضرُ الإمضاءُ

إنْ يبصموا أمضي و حينَ تلعثموا

كنتُ الهِجاءَ و للحروفِ هِجاءُ

شرفٌ لعِطْرِ الشعرِ أنْ يرضى بهِ

غازي، و إنْ يرضى؛ فذي نَعْماءُ

و نعم: و مَنْ سوّاكَ يا غازي ال

ذي في وصفهِ يتحيَّرُ البلغاءُ

مَدحُ اختلافِكَ عن سواكَ فضيلةٌ

و الصمتُ عنهُ جريمةٌ نكراءُ

إنْ كانت النكِراتُ تصنعُ مجدَها

فالمجدُ يصنعُ مجدَهُ العظماءُ

جدة مارس 2010
/td>

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

البحث

أرشيف الأعداد الأسبوعية

ابحث في هذا العدد

صفحات العدد

خدمات الجزيرة

اصدارات الجزيرة